الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لنا أن نتخيل


كشفت تلك الأزمة الفيروسية عن عُوار البشرية أجمع، عن ثغرات في الأنظمة الصحية العالمية، عن عدم استعداد العالم لمواجهة مثل تلك الحروب، عن نواقص وسلوكيات شعوب، عن بني تحتية غير مستعدة، ولكن في نفس الوقت كشفت عن وجه وطننا المشرق.

كل الجهود التي بُذلت في الخمس سنوات الماضية لم تكن مجرد عرضًا يصفق له الجميع  في النهاية، بل كان جهدًا تتأتى ثماره اليوم على كافة الأصعدة، فملف العشوائيات كان ذات أولوية قصوى لدى الدولة المصرية، " التخلص من العشوائيات - مجتمعات عمرانية جديدة - بيئة صحية"،  كانت لتلك الكلمات وقع معتاد على أذاننا حتى وقت قريب ،ولكن اليوم لنا أن نتخيل حجم الكارثة في ظل الأزمة التي كانت ستحدث في  مجتمعات عشوائية متكدسة بالمواطنين وذات كثافة سكانية عالية وكم الإصابات التي كانت ستحدث وصعوبة منعها.

المبادرات الصحية والتخلص من قوائم الانتظار وعلاج أعداد كبيرة من فيروس سى، لنا أن نتخيل أن ذلك لم يحدث ولم يتلق هؤلاء المرضى، وهم الأكثر عرضى للإصابة الفيروسية، فكم كان ذلك سيضاعف من حجم الإصابات لوجود نسب كبيرة من أصحاب الأمراض المزمنة.

مصانع البتروكيماويات التي كان يحرص السيد الرئيس على افتتاحها، ما بالنا لو لم نكن نملك مثل تلك الصناعة وننتظر طائرة شحن من أي دولة تمنحنا بعض من المنتجات المطهرة والكحول كنوع من أنواع المساعدة !
على العكس فنحن اليوم نملك تلك الصناعة وقادرون على تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجتمع بل وتصديرها ومساعدة الآخرين من خلالها.

ماذا لو أخفقت مصر في تحقيق خطوات الإصلاح الاقتصادي بنجاح والصعود بمؤشرات الاقتصاد الوطني؟، لما استطاعت الدولة اليوم- بالطبع- تخصيص مبلغ 100 مليار جنية لمواجهة الكارثة على الفور.

لنا أن نتخيل ، لو لم  تكن السلع التموينية والغذائية متوفرة في الأسواق المصرية، لو لم تكلف الدولة  ما في وسعها طوال الخمس سنوات الماضية لتفتتح مشاريع المليون ونصف ماشية والصوب الزراعية ومشاريع إنتاج البذور، لحدث عجز شديد بالمؤن الغذائية والخضار والفاكهة ومواد الإعاشة خاصة بعد التكالب عليها مع بداية الأزمة.

لنا أن نتخيل، لو لم يكن هناك قدرةحقيقية.لى صناعة القرار الرشيد في التوقيت المناسب وليس ذلك القرار المتأخر بخُطوة، ولم تتخذ الدولة حزمة الإجراءات والقرارات الأخيرة المناسبة التي تسبق التبعات بخطوات، فتأخر تعليق الرحلات الجوية وتعليق الدارسة الخ..، مما كان سيجعل من الكارثة فاجعة حقيقية .

لنا أن نتخيل لو لم تستطع الدولة بناء مؤسساتها الوطنية وخاصة الأمنية بعد 2013، لما كانت تستطيع اليوم أن تنفذ القرارات بقبضة حديدية من خلال قوات الشرطة المدنية التي تجوب المدن بعد الساعة مساءًا لتتأكد من غلق كل المحال .

لنا أن نتخيل أن الدولة لم تقم بكل برامج الحماية الاجتماعية خلال السنوات الماضية مثل "تكافل وكرامة" و"حياة كريمة" وغيرها من برامج وزارة التضامن الاجتماعي لكان الأكثر تضررًا من تلك الكارثة هم أهل القرى الأكثر احتياجًا.

لو لم تكن هناك مشاريع قائمة بالفعل من محطات كهربائية ولو لم نحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، ربما كنا نواجه الآن نقصًا حادًا في الغاز والبوتاجاز.

إن ما نعيشه اليوم في ظل دولة قادرة على التماسك واتخاذ القرارات اللازمة وتحقيق أفضل مستويات المعيشة  والنجاة من الأزمة ، ماهو إلا نتاج جهد وعمل الخمس سنوات الماضية.

فلو لم تكن دولة الثلاثين من يونيو هي القائمة اليوم، لكان حالنا في غاية الأسى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط