الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كورونا وحرب أردوغان على الكرد


رغم أن كل العالم منشغل في كيفية تصديه للجائحة المنتشرة على المستوى العالمي ويعمل كل الزعماء على التواصل فيما بينهم رغم صراع البعض منهم منذ فترة، إلا أن الوباء جعلهم يركنون خلافاتهم ويعلقونها حتى يتم التخفيف من أعراض وتداعيات الجائحة. 

ومن هذا العالم نرى أن امريكا والصين وروسيا وغيرها من الدول التي لها صراعات وتنافس تاريخي فيما بينها من أجل النفوذ العالمي أو الاستحواذ على أسواق لتصريف سلعهم، إلا أنه بالتوازي مع ذلك يعملون من أجل الحدّ من انتشار الوباء أكثر من ذلك، رغم اتهام كل طرف نت هذه الأطراف لبعضها البعض أنها السبب في انتشار هذا الفيروس أو هي من صنَّعته. ويُمكن اعتبار هذه التقربات من هذه الدول على أنها مواقف مسؤولة وتعتبر ما تقوم به من أهم الواجبات الملقاة على عاتقها، وإن كان شكليًا حتى.

لكن في مشرقنا العزيز على قلوبنا والذي ابتلانا به الرب ببعض النظم الاستبدادية والظالمة والتي لا يهمها مصير الانسان ولا حتى المجتمعات بأكملها إن تم القضاء عليها إن كان بسبب طاعونٍ ما أو جائحة عامة أو حتى ضرب هذه المدينة أو تلك المنطقة زلزال ودمرها. لا يهمها من أمر هذه المدن والناس التي يعيشون فيها، بأي شيء سوى مصالحها ومدى استثمار هذا الداء أو المرض أو الجائحة أو حتى هذا الزلزال. المهم عند هذه الشخصية الاستبدادية أن يبقى في السلطة ولتذهب المجتمعات للجحيم.

هذا ما نراه عند أردوغان الذي أدرك معظمنا جوهر شخصيته ونفعيته وأنانيته وفردانيته وحتى بتنا نعلم أنه ليس سوى أداة بيد القوى المهيمنة الدولية وسينتهي دوره حينما يتم الانتهاء من المهام الموكل بها. ونعلم أيضًا أنه ليس أسوء من أردوغان إلا تلك الجهات الدولية التي تستخدم أردوغان لفرض الفوضى في المنطقة من أجل مصالحها وأطماعها في المنطقة. ولكنه عالم ونعيشه رغمًا عنَّا جميعًا. عالمٌ لا رحمة فيه ولا انسانية مهما مات من الناس إلا كان في الحروب والمجاعات أو كما نعيش الآن من الأمراض وخاصة كورونا.

لا فرق البتة بين كورونا وأردوغان وحتى كل من يساند أو يدعم المستبدين من أجل مصالحهم وسلطتهم، لأن الكل هدفه القضاء على الانسان أينما كان، إن كان في أوروبا كما نرى أو في مشرقنا الذي تحول إلى مقبرة جماعية لشعبها، إن كان بفعل أنظمتها الاستبدادية أو بفعل تدخلات أردوغان أو ايران وكذلك امريكا وروسيا. الكل يقتل ويُهجر ويدمر ويسرق ويهدد وينشر كورونا لترهيب النظم والمجتمعات ليقبلوا الخنوع والاستسلام. وكل ذلك من أجل الانتقال لنظام عالمي واقتصادي جديد يُشبع نَهم وجشع القوى الاحتكارية العالمية بمختلف مسمياتها الرأسمالية أو ما بعد الحداثوية.

ربما يكون الهدف من كورونا وأردوغان هو تفتيت ما تبقى من قيَّم ثقافية مجتمعية وروابط عائلية في المنطقة، وجعل الشعوب تتقبل الهجرة والدمار والخراب وحتى الانتظار من سيجعل من نفسه "المخلص"، كي يهب لنا الدواء الشافي. وحينها فقط نكون قد أكلنا الطُعم واصبحنا فريسة سهلة المضغ بين أنياب الشركات العابرة للحدود والقوميات. وربما ندخل في مرحلة جديدة من تفتت بعض النُظم والدول في العالم كما نرى الان في أوروبا التي يتجه نجمها نحو الأفول، وبكل تأكيد لن ينجو مشرقنا العزيز من هذه التحولات والتغييرات والتي ستطرأ عليه، نتيجة ابتعادنا عن قيمنا المجتمعية والتي كانت السبب عبر التاريخ لتواجدنا وكانت هويتنا التي نفخر بها في كل مكان.


وهذا ما يعمل عليه أردوغان من في نشر الخراب والتهجير والقتل بحق الكرد إن كان في الشمال السوري أو حتى في كردستان تركسا أي في الداخل التركي بحد ذاته. كُلُّ هَمِّ أردوغان هو التخلص من الكرد أينما كانوا ولو كان على حساب المنطقة وخرابها برمتها. ما نراه في عفرين وسري كانيه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض وغيرها من المدن سوى حقيقة أردوغان والمرتزقة الذين معه والذين تحولوا إلى مجرد أسلحة ومرتزقة مأجورة يتم استثمارهم في سوريا أو ليبيا.

تشكيل جبهة موحدة ما بين الكرد إن كانوا في سوريا مع "قوات سوريا الديمقراطية" أو شمالي كردستان مع "حزب العمال الكردستاني"، وبين القوات العربية التي تحارب نفس الارهابيين والمرتزقة وأردوغان إن كان في ليبيا أو دول ومناطق أخرى، أعتقد أنه سيكون الرد المناسب على هذا القتل والدمار والخراب والفوضى المنتشرة. وأن عوامل تشكيل هذه الجبهة العلنية مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى نظرًا للظروف التي نعيشها.

مكمن قوتنا هي ثقافتنا المعتمدة على القيم الاجتماعية والمجتمعية والتي أساسها هي العيش المشترك وأخوة الشعوب والحوار واحترام الآخر بكل ما له وما عليه، والتي كانت نقطة قوتنا عبر التاريخ والتي أدت لتمازج وتزاوج ثقافاتنا حتى أصبحت منطقتنا مهد الحضارة والمدينة هل بمقدورنا العودة وإن كان على مضض لتلك القيم التي اغتربنا عنها لنحافظ على هويتنا ووجودنا على الأقل في مرحلة بدل أن تكون فيها "الكل يقتل الكل" لنعيش فلسفة جديدة يكون فيها "الكل يعيش مع الكل". وهذا لن يكون إلا بالابتعاد عن الانانية والفردانية والتقوقع على الذات والخروج من قوقعة التعصب القوموي والتشدد الدينوي، وكذلك بتوحيد الجهود المشتركة للقضاء على كورونا وأردوغان اللذين هما من صنيعة القوى المهيمنة العالمية لنشر الفوضى في المنطقة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط