غابت الدولة السورية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة طيلة 58 عامًا ، ولكن لأول مرة منذ 1967 سيلقى أحمد الشرع كلمة في الدورة الثمانين للجمعية العامة في هذا الشهر الجاري ، حسب ما قال مسؤول في وزارة الخارجية ، وعلى الرغم من أن العلاقات السورية الأمريكية تشهد ازدهارًا كبيرًا حيث أزاحت الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا ، وتم تجميد قانون قيصر ، وُرفعت هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب ، ولكن تمر سوريا بأزمة سياسية أمنية عسكرية كبيرة لا يدرك خطورتها العالم العربي .
فالمجتمع السوري به العديد من المكونات ؛ الكردية والدرزية والعلويين والشيعة ، فهو مجتمع متعدد القوميات والثقافات والمذاهب ، ولكن كحال كل ما حدث في الدول العربية بعد سقوط النظام وتولي أحد الفصائل المسلحة من الإسلام السياسي زمام الأمور في البلاد ، يبدأ الحديث عن الأقليات ويبدأ التدخل الخارجي بحجة حماية الأقليات ، فالغرب يتحجج بحماية الأقلية المسيحية وإسرائيل تتحجج بحماية الدروز ، والسؤال هنا ؛ كيف كانت كل تلك المكونات من مختلف المذاهب والقوميات مندمجة في العقود السابقة وأصبحت اليوم معضلة كبيرة أمام الدولة السورية ؟ خاصة وأن الأحلام الانفصالية تداعب كل مكون منهم سواء في جنوب سوريا أو شرق الفرات .
وكمحاولة لمداعبة الولايات المتحدة الأمريكية أو التجمل أمام المجتمع الدولي ؛ صرح الشرع وهو زعيم جبهة النصرة سابقًا ، أنه لن يكون امتدادًا للإسلام السياسي ولكن على ما يبدو أنه تصريحًا على مبدأ " أنى لا أكذب ولكنى أتجمل " ، الأزمة الحقيقة في المشهد السوري ليست في الهُوية السياسية لرئيس البلاد الانتقالي ، ولكن في العقد المجتمعي والآلية التي تعيد تلك المكونات لتندرج تحت الدولة السورية ، فالدروز يريدون الانفصال وقوات سوريا الديمقراطية " قسد " لها شروط كثيرة لتندمج في الجيش السوري منها إلغاء كلمة العربية من " الجمهورية العربية السورية " ، الانضمام إلى الجيش ككتل وليس كأفراد ، مما يزيد من تعقيد المشهد .
وهنا لابد أن الدول العربية وجامعة الدول العربية تلتفت إلى المشهد السوري وتقدم للشرع الاستشارات السياسية والأطروحات العربية في كيفية دمج هؤلاء سياسيا وثقافيا واجتماعيا ، فلو حدثت أي محاولة للانفصال في سوريا سيكون لذلك تأثير سيئ على كل بلدان الوطن العربي ، كما سيُعتبر ذلك انتصارًا خفيا لفصائل الإسلام السياسي التي لا تعترف بمفهوم الدولة بل بمفهوم الخلافة حيث تنصهر الحدود وتختفي الثقافات والهُويات الوطنية ويصبح الجميع يشبهون بعضهم البعض ، فسوريا هي الدولة الأخيرة التي طالها الربيع العربي في وقت متأخر وأرى أنها رمانة الميزان فإذا خسروا سوريا واستعادت الدولة هيبتها ، خسر الإسلام السياسي الربيع العربي خسارة لا رجعة فيها وإذا استطاع النيل من وحدة سوريا ، ستكون هي الدولة التي أعطت لتلك التنظيمات قبلة الحياة ليعودوا إلى الوطن العربي بأجندة جديدة ، لذا على جامعة الدول العربية أن تضع خارطة طريق لسوريا ولقيادة أحمد الشرع والدعوة لانتخابات رئاسية وتشريعية ومنع التوغل الاسرائيلى وإلزام الشرع بجدول زمني وضمانات سورية عربية .. حتى لا تقع سوريا.