قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ما بعد كورونا.. هل نتجه إلى عالم أكثر عدالة ورحمة أم أشد قسوة وعنفا.. واقع جديد يولد من رحم الكارثة.. مفاجآت في تنبؤات الخبراء الوردية والقاتمة


الإنترنت يحكم عالم ما بعد كورونا
القلق وتفضيل الوحدة والعزلة سمة تلازم البشر لفترة طويلة
توقعات متناقضة بشأن إعادة تشكل العلاقة بين الشعوب والحكومات
الاطباء والعاملون بالقطاعات الصحية أبطال عالم ما بعد كورونا

كل حدث عالمي على غرار هجمات 11 سبتمبر 2001 والأزمة المالية العالمية عام 2008 يعيد تشكيل العالم ويفرض قواعد جديدة تحكم العلاقات بين مكوناته، ووباء كورونا ليس استثناء من ذلك.

ومن المؤكد أن وباءً يحبس الناس في بيوتهم ويجبر الدول على إغلاق حدودها - ربما لشهور - سيعيد تشكيل علاقات الناس ببعضهم وبالحكومات وبالعالم الخارجي، وكذا علاقات الدول ببعضها.

واستطلعت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية آراء عدد من الخبراء في مجالات مختلفة، توقعوا كيف سيكون شكل الحياة والعلاقات فيها أثناء انتشار وباء كورونا وبعد انحساره.

وقالت عالمة اللغويات ديبورا تانين إن القلق سيكون سمة دائمة ملازمة للبشر بعدما فقدوا الأمان النفسي وصار كل شيء حرفيًا مصدرًا محتملًا للخطر، فالناس قد عرفوا أن ملامسة بعضهم ولمس الأشياء، بل ومجرد استنشاق الهواء في مكان مغلق وسط عدد من الناس قد يكون خطرًا جسيمًا، ولن يكون من السهل أن يتخلص الناس من تشككهم في كل شيء حتى بعد انحسار الوباء، وسيظل الوسواس يدفعهم للإفراط في غسل أيديهم وتعقيم أدواتهم باستمرار.

وسيحل تفضيل الوحدة محل الائتناس بالتواجد وسط الآخرين، خاصة هؤلاء الذين لا تربطهم بالمرء علاقات شخصية، وسيفضل الناس التواصل عبر وسائل الاتصال الإلكترونية بدلًا من اللقاءات الشخصية، وبعدما كانت تلك الوسائل متهمة بتوسيع المسافات بين الناس وبعضهم ربما تغدو الرابط الوحيد الذي يحافظ على علاقاتهم.

وتوقعت الصحفية كاترين مانجو وورد كذلك حدوث ثورة في التعاملات على الإنترنت، كجزء من ميل الناس للانعزال وتجنب اللقاءات الشخصية، فلن يعود الأمر يقتصر على عمليات الشراء عبر الإنترنت، وإنما سيتزايد بشكل كبير طلب الخدمات عبر الشبكة العنكبوتية، مثل طلب النصائح الطبية والتعليم عن بعد، وستضطر الحكومات إلى تكثيف تواجدها وخدماتها المقدمة عبر الإنترنت تلبية للطلب المتزايد على التعاملات في العالم الافتراضي، بما في ذلك بقاء نواب البرلمانات في دوائرهم وعقد الجلسات العامة عبر الإنترنت، وإجراء الانتخابات إلكترونيًا.

وقال أستاذ العلوم السياسية مارك لورنس شراد إن الأطباء والممرضين والعاملين بالقطاعات الصحية سيحظون بمكانة محترمة وتقدير عال بين بقية فئات المجتمع، وسيتم النظر إليهم باعتبارهم محاربين فدائيين يخاطرون بصحتهم وأرواحهم في سبيل إنقاذ الآخرين، وربما تقام التماثيل للمتميزين أو ضحايا الوباء منهم ويتم تخصيص يوم عالمي للاحتفاء بإنجازاتهم وتضحياتهم.

وتوقع أستاذ علم النفس بيتر كولمان اختفاء الاستقطابات والمشاحنات السياسية أو تراجع حدتها على الأقل، فكارثة إنسانية كبرى مثل الأوبئة جدير بها أن تعلم الناس التضامن والتعاون ونبذ الخلافات في مواجهة عدو شبحي مجهول يشمل خطره البشرية بأكملها.

وضرب كولمان مثلًا بفترة القصف الألماني لبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث فوجئت الحكومة البريطانية بما أظهره المواطنين العاديين من الإيثار والتضامن والاستعداد للتضحية في سبيل الغير.

لكن الأثر الضار لكارثة الوباء قد يمتد إلى ما بعد انحساره أيضًا، حيث تسبب الكوارث الكبرى من هذا النوع صدمات نفسية تلقي بظلالها على العلاقات الاجتماعية بين الناس.

وقال المحاضر بالكلية البحرية العسكرية الأمريكية توم نيكولز إن موجة السخرية العامة من الخبراء والمسئولين ستتراجع، وسيعود التقدير والاحترام للخبرات ولمن يتمتعون بها، بعدما كان يُنظر إليهم باعتبارهم أشخاصًا غريبي الأطوار يعيشون في أبراج عاجية معزولة عن بقية البشر.

وطرح أستاذ علم الاجتماع إريك كليننبرج توقعًا متشائمًا مفاده القضاء على النزعة الفردية وتقويض الحقوق الشخصية للأفراد نتيجة تعاظم سلطة الحكومات ولجوئها إلى إجراءات مشددة لمحاصرة انتشار فيروس كورونا، مثل إجبار الناس على البقاء في المنازل وإغلاق المراكز التجارية وحظر التجمعات العامة وفرض سلوكيات وقائية معينة على المواطنين، وقد يكون من أثر ذلك تزايد الطابع الديكتاتوري للحكومات وتوسيع سلطاتها بشكل قد يشكل خطرًا على الديمقراطية حتى بعد انحسار الوباء.

وعلى النقيض من ذلك، رأت الصحفية ميتشيكو كاكوتاني أن الشعوب ستمنح قدرًا أكبر من الثقة والتقدير للحكومات، بعد أن تدرك أنها المؤسسة الأكثر قدرة وفعالية في مواجهة الكوارث الكبرى من هذا النوع، وستخف حدة المطالبات بإبعاد الحكومات عن التدخل في مجالات معينة كالاقتصاد، وربما يتنامى نوع من التقبل لتوسيع سلطات الحكومات في تقييد حريات الأفراد في سبيل حماية المجتمع من أخطار تهدده.

وبدورها طرحت سيدة الأعمال والخبيرة التكنولوجية كاتي أونيل طرحًا مناقضًا لهذا الأخير، فتوقعت أن تشهد عدد من الدول والمجتمعات انتفاضات وثورات ضد الحكومات التي عجزت عن الاستجابة بفعالية لأزمة وباء كورونا، وحتى حكومات الدول المتقدمة التي رصدت بسهولة مبالغ طائلة لمواجهة الأزمة، فحين تعرف الشعوب مدى سهولة رصد الأموال للاستجابة لحالات طارئة سيبدأون بالمطالبة بحقوق مادية وتوزيع جديد للثروات والاهتمام بالفئات الأكثر هشاشة وفقرًا في المجتمعات.

وقالت أستاذة علم الاجتماع ثيدا سكوكبول إن الفجوة بين الأغنياء والفقراء ستتسع في عالم ما بعد كورونا، ففي مقابل قلة من رجال الأعمال والتجار الذين مثلت لهم الأزمة فرصة للتربح ومراكمة الثروات، هناك أغلبية ساحقة من العاملين الذين سيجاهدون للحفاظ على وظائفهم ومستوياتهم المعيشية في ظل إغلاق مؤسساتهم وتوقفهم عن العمل وانقطاع مصادر دخولهم.