الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سياسة أردوغان الجديدة.. تضخيم المشكلات مع الجيران والصراع إذا لزم الأمر.. دفع اللاجئين للموت على أبواب اليونان لتحقيق دعاية فاسدة بحجة إدلب السورية

اشتباكات  بين المهاجرين
اشتباكات بين المهاجرين وقوات الأمن

  • تركيا تعطي الضوء الأخضر للمهاجرين ليموتوا بأوروبا
  • اليونان تنهي سنوات ضيافة اللاجئين: "لا مكان لكم على أراضينا"
  • مواطنو ألمانيا يدعون الاتحاد الأوروبي إلى استقبال طالبي اللجوء


في الأسبوع الماضي، أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورقة اللعب بأزمة المهاجرين واللاجئين، مستخدمًا إياها من جديد ضد أوروبا، زاعمًا أن أوروبا لم تدفع ما عليها من مستحقات مالية، مجددًا الانقسامات من جديد في القارة العجوز، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام أوروبية.


ترى اليونان - التي تكافح من أجل التعامل مع موجة جديدة من اللاجئين - إنها أثبتت  مكانتها الإنسانية خلال أزمة عام 2015، لكنها وصلت إلى مرحلة الاكتفاء، ملقية باللوم خلال الأزمة الحالية على تركيا التي شجعت المهاجرين على الذهاب إلى الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن الأمر سياسي محض.


قبل خمس سنوات، استضافت اليونان موجة ضخمة من المهاجرين في ذروة الحرب الأهلية السورية، ولكن اليوم، لم تعد  بمفردها مستعدة للاجئين جدد يبحثون عن حياة جديدة.


وعزا الخبراء، ذلك إلى حد كبير، لمسار النمو الاقتصادي المتخبط إلى جانب تحمل الشعب اليوناني لسنوات من التقشف بعد الأزمة المالية، ووصلوه لحد الاكتفاء من اللاجئين.


ووصل ما يقرب من مليون لاجئ إلى الجزر اليونانية من بحر إيجه، في نزوح عام 2015 ، وتوجه كثير منهم إلى أوروبا.


ولكن بعد أن منحت تركيا الأسبوع الماضي الضوء الأخضر للمهاجرين ليذهبوا لأوروبا، تغيرت المشاعر في جزيرة ليسبوس برفض استقبال المهاجرين، كونهم يستضيفون بالفعل آلاف المهاجرين.


وقال فيليبا تشاتزيستافرو، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أثينا: "في آخر مرة، كان الناس يأملون في أن تتوقف حكومة اليسيس تسيبراس اليسارية، برؤيته الإنسانية عن اللاجئين، عن التقشف".


بدلًا من ذلك، استمرت مشاكل اليونان الاقتصادية.


اليوم، كما يقول تشاتسيستافرو، لا يزال العديد من اليونانيين يحاولون تجميع أنفسهم للوقوف من جديد في بيئة سياسية شديدة التعقد.


وقال كوستاس فيليس، مدير معهد العلاقات الدولية في اليونان، إن موجة الهجرة الأولى كانت "عفوية"، حيث فر الناس من سوريا.


وأضاف: "أما الموجة الحالية اليوم، فتقف تركيا وراءها".


ترى أثينا أن قرار أنقرة بفتح بوابات الخروج هو "سلاح سياسي"، وكانت نتائجه تتمثل في رؤية نحو 13 ألف شخص تجمعوا في غضون 48 ساعة على الموقع الحدودي في كاستانس.


بالنسبة إلى تشاتسيستافرو فإن "تركيا، التي تسعى للحصول على دعم غربي (في سوريا)، تتصرف بشكل أكثر عدوانية من خلال المهاجرين،  لتغيير ميزان القوى".


وعزز رئيس الوزراء اليوناني المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس - الذي اتخذ موقفًا متشددًا بشأن الهجرة منذ توليه منصبه في يوليو الماضي- الوجود الشرطي والعسكري على طول نهر إفروس (ميرك في تركيا) الذي يمتد عبر الحدود لمنع "الغزو" من المهاجرين والتصدي للتهديدات.


وقال فيليس إن الحكومة والإعلام والمواطنين على حد سواء، صار لسان حالهم يقول بوقف وصول اللاجئين، وعززت الموجة الأخيرة من هذه المشاعر.


وفي الوقت نفسه، أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه القوي لليونان، التي أصبحت العام الماضي مرة أخرى الميناء الرئيسي لطالبي اللجوء في أوروبا في الوقت الذي تعاني من ظروف صعبة بالفعل في المخيمات المثقلة بالبشر من الذين وصلوا سابقًا.


وحذرت ماريا ستراتيجاكي، أستاذة السياسة الاجتماعية بجامعة بانتون بأثينا: "خلال خمس سنوات، نفد صبر  اليونان وهذا يفتح الباب أمام العنف والخطاب العدائي".


والمشكلة الحالية هي أن تركيا تستخدم أشخاصًا من أفغانستان وباكستان وأفريقيا لوضع (اليونان) تحت حصار اللاجئين.


من ناحية أخرى مقابلة، وبينما طالب اليونانيون بإبعاد اللاجئين، طالب غيرهم في ألمانيا باستقبالهم.


وخرج  الآلاف في مظاهرات في العاصمة الألمانية برلين مطالبين الاتحاد الأوروبي بقبول طالبي اللجوء على الحدود مع اليونان.


في تجمع كبير نظمته حركة سيبروك، انتقد المتظاهرون سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي بشعارات تدعو إلى فتح الحدود واتخاذ إجراءات لمساعدة طالبي اللجوء.


وقال أحد المتحدثين في المظاهرة: "نحن نعلم أن هناك مساحة في ألمانيا لطالبي اللجوء الذين غُرقوا وأُذِلوا وتعرضوا للتعذيب والقتل على الحدود اليونانية".


وأعلنت حركة سيبروك Seebrucke أن 4000 شخص حضروا المظاهرة، كما حضر 5000 شخص آخر مظاهرة مماثلة في هامبورج، وقالوا إن الاتحاد الأوروبي فشل في الوفاء بوعوده بدعم المهاجرين في تركيا، أعلنت أنقرة مؤخرًا أنها لن تحاول منع طالبي اللجوء من الوصول إلى أوروبا.


وأمام هذه الأزمة، تقول صحيفة "قبرص ميل"، إنه لا يمكن لتركيا لعب الدومينو مع اللاجئين على الحدود مع اليونان، حيث تشجع دولة أردوغان اللاجئين على الهجرة كوسيلة لتحقيق غايتها، وهذا أمر خاطئ يجب التراجع عنه بعد وقف لإطلاق النار في سوريا.


وأضافت الصحيفة أنه ليس من العدل  أن يتحمل سكان الجزر في بحر إيجه وحدهم المشكلة.


وتتبع تركيا الآن سياسة تكبير المشكلات مع الجيران والصراع إذا لزم الأمر، فبعدما سبق وأن أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الأسبق، أن سياسة تركيا الخارجية "صفر مشاكل مع الجيران"، تبدلت الأمور وأصبحت السياسة الخارجية التركية الجديدة في ظل أرودغان ووزير الخارجية التركي  جاويش أوغلو.


إن الفرار إلى حدود بلد آخر خوفًا من الاضطهاد هو الذي يثير التزامًا بموجب القانون الإنساني الدولي بتوفير الحماية.


لذلك، على الرغم من أن تركيا تستضيف في الوقت الحالي أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، فإنها تقوم بذلك بشكل استثنائي لأسباب خارج نطاق التزاماتها بموجب اتفاقية اللاجئين، والتي كانت موجهة إلى قبول المسلمين الناطقين باللغة التركية من البلقان الذين يرغبون في إعادة التوطين في تركيا بدلًا من المسلمين العرب من سوريا.


لكن حقيقة أن مليون لاجئ آخر يطرقون بابها في شمال إدلب، لا يعني أن تركيا يمكن أن تلعب الدومينو باللاجئين على الحدود مع اليونان، والمطلوب هو اتفاق لحل ذلك.


ولهذا، يعد وقف إطلاق النار في موسكو الخميس الماضي، خطوة أولى جيدة، ويجب أن تكون السياسة المتبعة هي الحفاظ على السلام بأي ثمن، ودعم اللاجئين وفق إطار سياسي شامل.