في تحذيرٍ يعكس القلق الأوروبي المتصاعد من عودة سباق التسلّح النووي، دعا وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، اليوم الخميس، كلاً من الولايات المتحدة وروسيا إلى الامتناع عن استئناف التجارب النووية، مشدّدًا على ضرورة الحفاظ على التجميد القائم منذ عقود والذي يشكّل أحد ركائز الأمن الدولي.
وجاءت تصريحات فاديفول خلال مؤتمر صحفي في العاصمة السورية دمشق، حيث قال إنّه "من الأهمية بمكان أن تلتزم الدول الخمس المالكة للأسلحة النووية بتجميد التجارب، وأن تواصل هذا الالتزام بوصفه ضمانة أساسية للاستقرار العالمي"، مضيفًا أن ذلك يشمل أيضًا كوريا الشمالية، "البلد الوحيد الذي أجرى تجارب نووية فعلية في القرن الحادي والعشرين".
تصريحات الوزير الألماني جاءت ردًا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر منصته "تروث سوشيال"، عن خطط لاستئناف التجارب النووية في الولايات المتحدة لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود، مبرّرًا ذلك بأن دولًا أخرى – لم يسمّها – تواصل تطوير برامجها التجريبية. ولم يوضح ترامب نوع التجارب أو طبيعة الأسلحة التي يعتزم اختبارها.
وقد أثار هذا الإعلان صدمة في الأوساط الدولية، إذ اعتبر مراقبون أنّه يقوّض معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT) التي وإن لم تدخل حيّز التنفيذ الكامل، تمثّل أحد أهم الأعمدة غير الرسمية للردع المتبادل بين القوى النووية.
في المقابل، ألمحت روسيا إلى أنّها قد تدرس استئناف تجاربها النووية ردًا على التوجّه الأمريكي، في تطوّرٍ يُنذر بإطلاق سباق تسلّح نووي جديد reminiscent of (يشبه) حقبة الحرب الباردة.
وأكد فاديفول أنّ برلين تسعى للحصول على توضيحات مباشرة من واشنطن بشأن نواياها، قائلًا: "من الضروري أن نفهم بدقة ما يقصده الرئيس الأمريكي، وسنناقش هذا الملف مع شركائنا في الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي".
كما دعا الوزير الألماني المجتمع الدولي إلى تحرّك دبلوماسي عاجل للحفاظ على نظام الحد من التسلّح ومنع انهيار الأطر القانونية التي تنظّم الأمن النووي العالمي. وأضاف أن "استئناف التجارب النووية لن يجعل العالم أكثر أمنًا، بل سيدفعه إلى مرحلة جديدة من الشكوك وانعدام الثقة بين القوى الكبرى".
ويأتي هذا الجدل في وقتٍ تشهد فيه العلاقات بين موسكو وواشنطن توتّرًا متزايدًا على خلفية الحرب في أوكرانيا، وانهيار عددٍ من الاتفاقيات النووية السابقة مثل معاهدة "ستارت الجديدة" واتفاقية الصواريخ المتوسطة المدى (INF).
ويرى محلّلون أنّ أي خطوة أمريكية باتجاه استئناف التجارب قد تُستغل سياسيًا من قبل روسيا والصين لتبرير توسيع ترسانتيهما النوويتين.
ويخشى خبراء الأمن الاستراتيجي من أن تؤدي هذه التطورات إلى تآكل منظومة الردع المتبادل التي ضمنت لعقود توازن القوى النووية، محذرين من أن أي تجربة جديدة – ولو محدودة – قد تفتح الباب أمام موجة تسليح جديدة تتجاوز المعايير المتفق عليها دوليًا.
 
         
         
         
         
         
                         
                         
                     
                                             
                                        

 
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                         
                         
                         
                                 
                                 
                                 
                                 
                             
                             
                             
                     
                     
                     
                    