الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوهام الفزع الأكبر


فلنترك الآن الأسئلة والتخمينات ولنصغ إلى الواقع الرقمى؛ بما أن الأرقام غير قابلة للف والدوران؛ ذلك لأن حسابات الأرقام تمثل حق اليقين ولا مجال فيها للجدال ولا موضع أيضا للمراء أمام الأرقام كأقوى وأكمل البراهين.


لكن مهلا.. هذا فقط إن لم يصاحبها ضجيج إعلامي يجعل صدقها درجة ثانية مع تقديمها بين التهويل والتهوين ولتقم هنا بإجراء عمليات حسابية في منتهى البساطة يستوعبها طفل في بداية تعليم مبادئ الحساب.


فحسب الإحصاء الأخير ساعة كتابة هذا المقال كانت إحصائية منظمة الصحة العالمية حسب موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت والذي يعلن أعداد المصابين والمتوفين والمتعافين أولا بأول في تحديث مستمر منذ بداية المرض في شهر ديسمبر الماضى كالتالي:


مجمل عدد الذين أصيبوا بالفيروس: 3759306

مجمل حالات الوفاة: 259590

عدد المتعافين: 1529469

عدد المصابين حاليا: 2240247

الحالات المعتدلة: 2191189

الحالات الحرجة: 49058


هذه هي أرقام الذين ثبتت إصابتهم حتى الآن بـ"جائحة" على كوكب الأرض الذي يعيش عليه ما يفوق 7مليارات ونصف المليار نسمة موزعين بين 6 قارات!


لكن الهدير الإعلامى ما بين بيانات حكومية رسمية في كل دول العالم تشبه البيانات العسكرية عن الحروب لحظة بلحظة والمؤتمرات الصحفية للسيد مدير منظمة الصحة العالمية ومساعديه والقنوات التلفزيونية التى تفرغت تقريبا خصوصا في شريط الأخبار، لتقديم بيان عن "انتشار" "الجائحة" في كل العالم بجانب مانشيتات الصحف من أكثرها عالمية وحتى الدوريات المحلية والإذاعات بجميع أنواعها بجانب شبكة الإنترنت في المواقع الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية مع غيلان فيس بوك وتويتر وما شابه!.


الأرقام التى تقدمها المنظمة والمتطابقة مع ما تعلنه الدول عن "ضحايا" ما أطلقت عليه "الجائحة" تقدم نتيجة هزيلة وهزلية عن مجمل ضحايا الفيروس الحقيقيين وهما مجموع المتوفين زائد الحالات الحرجة وحتى هذه اللحظة "259590 + 49058= 308648".


وهذا الرقم الأخير هو مجمل ضحايا كورونا من المتوفين أو الحالات الحرجة التى نرتجي لهم السلامة.


ومع أن العدد قابل للزيادة، إلا أنه يجب أن نضع في الاعتبار أن هذا العدد بعد خمسة شهور منذ ظهور المرض في شهر ديسمبر الماضي!


هل أريد أن أبعث الطمأنينة؟!.. أنا هنا أتكلم بأرقام ومن السهل أن تدخل على هاتفك المحمول الآن لتراجعها مع ما يمكن أن يطرأ عليها من تغيير بعد وقت تسجيلها هنا وقارن بنفسك بين الفزع الأكبر الذي نعيشه وبين هذا الواقع الفعلى للأرقام الذي ترفض - ونحن نرفض معك- الاعتراف بغيره وحكم عقلك الذي ترجع إليه في كل أمور حياتك وأخبرنى بعد كل هذا.


لما كل هذا الفزع العالمي في العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا والتى هزت أقوى الدول وأشدها عتيا في تاريخ الكوكب الأرضي؟!


هل 308648 ضحية في خمسة شهور بينهم 59058 مازالوا على قيد الحياة يمكن أن يثيروا كل هذا الفزع؟!


ألا يمكن خلال الشهور الخمسة قياس معدل الانتشار والخطورة وطمأنة الناس بالعقل والعلم والواقع بدلا من قض مضاجعهم وتعطيل حياتهم وتحميلهم خسائر فادحة في أموالهم واستقرارهم النفسي؟! هذا فضلا عن تهديد مستقبل العالم كله مما جعل الانهيار الاقتصادي والأزمة المالية ينذران بانتشار المجاعات نتيجة هذا الإفزاع الذي يمارسه الإعلام على مختلف انتماءاته وتوجهاته على الناس حتى صار الفزع الأكبر يحكم حياتهم في بيوتهم وفي أعمالهم.


فماذا تريد منظمة الصحة العالمية وهى تقدم أرقاما تناقض كل هذا الفزع؟!


لكنها لا تعتمد على الأرقام بل اعتمادها الأكبر على الآلة الإعلامية الجهنمية التى تضخم كل شيء ولا أدرى ما قيمة تكرار إعلان رقم إجمالي يأتى في الصدارة بينما هذا الرقم يتناقص على أرض الواقع حتى لو أضيفت إليه حالات أخرى، لكنها سياسة الإفزاع الإعلامي التى يمكن أن تخيفك من مجهول لا تراه كترديد أخبار كل حين عن مذنب أو كويكب أو جرم فضائي سيدمر الأرض في يوم كذا ساعة كذا وحتى يأتى هذا اليوم نكون قد أنهكنا من فرط الخوف، لكن هذه المرة كان تهديد الحياة البشرية بكائن لا يرى حتى تحت عدسات الميكروسكوب العادي ويتجمع منه عدة ملايين ليشغلوا رأس دبوس، يأتى كل عام متحورا في صورة جديدة منذ آلاف السنين لكنهم يجعلونها مفزعة وقتما يريدون ويتجاهلون أثرها حينما يرغبون!.


أيها السادة إن الضحايا الحقيقيين لوهم الجائحة هم من سيدفعون ثمن كل هذا الفزع فيما سنراه من نتائج فادحة لما كان من شل عمدي لحركة الحياة على كوكب الأرض في خضم صراعات خفية وغامضة تتخذ من الإفزاع الممنهج غطاءً كئيبا لها، فتلك هي الجائحة الحقيقية والتى تستحق الفزع منها!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط