أكدت داليا زيادة، مدير المركز المصرى للدراسات الديمقراطية الحرة ان الصدمات المتلاحقة التي يواجهها العالم من جراء أزمة فيروس كورونا، دخلت الحكومات على المستوى المحلي في كل دولة، ودخلت الدول في إطار النظام العالمي الشامل في مرحلة ترتيب أولويات.
وأكدت داليا زيادة في تصريح لـ" صدى البلد " أن قضايا حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية هي من ضمن الأمور التي ستتعرض لإعادة ترتيب وربما أيضًا تعديلات على مفاهيمها وأهميتها في الحفاظ على استقرار النظام العالمي وأمن وسلامة الشعوب.
واوضحت أن هناك شيئًا كبيرًا سيتغير في توازنات السياسة العالمية، ومراكز القوة بها، بعد خروجنا من أزمة كورونا، وبالتالي لن تتغير القيم العالمية المثلى، ولكن ما سيحدث حتمًا هو إعادة التوازن للخطاب الحقوقي العالمي، بمعنى إنه في العقدين الأخيرين تركز الخطاب الحقوقي في العالم كله على الحقوق المدنية والسياسية.
واشارت داليا أنه نظرًا للتقلبات السياسية الكبيرة التي رأيناها تحدث في كل أرجاء العالم من أول حقبة الربيع الأوروبي ومرورًا بحقبة الربيع العربي ومؤخرًا سلسلة الثورات التي وقعت في أمريكا اللاتينية، وكانت القضايا المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومنها الحق في الصحة مثلًا، تأتي دائمًا في المرتبة الثانية ولا تلقى نفس الاهتمام الإعلامي الواسع، وكان دائمًا يتم التعامل معها كقضايا داخلية تخص كل دولة بشكل منفرد، ولا تشغل الرأي العام العالمي، وبالتأكيد بعد الصدمات الكبيرة التي أحدثتها كورونا في مجال الرعاية الصحية، والهزة المرعبة التي أحدثتها في الاقتصاد خصوصًا على مستوى قطاع الأعمال الخاص،
واكدت أن العالم سينشغل بإصلاح هذه البنود قبل أن يعود للإنشغال بالحقوق المدنية والسياسية مرة أخرى، ومن المتوقع طبعًا أن تتغير الطريقة التي سيعبر بها المواطنون عن أنفسهم في نطاق العمل السياسي، بحيث سيكون استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مقدم على استخدام الوسائل التقليدية مثل الاحتجاجات في الشارع أو التجمعات الحزبية أو الحركية بشكلها التقليدي، وربما تتراجع بعض الحكومات الأكثر التزامًا بمفاهيم الحرية الفردية والمجتمع المفتوح والسوق الحر عن ممارسة هذه القيم لضمان وإعطاء الأولوية لسلامة المجتمع والمصلحة العامة قبل حرية الفرد ومصلحته، بمعنى آخر فإن أزمة كورونا، حتى وإن كانت لن تغير كثيرًا في شكل وتفاعلات العلاقات بين الدول داخل النظام العالمي، إلا أنها حتمًا ستؤثر على ما تعودناه بشأن العلاقات بين الحكومات والمواطنين ومساحة تدخل الدولة في تقرير حياة الأفراد، وبالتالي ستتأثر قيم حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية بكل ذلك.