الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العنف المسكوت عنه!


معقولة،.. هذا الكم من العنف نعانيه نحن  النساء في صمت، فما أن أعلن المجلس القومي للمرأة عن دعمه ومساندته القانونية لضحايا قضية موقع التواصل الاجتماعي (انستجرام) الشهيرة حتى تلقى مكتب شكاويه 400 استفسار وشكوى حول العنف بأشكاله المختلفة خلال 5أيام فقط!.. وكأن القضية سالفة الذكر بمثابة حبوب الشجاعة لكل أنثى تعرضت لأذية نفسية أو بدنية   ولم تجرؤ البوح عن وجعها لأحد!.. 


لذا لم يكن غريبًا أن تخرج دعاوي ومطالبات حزبية ومدنية  لفتح نقاش مجتمعي وتشريعي موسع لإصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد المرأة.. لكن ما هي نوعية العنف المراد مناقشته؟!.. هل هو ذلك المسجل صوت وصورة ويتم ابتزاز الأنثى به عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟! أم السب، الضرب، الطرد من المسكن في عز الليل وغيرهم من ممارسات العنف المختلفة من قبل بعض الأزواج والأهل والمثبتة رسميًا بدفاتر محاضر الشرطة؟!.. 


كل ما قيل ويقال يدخل في دائرة العنف ضد المرأة  لكن الأخطر من جميع ما سبق هو ذلك الوجع المحال أثباته.. فهو يتسلل بين الذات وهذا الفؤاد، وكلمة، فرفض، فتجاهل يفقدها الحد الأدنى من ثقتها في شكلها، أفعالها، حتى طباعها!.. 


يحدث ذلك يوميًا لنساء من مختلف الأعمار أحببن رجال، وبكل ما أوتين من مشاعر أسكنوهن بين حنايا القلب، وبدلًا من أن ينلن التقدير والعشق باغتهن حبيب العمر بطعنة غدر مع من تقل عنهن في كل شيء..


 فلن أنسى أبدًا تلك السيدة المسنة ابنة الحسب والنسب، وملامحها التي تؤكد على جمالها أثناء شبابها وهي تحدثني  بدموع مدفونة بين مقلتيها عن  زوجها الذي رحل عن عالمنا من ربع قرن لكن بقت ذكرى خياناته المتكررة مع الخادمات تعذبها ليل نهار .. ولا يزال صوتها عالقًا في ذاكرتي وهي تقول "ربما لو فضل علي الأحلى أو حتى من تماثلني على أي مستوى كان القهر أقل!"..


وبعيدًا عن خيانات رجال زمان، نعود لشكل آخر من العنف الذي يمارس ضد شابات اليوم من قبل أزواج أدمنوا منذ المراهقة محادثات الصفحات الإباحية على مواقع التواصل الاجتماعي حتى أصبحوا لا يجدون متعتعهم إلا من خلالها، والنتيجة اتهامات لا تعد ولا تحصى من فقدان زوجاتهم القدرة على إسعادهم.. ولأن الكلام عن كل ما يخص العلاقة الحميمة يدخل ضمن المحرمات في قاموس النساء ذوات الأخلاق تسكت الكثيرات، وداخلها يقين أن العيب فيها وتهدر سنوات عمرها في متاهة بحثية بين الجائز والممكن الذي ينفر شريك حياتها منها.. ولا الجائز ينصفها ولا الممكن يطمئن خاطرها، ولا تستطيع الإفصاح عن أحزانها ولو لأقرب المقربين، أليس ذلك أشد أنواع العنف ضد المرأة! 


 من وجهة نظري، العنف ليس ضرب، سب، اغتصاب، تحرش، تهديد، ابتزاز، أو حتى ختان فحسب بل هو ذلك الألم  المسكوت عنه الذي نعيشه  نحن النساء سرًا، ويدخلنا في دوامة أسئلة ليس لها أجوبة، لماذا هجرني، ماذا فعلت كي يغتالني بصمت الهاتف وجفاء المشاعر، أين ذهبت دوار لهفته لطله حضوري، وإلى أي جبهة راحت وعوده الغرامية التي سبق وزهدت كل شيء عداها؟!..


 أعتقد أن تلك الممارسات الرجالية المهلكة للروح والجسد التي نتعرض لها نحن الهائمات بحب أزواج أشبعونا أذية لا تقل أهمية عن أي من أشكال العنف الأخرى، فلما لا نضعها في الاعتبار حال مناقشة أي تشريع أو حتى مبادرة لمناهضة العنف ضد المرأة؟!..  

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط