الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أزهر الصعيد.. حكاية المسجد العمرى والمنبر العائم بقنا

 المسجد العمرى
المسجد العمرى

أكثر من 10 قرون مضت على إنشاء المسجد العمرى بقوص، كما تشير بعض القطع الأثرية التى يحويها المسجد، من ضمنها قطعة أعلى المحراب المملوكى يرجع تاريخها للعام 473 هجرية، مدون عليها، الآية الكريمة "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر"، كما يحوى منبر من أقدم 3 منابر على مستوى العالم الاسلامى يعود تاريخه إلى العام 550 هجرية وفقًا للنص الأثرى المدون بالخط الكوفى على المنبر العتيق.


التاريخ العتيق للمسجد العمرى بقوص والذى جعل منه أقدم مساجد محافظة قنا، مازال محل بحث واستقصاء للكثير من الباحثين فى تاريخ المسجد العتيق، والذى يطلق عليه العلماء وطلاب العلم " أزهر الصعيد"  لطرازه المعمارى الذى يشبه الأزهر الشريف، فقد كان ولفترة قريبة مصدرًا لنشر صحيح الدين والعلوم المختلفة فى صعيد مصر، وكان مقصدًا لطلاب العلم للاستفادة من الدروس التى يلقيها علماء أجلاء كان لكل واحدًا منهم ركنًا ثابتًا بين أعمدته العريقة والتى تم زرعها فى المسجد من بقايا معبد رومانيل قديم يبلغ عددها ما بين 40 إلى 50 عمودًا أثريًا.


المسجد العريق القابع فى منطقة تزخر بالآثار الفرعونية، حظى بتاريخ حافل من الأساطير التى وصل بعضها إلى حد الخرافات فى بعض الأحيان، فمازالت شائعة تقول:"إن المنبر العتيق الذى يعود إلى عام 550 هجرية، جاء عائمًا فى نهر النيل حتى استقر أمام المسجد" حديث أبناء قوص خاصة كبار السن منهم.


فى حلول شهر رمضان المبارك، كان المسجد العمرى، يتجمع أبناء المنطقة المحيطة لتزيين وتجميل المسجد استعدادًا للشهر الفضيل، بجانب ما تقوم به مديرية الأوقاف من استعدادات رسمية و إعداد برنامج للأئمة والدعاة المنوط بهم إلقاء الدروس والخطب على رواد المسجد، بجانب حلقات الذكر التى تبدأ يوميًا بعد صلاة العصر وحلقات الشباب والشيوخ لختم كتاب الله الكريم.


قال محمود اسماعيل" بالمعاش"، المسجد العمرى بمثابة بيت لأبناء قوص جميعًا يلتقون فيه ويتباركون بإتمام زيجاتهم بين أروقته و أعمدته العتيقة، وفى رمضان يكون للمسجد أهمية خاصة و طابع مميز يختلف عن بقية أيام العام، حيث يتوافد المصلون عصرًا للمشاركة فى جلسات الذكر و حلقات قراءة وتحفيظ القرآن الكريم، ويقصدون مساءًا لأداء صلاة التراويح خلف أئمته وعلمائه.


وأشار حسنى عزب " مفتش آثار بمنطقة الأقصر للآثار الإسلامية والقبطية،  إلى أن المسجد العمرى بقوص من أهم الآثار الاسلامية بصعيد مصر قاطبة، و توجد به  قطعة أثرية قديمة تعلوا المحراب المملوكى نصها الآية الكريمة " إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر"، يرجع تاريخها  لعام 473 هجرية وهى بالمناسبة تعود للخليفة الفاطمي المستنصر، كما أن اللوحة لها مثيل فى المتحف الاسلامى بالقاهرة تكلم عنها الباحث الفرنسى جان كلود جرسان فى كتابه " قوص مركز إسلامي لصعيد مصر"، عندما جاء فى فترة الستينات و تحدث عن مدينة قوص وتاريخها العريق والقطع الأثرية الموجودة بالمسجد العمرى، ووصف قوص بأنها كانت عاصمة صعيد مصر الكبرى، وكان حاكم قوص بمثابة نائب السلطنة.


وأضاف عزب، بأن المسجد بجانب عمارته الفريدة يحوى منبر فريد من نوعه يعد أحد أهم و أقدم 3 منابر على مستوى العالم الاسلامى، الأول بالمسجد العمرى بمدينة قوص، و الثانى  فى مسجد داخل دير سانت كاترين بسيناء، والثالث فى مسجد حضرون بمدينة الخليل بفلسطين، ومدون على منبر مسجد قوص نص أثري يعود إلى عام 550 هجرية فى عهد الخليفة الفاطمى الفائز بنصر الله، مدون بالخط الكوفي المزهر يحتوى سبعة أسطر نصها الأول: "بسم الله الرحمن الرحيم..ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة أمر بعمل هذا المنبر المبارك الشريف مولانا وسيدنا الإمام الفائز بنصر الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه المنتظرين على يد فتاة وخليله السيد الأجل الملك الصالح ناصر الأئمة كاشف الغمة أمير الجيوش سيف الإسلام غياث الأنام كافل قضاة المسلمين وهادى دعاة المؤمنين عضد الله به الدين وأمتع لطول بقائه أمير المؤمنين وأدام قدرته وأعلا كلمته في سنة خمسين وخمسمائة".


و أوضح عزب، بأن تكرار " العمرى" فى مدن كثيرة بصعيد مصر أرمنت  وقفط و إدفو و إسنا و نجع حمادى وغيرهما، يرجع إلى أن أول جامع يبنى فى أى مدينة تفتح خلال الفتح الاسلامى، كان يسمى مسجدها بـ" العمرى" تيمنًا بمسجد عمرو بن العاص فى القاهرة، الذى كان أول مسجد فى مصر، أما عمارة المسجد فيأخذ تخطيط الصحن الأوسط المكشوف الذى تحيط به أربع ظلات أوسعها ظلة القبلة وهو من المساجد المعلقة وهى تلك الأبنية التى ترتفع عن الأرض، و ذلك لتفادى فيضان النيل  التى كانت تغمر الأرض بالمياه.