الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كفانا أذية


ساعات قليلة ويهل علينا عام هجري جديد ومعه أمل ورجاء ودعوات أرفعها أنا وأنت ونحن لرب العباد ليحقق لنا كل أمنية معلقة بين الأرض والسماء.


ووسط أحلام لا نهائية ببكرة الأحلى، راودني سؤال لم يخطر على بالي من قبل، لماذا لا ننتهز الاحتفال بالسنة الهجرية، ونهجر أي علاقة أو موقف تسبب في أذيتنا؟! وبدلًا من انتظار معجزة سماوية تضمد الجراح نساعد أنفسنا ونبتر موطن ألمنا؟! فلا يوجد في الكون أفضل من رسولنا الكريم لنتعلم من سيرته العطرة، فلما لا نتخذ من قصة هجرة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه من مكة إلى يثرب والتي سميت فيما بعد المدينة المنورة جراء ما كانوا يلاقونه من إيذاء زعماء قريش درسًا  لنهجر جميعًا أي علاقة موجعة في حياتنا سواء كانت عمل، صداقة، أو حتى زواج؟!


أقول هذا من كم الرسائل التي أتلقاها يوميًا من نساء ورجال يعيشون على فوهة بركان وكل منهما يشكو من أذية الأخر، والغريب أن أحدهما لا يقوى على الفراق ولا يستطيع التأقلم مع تبعات أوجاع علاقة زوجية يشكو منها ليل نهار.


لا أقصد بكلامي هذا امرأة مجبورة ماديًا أو اجتماعيًا على الاستمرارية، لأن هذه السيدة يمكن حل مشكلتها ببساطة لو وفرنا لها مكانا آمنا للعيش ومصدر رزق يغنيها وأولادها عن زوج أذاقها جميع أشكال العذاب، إنما أعني تحديدًا عددا ليس بقليل من النساء يملكن المال والظروف الاجتماعية الميسرة للخلاص، لكنهن يفقدن الاستقلالية المعنوية ما يدفعهن لاختيار ما يصفونه بالمهانة عن هجر الوجع والبدء من جديد!


ولا أستثني من كلامي هذا رجال هم في قراره أنفسهم لا يقون على البعاد لكنهم يستمتعون بدور الضحية حفاظًا على مستقبل صغار من زوجة لا تطاق على حد قولهم ليبررون لذاتهم قبل الآخرين تحملهم للعذاب!


لنعلم نحن رجال ونساء أن التعاسة ليست قدر العلاقات الزوجية، والسكوت على القهر ليس إنجاز نستحق عليه جائزة الطرف الأكثر مثالية.


 فالنضال من أجل الاستمرارية يعتمد على فتح نوافذ قلوبنا للجوانب المشرقة في الطرف الأخر التي كانت يومًا سببًا في دوار لهفتنا عليه، هكذا، تمضي سفينة الزواج في سلام فإن لم نستطع التغافل عن الجانب المظلم علينا فورًا ترك السفينة بما فيها من معاناة وهجر تلك العلاقة المدمرة.


ولا يختلف الأمر في الصداقة التي نختارها بمحض وكامل إرادتنا ورغم ذلك يشكو البعض من سوء الطرف الآخر وأذيته.


كذلك العمل والذي نتعرض أحيانًا فيه للاضطهاد من قبل مدير يتفنن في الظلم وتلفيق الاتهامات، أو زميل يحيك المكائد والمؤامرات، فإما أن نتصدى لهؤلاء متخذين كافة الإجراءات الإدارية والقانونية لاستعادة حقوقنا المسلوبة، أو نترك المكان برمته ونذهب لأخر قد نجد فيه فرصتنا الحقيقية.


باختصار، تعالوا نستقبل عام 1442الهجري بابتسامة وقرار غير قابل للتراجع بهجر كل علاقة منتهية الصلاحية رافعين شعار "كفانا أذية".


وكما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أعتزل ما يؤذيك وعليك بالخليل الصالح وقلما تجده وشاور في أمرك الذين يخافون الله".


وكل سنة هجرية وأنا وأنتم في أحسن حال.. اللهم أجعله عام مليء بالأفراح والمسرات وأبعد عنا كل حزن ووجع وفقد وعلاقات مؤذية. 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط