الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أول من جهر بالقرآن.. قصة حياة عبد الله بن مسعود

أول من جهر بالقرآن
أول من جهر بالقرآن .. قصة حياة عبد الله بن مسعود

الصحابيّ عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر، يُكنّى كما أطلق عليه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأبي عبد الرحمن الهذلي، ويدعى بابن أم عبد، وذلك نسبةً لوالدته التي صحبت رسول الله بعد وفاة زوجها في الجاهليّة ودخولها للإسلام، ولد -رضي الله عنه في مكّة المكرّمة قبل الهجرة إلى المدينة، وتوفي في المدينة في سنة 32 هجرية، وقد كان له ثلاثًا من البنين والبنات: "عبد الرحمن وأبو عبيدة وسارة"، من زوجته زينب الثقفيّة، وقد تولّى في عهد الخليفة عمر بن الخطاب قضاء الكوفة، واستلم زمام الأمر في بيت مال المسلمين.
شخصيته
وكان الصحابيّ عبد الله بن مسعود من المقرّبين إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد ورد في الصحيح من الحديث عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَزيدَ، قال: "أتَيْنا حُذَيفةَ فقُلْنا: دُلَّنا على أقرَبِ النَّاسِ برسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- هَدْيًا وسَمْتًا ودَلًّا نأخُذْ عنه ونَسمَعْ منه، فقال: كان مِن أقرَبِ النَّاسِ برسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- هَدْيًا وسَمْتًا ودَلًّا؛ ابنُ أُمِّ عبدٍ، حتى يَتوارى عنِّي في بَيتِه، ولقد عَلِمَ المَحْفوظونَ مِن أصْحابِ مُحمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أنَّ ابنَ أُمِّ عبدٍ مِن أقرَبِهم إلى اللهِ زُلْفةً"، وهو صاحب سرّ رسول الله، حتّى أنّه أطلق عليه لقب "صاحب السّواد".

أول من جهر بالقرآن
شهد الصحابيّ عبد الله بن مسعود المشاهد كلّها مع النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وقد عُرف بورعه وحكمته ولُقّب على ذلك بفقيه الأمّة، وكان من السّابقين إلى الإسلام، فهو يعدّ سادس من أسلم من الصحابة الكرام، وهو أولّ من جهر بالقرآن الكريم، وكان -رضي الله عنه- شديد النحولة ضعيف الجسم دقيق السّاق، وقد كفاه الله -سبحانه وتعالى- بشهادة رسوله له، وقد روى عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "ذُكِرَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ عند عليٍّ فذكر فضلَه فقال إنه ارتقى مرَّةً شجرةَ أراكٍ يَجتني لأصحابِهِ قال فضحِك أصحابُه من دِقَّةِ ساقِه فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يُضحِكُكم فلهوَ أثقلُ في كِفَّةِ الميزانِ يومَ القيامةِ من أُحُدٍ".

واجه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عديدَ الصعوبات والمحن في بداية الدعوة، وكان كفار قريش دائمًا ما يُضيّقوا عليه في دعوته، فحاولوا بشتّى الطرق والوسائل أن يدحروا هذه الدعوة، ولكنّ دعوى الحقّ ينصرها الله، وقد اتّبعت قريش أسلوب الاعتداء على النبيّ وأصحابه الكرام، وقد روى عروة بن الزبير -رضي الله عنه- عن رجاله الثّقات: "أوَّلُ مَن جهَرَ بالقُرآنِ بمكَّةَ بعدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عَبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ."، وذلك على الرّغم من تحذير الصّحابة له، وخشيتهم عليه نظرًا لنحول جسده وضعفه البنيانيّ، ولكنّ الصحابيّ عبد الله بن مسعود أصرّ على ذلك، وخرج ليقرأ في سورة الرحمن جهرًا، فاجتمع عليه المشركون وضربوه، فآذوه في وجهه الكريم، فجعل يقرأ حتّى بلغ ما شاء أن يبلغ في القراءة.

وفاته 
عبد الله بن مسعود من الصحابة الذين شهدوا الهجرتين، فقد هاجر مع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنوّرة، وشهد الهجرة إلى الحبشة، وممّن صلّى إلى القبلتين، وممن رافق الرسول في كلّ غزواته، وشهد اليرموك بعد وفاته، وهو الذي أنهى حياة أبي جهل، وقد أوتي من الحكمة والعلم باعًا كثيرًا.

وقد روي في الغريب من الحديث: "مرض عبد الله بن مسعود فعاده عثمان، فقال له: ما تشتكي؟ فقال: ذنوبي قال: ما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا أدعو لك الطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: ألا آمر لك بعطاء؟ قال: لا حاجة لي فيه، قال: يكون لبناتك، قال: أتخشى على بناتي الفقر وقد أمرت بناتي لأن يقرأن في كلّ ليلة سورة الواقعة، فإنّي سمعت رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: من قرأ سورة الواقعة في كلّ ليلة لم تصبه فاقة أبدًا"،وتوفي في المدينة في العام 32 بعد الهجرة، عن عمر ناهز بضعٌ وستين عامًا.