الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إنجي الحسيني تكتب: انعكاس الثورات على السلوك الفردي للمواطن

صدى البلد

العنف سمة متأصلة داخل الإنسان منذ قديم الأزل، وكما خُلق هابيل جانحًا للسلم خلق أيضًا قابيل ميالا للشر ، ومنذ أن وقعت أول جريمة فى تاريخ البشرية وعرف الإنسان القتل، حتى صار العنف ميراثًا تتوارثه كل الشعوب رغم تحريم التشريعات والأحكام الإلهية ورغم كل القوانين التى تجرمه، بل زادت أطماع النفس البشرية من مظاهر العنف وتُرجمت من خلال الحروب والابادات الجماعية وشهوة السيطرة، ودفع الأبرياء الثمن وتساقطت أعداد مهولة من الضحايا على مر التاريخ.


لذلك لم يكن مستغربا فى الآونة الأخيرة اختلاف نوع الجريمة داخل المجتمع العربي على وجه الخصوص خاصة بعد احتلال أمريكا العراق عام 2003 والتى غرقت فى بحور الفوضى الخلاقة وحسب مجلة لانسيت الطبية البريطانية فقد قتل أكثر من 65 ألف مواطن عراقى منذ بداية الغزو خلال السنوات الأولى للاحتلال حتى وصل عدد القتلى إلى مايقدر بأكثر من مليون مواطن عراقي وقبل  رحيل القوات الأمريكية فى 2011،قامت باشعال فتيل الفتنة وانتشرت النار فى الهشيم لتشهد الدول العربية ثورات فوضوية عنيفة أسفرت عن اعلان تنظيم وحشي جديد عام 2014 وشهد العالم كله صورا قاسية للقتل والذبح على يد "الدواعش "أو الارهابيين الجدد.


وأسفرت تلك الثورات عن تغييرات فى السلوك والشكل الأخلاقي للمجتمع بعد أن ارتبطت تلك التظاهرات بالسرقة والنهب والحرق والقتل، ولم تكن الجرائم جديدة على المجتمع إلا إنها تفاقمت كما لم تكن الحوادث البشعة أمرا نادرا ولكنها صارت تمتاز بالسادية وبشكل لا يمكن تصديقه ومثال لذلك قضية اهتز لها المجتمع المصري لزوجة فى العشرين من عمرها طلبت الطلاق من زوجها لرغبته من الزواج من أخرى ، وبدلًا من تطليقها قام بوضع خطة للتخلص منها وتأجير أحد الأشخاص لاغتصابها حتى يقوم بضبطهما ثم فضحها والتشهير بها حتى تتنازل عن حقوقها المادية، ولاعجب أن جنسية هذا الرجل عراقية وهو الذى قضي نصف عمره تقريبا يشاهد العنف والمجازر التى ارتكبت في وطنه، وهو نموذج واضح على إفرازات ثورات الربيع العربي وتوابعها الفكرية الاجرامية النزعة.


لم يكن ذلك الحادث فرديا، بل أضف إليه جريمة أخرى أثارت أيضا غضب الرأي العام فى الفترة الأخيرة، تمثلت في أم تخلصت من طفلتيها البريئتين بخنقهما بسبب خلافات أسرية مع زوجها لعدم انفاقه عليهم، وهنا تلعب الحالة الاقتصادية دورها انعكاسا لأحداث 25 يناير والتى غيرت من أخلاقيات وقيم المجتمع.


والحديث عن العنف المنتشر داخل الأسرة وبين أفرادها يجب التوقف عنده بالدراسة من قبل علماء الاجتماع ولا نستطيع أن ننسى مشاهد الارهابي الذى قام بتوجيه طفلتيه البالغتين من العمر سبعة وتسعة أعوام  لتفجير نفسيهما داخل مراكز للشرطة بدمشق ، لنعرف كيف وصلت مجتمعاتنا المنكوبة بالارهاب والثورات المدمرة ومدى تأثير ذلك على الأطفال خاصة فى ظل وجود "أشبال الخلافة" .


وما حدث فى قرية "شبرا البهو"من تجمهر لمنع دفن طبيبة الدقهلية وصل إلى حد اضرام  النيران بقش غلال بأراض زراعية وبإطارات سيارات بالطريق العام لمنع قوات الأمن وسيارة الإسعاف من المرور وهو ما يتفق مع سلوكيات وفوضى 25 يناير من اعلاء القوة والعنف، والتهديد والترويع بقصد الإخلال بالنظام العام.


إن الكثير من السلوكيات الشاذة فى المجتمع والجرائم السادية تؤكد على كونها امتدادا لثورات الخريف العربي والذى صنع بيد أمريكية،حيث أكلت الدول تباعا يوم أكل الثور الأبيض، ولم تبق إلا مصر كدولة مؤسسية وكلاعب اساسي على رقعة الشطرنج، لتحارب الارهاب الواقف على الحدود وكذلك العنف الكامن في المجتمع.


وللقضاء على الشكل الجديد للجريمة يجب تغليظ العقوبات وتعديل بعض القوانين إلى جانب إذاعة بعض الأحكام على شاشة التليفزيون تماما كما حدث مع قتلة المهندسة نانيس وأولادها فى التسعينات وهذه مطالب شعبية مكررة .


وتلك الاجراءات يجب تفعليها ليخاف من بقلبه مرض فيعتبر ويتوقف،مع عمل اجراءات إستباقية قبل وقوع الجريمة مثل: تأكيد الأهمية على الصحة النفسية والاهتمام بالمرضي النفسيين وأصحاب الأمراض الاجتماعية ويمكن عمل غرفة للكشف النفسي بكل المستشفيات الحكومية بأسعار معقولة إلى جانب بناء الوحدات النفسية التابعة للدولة .. حتى يتم الاستماع لكل المشكلات المجتمعية وعلاج النزوات التى تؤدى إلى العنف والقتل كما حدث مؤخرا بحوادث شتى، مما يسهل الكشف المبكر على الشباب وبالتالى علاج أفكارهم المريضة والتى تشبعت كثيرا من فوضى الشارع.


إن الاهتمام بالطب النفسي أصبح أمرا ضروريا والتوعية بالعلاج أكثر أهمية إلى جانب التأكيد على دور الثقافة والفن والدين والأسرة وغيرها من الأدوار المجتمعية الهامة والتى تحتاج إلى عناية فائقة وإعادة لترتيب الأوراق لمواجهة تبعات 25 يناير أو فوضى الربيع العربي.