الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. رحمة عبد القادر دويدار: كيف تفوز الحائض بليلة القدر؟

صدى البلد

شهر رمضان من أعظم الشهور ، بل إن فيه ليلة خير من ألف شهر ، من قامها إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه ، ولحكمة معينة قدرها الله  أن يمتنع بعض النساء عن الصلاة و الصيام وغيرهما من العبادات المخصوصة بضع أيام من كل الشهر بسبب عادتهن الشهرية، فيصيبهن الحزن والألم معتقدين إنهن غير معنيات بثواب ذلك الشهر العظيم ، أو أن ذلك من عقاب الله  لهن ، خاصة إذا كانت تلك الفترة في العشر الأواخر من رمضان ، فلا يعلمن أن امتثال أوامر الله ، و التسليم لحكمه بعدم الصيام والصلاة في تلك الأيام إنما هو عين الطاعة ، فسبحانه أمرهن بالصيام و الصلاة في أيام معينة، و عدم الصيام والصلاة في أيام أخر، و عليهن أن يتذكرن ما قاله رسولنا  لعائشة  عندما وجدها تبكي لأن حيضها منعها من بعض أعمال الحج <إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ >(البخاري 294) . 

فما على المرأة إذن إلا أن تجتهد في العبادة كل الأيام رمضان – وغير رمضان- ، وأن تعلم أن لها ثواب ما كانت تفعله من عبادات منعتها عنها عادتها الشهرية ، فقد قال  < إذَا كَانَ الْعَبْدُ يَعْمَلُ عَمَلًا صَالِحًا فَشَغَلَهُ عَنْ ذَلِكَ مَرَضٌ، أَوْ سَفَرٌ، كُتِبَ لَهُ كَصَالِحٍ مَا كَانَ يَعْمَلُ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ> (مستدرك الحاكم 1261) ، فهذا العذر منعها من بعض العبادات ، فيكتب إن شاء الله  لها من الأجر مثلما كانت تعمل .

 ومن أكثر المبشرات قول رسولنا الكريم  «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً» ( البخاري 6491)، ولذلك يجب عليها أن تحتسب ، وتجدد نيتها في بداية الشهر الكريم . 
و لعل شوق تلك النساء على كسب المزيد من الأجر في رمضان ، وحزنها على فوات بعض الطاعات لهو دليل على محبتها لله وصدق إيمانها ، فقد قال <مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ > ( مستدرك الحاكم 35) .

فلابد أن تعلم النساء أنه إذا كانت هناك بعض العبادات التي لا يستطع ن أن يقومن بها، فإن هناك الكثير من أبواب الخير مازالت مفتوحة لهن لإحياء تلك الليلة المباركة، 
فقد يكون إحياء تلك الليلة بالذكر ، فتقول : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، أو الحمد لله ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، و قد يكون ذلك بالاستغفار. 

أو بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويفضل أن تكون بالصيغة الإبراهيمية ( الجزء الثاني من التشهد) .

و قد يكون العمل الصالح الذي ستفعله المرأة في تلك الليلة  الصدقة فقد كان «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ» (صحيح البخاري 6).

 أو صلة الرحم، ولا يجب لكي تصل المرأة رحمها أن تزورهم – خاصة في تلك الظروف التي تمر بها البلاد والعالم  - فتكفي الآن مكالمة هاتفية . 

و أفضل ما تحيي به تلك الليلة هو الدعاء ، فهي ليلة تحقيق الأمنيات ، فتسأل الله من خيري الدنيا والأخرة فكما قال  «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» (مستدرك الحاكم 1802) ، و أفضل الدعاء في تلك الليلة ما أوصي به نبينا  عائشة  < «اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» (مستدرك الحاكم 1942) . 

وأخيرًا نسأل الله أن يعفو عنا ويتقبل منا ومنكم صالح الأعمال .