EN 
كثير من الاختراعات والابتكارات المتواجدة حولنا ولا نشعر بمدى روعتها كانت عند بدايتها نقلة نوعية في العالم أجمع، لعل مسحوق غسيل الملابس واحدا من تلك الابتكارات التي تحمل خلفها تفاصيل كبيرة وقعت احداثها في القرن الرابع عشر الميلادي.
هل تسائلت يوما من أين أتى مسحوق الغسيل وكيف بدأ العالم يتجه إلى استخدامه للحول على ملابس نظيفة وذات رائحة عطرة، الإجابة عند علي بن محمد أيدمر والذي عرف باسم عز الدين علي بن أيدس بن علي الجلدكي ، أحد أشهر علماء الكيمياء العرب ويعود الفضل إليه في العديد من الاختراعات والابتكارات التي تعيش حتى وقتنا الحالي، ومسحوق الغسيل أحد تلك الابتكارات.
لم يكن انجاز أيدمر الوحيد ممثلا في مسحوق الغسيل، إذ ينسب إليه التوصل إلى أنه أول من أكتشف أن المواد الكيميائية لا تتفاعل مع بعضها إلا بأوزان معينة، ليكون بذلك أول من يضع القاعدة الأساسية في قانون النسب الثابتة، هذا إلى جانب أنه أول من توصل إلى طريقة لفصل الذهب عن الفضة بواسطة حامض النيتريك.
وفي سبيله لوصف دور مسحوق الغسيل في تنظيف الملابس وخلوها من أي روائح تأتي من التعرق الأتربة قال في أحد مؤلفاته: "الصابون مصنوع من بعض المياه الحادة المتخذة من القلي والجير، والماء الحاد يهرئ الثوب، فاحتالوا على ذلك بأن مزجوا الماء الحاد بالدهن الذي هو الزيت، وعقدوا منه الصابون الذي ينقي الثوب ويدفع ضرر الماء الحاد عن الثوب وعن الأيدي".
ويمكن تعريف التنظيف بشكل مبسط أنه كل تفاعل كيميائي اوفيزيائي يمكن من خلاله العمل على نزع حاجز الأوساخ بغض النظر عن وصفها سواء سائلة أو صلبة أو مزيج بينهما من على الاسطح على القماش أو الصوف أو غيره من المواد القابلة للغسيل.
ويظهر هنا من خلال كلماته إلى أنه لجأ إلى دراسة القلويات والحمضيات وتمكن بعد خبرة طويلة من العمل على إدخال تحسينات على صناعة الصابون، من خلال إضافة بعض المواد الكيميائية التي تقلل من مفعول المواد الكاوية.
ولما كان له باع طويل في الكيمياء وضع العديد من المؤلفات خلال مسيرته العملية والعلمية، حيث عرف له عدد من المؤلفات والمتواجدة في عدد من المكتبات الدولية العامة حيث كان كثير الترحال ما بين دمشق والقاهرة ومن ضمن مؤلفاته (البدر المنير في معرفة الإكسير، والدر المكنون في شارح قصيدة الظنون، وكذا بغية الخبير في قانون طلب الإكسير، والدر المنثور، وكشف الستور، ودرة الغواص وكنز الاختصاص في معرفة الخواص، ومخمس الماء الورقي، ونتائج الفكر في أحوال الحجر، ، وشارح الشمس الكبرى أبولونيوس، وأنوار الدر في إيضاح الحجر، وشرح قصيدة أبي الأصباع).
