الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد صقر يكتب: الاختيار ما بين قرارات الماضي والمستقبل

صدى البلد

إن كان علينا تعريف الحياة، فالحياة هي الاختيار، سلسلة من الخيارات، قد تختلف صعوبتها ومدى إدراكك بأنك تقوم بفعل الاختيار من سن لآخر، غير إنك بالنهاية تختار، تختار ساعة استيقاظك، تختار ماذا ستتناول صباحًا، تختار من ستلتقي، وتختار ماذا تقول، وحتى إنك تختار مزاجك العكر.

هل قد نختار أحيانًا بطريقة آلية؟
غير إننا عادةً وفي خضم سيرنا عبر سلسلة الخيارات نغلق صمام الوعي لنريح رؤوسنا من التفكير (هاملين دون قصد تبعات الاختيار الخاطئ والنتائج المترتبة عليه)، ونختار بشكل آلي الخيار الأكثر راحة، الأكثر ألفة للنفس، الخيارات التي تشابه طريقة تفكيرنا وعيشنا، وكأنه النسخة الأحدث لتجربة عشناها سابقًا، وننفر كل النفور مما لا نحبه أو نميل إليه بدعوى الحفاظ على السلام الداخلي.

*يمكنك التوقف عن القراءة إن كنتَ فخورًا بقراراتك الحالية، ولا تسعى لاكتشاف جوانب أخرى من عملية صنع القرار، أما إن كنت ممن تستهويهم التساؤلات ولا يجدون ضيرًا في التأمل في الانفعالات النفسية للبشر، فتعال معي لنتأمل*

نماذج من واقع الحياة
لنفترض إنك من عشاق البيتزا، إن تناولت البيتزا لخمسين يوم متتالية مع بعض التغيرات الطفيفة في كل يوم، ما زلت ستكره البيتزا في اليوم الواحد والخمسين، ولن تطيق رائحتها لأن لا تغير حقيقي حصل.

وهكذا هي تجارب الحياة، روحك وقلبك وعقلك يميلون للكسل (حتى وأن نبذت الكسل نظريًا)، فحتى لو اخترت تجارب مختلفة كليًا في درب العلم الذي تحبه حبًا جمًا، وأهملت التجارب الاجتماعية أو الفنون التي لا تجذبك، فستتخلف كثيرًا في ميدان العلم والعلاقات الاجتماعية والذوق الفني السليم.


النفس بين العقل والعاطفة
يعيش الإنسان في هذا الوجود الفسيح بمشاعره وأحاسيسه، التي تُجدِّدُ في قلبه إِهَابَ الحياة، وتُحيي


الروح أيضًا تحتاج لتمارين كما الجسد تمامًا
كل جوانب الحياة متصلة في العمق، وإن بدا لكَ ذلك غير واضح، وإن إهمال جوانب معينة إهمالًا تمامًا يؤدي إلى كسل الروح، فالروح تفقد مرونتها، وتختفي عضلاتها، ولا تعود قادرة على التقدم حتى في تلك الميادين المهمة لكَ الآن وتسعى إلى التطور فيها.

علينا في كثير من الأحيان اختيار عمل لا نحبه، وأشخاص لا نتوافق معهم، ومدن لا ننجذب إليها، لكي تكتمل تجربتنا الحياتية، وتتباين في ألوانها، ونصبح أوسع نظرًا، وأعدل حكمًا، وأرسخ جذورًا، وأسرع تطورًا.

تقبل النصح والإرشاد ووجهات النظر تعود بالنفع على الجميع
الأشخاص الذين ينظرون من زواياهم، ويعتقدون إن محاولة التأقلم مع وجهات نظر الآخرين مضيعة للوقت، هم بهذا يرون أنفسهم الأبطال الوحيدين لقصة العالم، متغافلين عن إن القصص كثيرة، وكل منا هو البطل في قصته، ولدينا قيمنا الخاصة ومعقداتنا الفريدة التي تشكل فرادتنا الشخصية والتي نعتقد بصحتها ورجاحتها، ولو سار كل منا على قناعاته فقط، ما أنُجز شيء على وجه البسيطة، ولسادت الأنانية وهدمت الديار على من فيها، فبعض المشقة الناتجة عن قرارات لا تروق لنا تزيد فهمنا للآخر، وتهذب النفس، وتريض الروح وتلطفها، وتدفع عجلة التنمية إلى الأمام.