الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أحمد علي سليمان يكتب: كيف نستقبل شهر رمضان؟

صدى البلد

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه واتبع هداه إلى يوم لقاء الله.. ما أجمل أن نستهل شهرنا الكريم بذكر الله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله .. (اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين والآخرين في الملأ الأعلى إلى يوم الدين).

أيها القارئ الكريم: أقبل رمضانُ علينا محملا بخيرات الله إلينا فاللهم اجعل القادم الكريم بشير خير وفرج يارب.. تنقشع فيه الغمة بحق اسمك الأعظم يارب العالمين..

رمضان.. إنه الشهر الكريم المبارك الذي اختاره الله تعالى لينزل فيه القرآن الكريم على رسوله الأمين... قال تعالى...(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ..) (185 سورة البقرة)

وإن التسمية برمضان فيها بركة، لأنه من الرمضاء، وهو مطر يأتي قبل الخريف يطهر وجه الأرض من الغبار ..
وكلمة رمضان لها جمال ولها جلال: فالراء رحمة، والميم مغفرة، والضاد ضمان للجنة، والألف أمان من النار، والنور نور من الله... 
ويبشر  النبي أصحابه وأمته من بعده بقدوم رمضان بقوله: (قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم) (رواه أحمد).
 
وإذا كانت مؤسسات الدول تستعد فترة طويلة لاستقبال شخص معين من الناس، فحري بنا أن نستقبل شهر رمضان استقبالا يليق به.. يليق بمكانته عند الله.. فهو مبعوث رب العالمين لصالح المؤمنين من عباده يأتي في العام مرة واحدة فقط.. 

يجب علينا أن نستقبلَ هذا الضيف الكريم بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله عز وجل ومراقبته في السر والعلن، وترك الذنوب والمعاصي ما ظهر منها وما بطن حتى نفوز ونحوز رضا الله في الدنيا والآخرة، وننعم بالسعادتين وبالنظر إلى وجه الله الكريم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. 

نستقبله بالإكثار من ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم). 
ولنعلم أنه إذا وقف العباد فى ساحة الحساب يوم القيامة كان للعبد المؤمن عند الله تعالى شفيعان يشفعان له: (القرآن والصيام)، يقول القرآن: يا رب لقد منعته النوم ليلا فشفعني فيه، ويقول الصيام: يا رب لقد منعته الطعام والشهوة نهارا فشفعني فيه، فيقبل الله شفاعتهما؛ فيشفعان للعبد. 
نستقبله بالتحلي بالصبر والصدق والشكر والورع والمراقبة.. نستقبله بالدعاء والإخلاص لله تعالى رب العالمين. 

وهنا ننبه إلى أنه يجب أن نبتعد عن الإسراف والتبذير في كل شيء في الكلام والطعام والشراب والمشتروات والماء والكهرباء...إلخ
لا أنسى وأنا آكل وأمامي ألوان الأطعمة المختلفة أن هناك مَن لم يجد هذه الأطعمة، ومن ثم يجب أن نشعر أولادنا بذلك؛ حتى يتعلموا شكر نعم الله عليهم، وعلينا أن ندعم اليتامى والفقراء والجمعيات الخيرية.. ويجب على كل واحد منا أن يعمل لنفسه خطة في رمضان، مثل: فك الكروب - إصلاح بين الناس– جبر الخواطر – إماطة الأذى.. الإبداع في إسعاد المخلوقات..

وإذا كان الشخص منا يستطيع أن يمتنع عن الحلال فمن باب الأولى أن يمتنع عن الحرام..
ويجب علينا أن نتخلص من أمراض القلب، مثل: الكبر والغرور والرياء والحسد والغل والحقد والبغض والكراهية..
ونتخلص أيضا من أمراض الجوارح: (العين واللسان والبطن والأذن والفرج..) وأن نرد المظالم إلى اصحابها..

يجب علينا ونحن نستقبل هذا الشهر الكرم أن نفتح باب عودة المياه إلى مجاريها مع الأهل والأقارب والجيران وزملاء العمل.. نفتح أبواب المودة بين الناس وبما لا يكلفهم.. 

ورمضان أيها القاريء الكريم شهر القرآن والذكر، يقول (صلى الله عليه وسلم): "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"، وهو شهر البر والصلة، وشهر الجود والكرم،  فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أجود الناس وَكَانَ أجود مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْانَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أجود بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" (متفق عليه). 
ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "مَنْ فَطَّرَ صَائمًا، كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيءٍ" (رواه الترمذي) .

وإذا كانت الظروف الحالية تحول بيننا وبين الجمع والجماعات نظرا للظرف الراهن، فهناك عشرات الأبواب ما زالت مفتوحة واسعة (توسعة على الفقراء والمساكين وعمال اليومية... إلخ).

ونحن نستقبل رمضان يجب أن نتحرك في سبعة خطوط متوازية.
الخط الأول: إصلاح الشخص علاقته مع الله ومن ثم يعيش في (سكينة واطمئنان وخشوع وخضوع ويتذوق طعم الإيمان)
الخط الثاني: إصلاح الشخص علاقته بأهله (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)
الخط الثالث: إصلاح الشخص علاقته مع أقاربه وذوي رحمه
الخط الرابع: إصلاح الشخص علاقته مع كل الناس
الخط الخامس: إصلاح الشخص علاقته مع صحته النفسية والروحية والجسدية
الخط السادس: إصلاح الشخص علاقته مع عمله ورؤسائه وزملائه
الخط السابع: إصلاح الشخص علاقته مع شتى مفردات الطبيعة والكون.
 
أخي الكريم أختي الكريمة: إن رمضان يحول الصائم المخلص من إنسان عادي إلى إنسان فيه بعض الصفات الملائكية، حيث (لا طعام ولا شراب ولا شهوة ولا غيبة ولا نميمة ولا جدال) فحري بنا أن نخلص كل أعمالنا لله لنعيش في رحاب الجناب الأعظم، بعيدين عن كل ما يغضب الله، قريبين من كل ما يرضي الله.. مخلصين له جل وعلا (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )(الأنعام: 162-163) نقطة مهمة أؤكد عليها في هذه الظروف وهي اتباع التعليمات الرسمية بمنتهى الدقة.. فاللهم أشعل شوق قلوبنا ونفوسنا ووجدانا إليك، ونوِّر قلوبنا بفيض نورك الكريم.. اللهم اصلنا وأصلح لنا وأصلح بنا وأصلح من حولنا، وأعنا على صيام رمضان وقيام ليله يا رب العالمين.