ذكريات عديدة لقامات دينية تعد سيرتهم خالدة فى قلوب المحبين لما تركوه لنا من ميراث عريق بأصواتهم العذبة فى الإنشاد والإبتهال فى (حب رسول الله محمد عليه أفضل الصلاة والسلام).
فى السطور التالية نعرض قصة أبرز منشدى قصيدة "البردة" إحدى أشهر قصائد المديح النبوى أنه الشيخ عبد العظيم أحمد سليم وشهرته " عبد العظيم العطوانى "حيث أنه ينتمى لقرية العطوانى التابعة لمركز إدفو بمحافظة أسوان .
ولد الشيخ عبد العظيم العطوانى في 7/2/1946 وعاش 70 عامًا ليلقى ربه فى 10/2/2016 بقرية الرديسية بحرى التابعة للعطوانى بإدفو ، وكانت بدايته فى كتاب القرية ودفعه والده إليه ليحفظ كتاب الله عزوجل ، وبالفعل نجح بعزيمته ورغبته فى أن يتم حفظ القرآن الكريم كاملًا فى سن مبكره من عمره أحد أهم مظاهر التمسك بالدين والعتبة الأولى والأساس نحو مدارج العلم المختلفة.
كانت الخطوة الأولى للشيخ عبد العظيم تعلم أحكام القرآن الكريم وحفظه كاملًا مجودًا، وقد لمس شيخ الكتاب إمكانات العطوانى، فدفعه إلى أن تكون الغاية والوسيلة هى كتاب الله وأحكام تجويده.
ويعد من أهم المنشدين والمادحين فى العالم العربى الإسلامى وخاصة ً كتاب قصيدة الكواكب الدرية في مدح خير البرية والشهيرة "بالبردة" للإمام محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي البوصيرى ، وربما لم يولد الشيخ عبدالعظيم العطواني سوى لينشد بردة البوصيري ويردد خلفه أهل قريته فى مسجد القرية ونواحيها من المجالس الدينية الكبيرة والأعياد والمناسبات، حيث حفظها منذ طفولته في صعيد مصر وأنشدها بكل الطرق التي أنشدت بها، حتى ذاع صيته وارتبط بها.
فصارت البردة تعرف بعد البوصيري بصوت العطواني، وصار العطواني يعرف بمنشد البردة، وقد رفض الشيخ العطواني، رغم شهرته التي جابت الآفاق بالبردة، أن ينتقل إلى القاهرة لينال شهرته إعلاميًا واكتفى بشرائط الكاسيت والتسجيلات التي حملت صوته الندي مادحا خير البرية، وكذلك انتقال كبار مريديه إليه لينشدوا خلفه حبًا للرسول، ومن أشهر من أنشد خلفه الشيخ محمد متولي الشعراوي والشيخ محمد عبده يماني، وزير الإعلام السعودي الأسبق ، الملايين، فصوت العطوانى بالبردة ذاتها قادر على أن يصل بإحساس المستمع إلى أن يشم رائحة الرسول في الجنة وأنشد منها الشيخ العطوانى.
حيث تفرد على مستوى العالم بإنشاد قصيدة البُردة للإمام البوصيري بموسيقى غنائية لم يسبقه إليها أحد، والشيخ العطواني ظل ملازمًا للشيخ محمد متولي الشعراوي (رحمه الله) قرابة خمسة عشر عامًا، لإنشاد قصيدة البُردة في حفلات خاصة بمنزل الشعراوي، وذات يوم وهم جالسون سأل أحد المجاذيب الشيخ الشعراوي قائلًا: يا شعراوي لماذا خلق الله الأرانب؟.
فقال الشعراوي: دعنا نسمع البردة الله يهديك، فقال المجذوب: «خلق الله الأرانب كي نأكلها بالملوخية، وكذا خلق العطواني كي ينشد البردة» فضحك الجميع حتى كادوا يسقطون على الأرض وتمت معرفة قصة البردة معه فأجاب ب (عندما كنت أدرس في كُتَّاب القرية لحفظ وتجويد القرآن الكريم، كان شيخ الكتاب (رحمه الله) يطلب منا ترديد قصيدة البردة للإمام البوصيري بشكل جماعي بعد تلاوة القرآن الكريم، وعندما حفظتها سيطرت على قلبي فمكثت أرددها كثيرًا،وأخترع لها ألحانًا، حتى سمعني شيخي أترنم بها، فطلب مني إنشادها باللحن الجديد وزملائي يرددون خلفي، وعندما فعلت ذلك أعجب الحاضرون جميعًا، وصارت لي الشهرة بين زملائي، وكان أهل قريتي يطلبون إنشادها في مجالس يتم عقدها في ديوان القرية خاصة في شهر رمضان، نعم اشتُهرتُ بالبردة، لكنني أُشهد الله أنني لم أهمل ترتيل وتجويد القرآن الكريم، وعندما أذهب لإحياء الحفلات أقرأ القرآن، وبعدها أتلو قصيدة البردة، لأنني في الأصل قارئ للقرآن).
وعلاقته بالإمام محمد متولى الشعراوى أنه في فترة السبعينيات من القرن الماضي كنت أنشد البردة بمولد الإمام الحسين بالقاهرة وسمعه الشيخ الشعراوي، وأعجب به جدًا، وسأله هل قمت بتسجيل هذه القصيدة على شرائط كاسيت؟ فقال له نعم، وأهداه تلك الشرائط، وأعجب بها جدًا، ودعاه بعدها إلى بيته كي ينشد له القصيدة وسط ضيوفه، ثم أخذ يدعوه إلى مجلس مخصص للبردة في ساحته بجوار مسجد السيدة نفيسة، وكان يعلق على القصيدة ويشرح للحاضرين بعض ما أشكل عليهم من معانيها، ومكث ملازمًا له مدة خمسة عشر عامًا.
وكان يأخذه معه في رحلات العمرة، وينشئ مجلسًا للبردة في ضيافة <<د. محمد عبده يمانى>> وزير الإعلام السعودي الأسبق وبعض الأمراء، وذات يوم أصابته وعكة صحية وهم بالأراضي الحجازية ودخل على أثرها إلى المستشفى فذهب للاطمئنان عليه، وعندما رآه خلع خراطيم الأوكسجين من فمه، وقال له: تعال يا عطواني لقد رأيت البارحة في منامي الإمام البوصيري يقبلك في جبهتك.
واقرأ أيضًا: