الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل الرضا ضد الطموح وكيف تحقق السعادة؟.. الإفتاء تجيب

هل الرضا ضد الطموح
هل الرضا ضد الطموح

قال الدكتور أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، إن الرضا له معنيان الأول إيجابي وهو القناعة بما قسمه الله تعالى للإنسان مع الأخذ بالأسباب والسعي وهذا أمر إيجابي وليس ضد الطموح.

وأضاف «ممدوح» خلال لقائه ببرنامج «من القلب للقلب»، المُذاع على فضائية «mbc مصر»، أن النوع الثاني هو الرضا بمعنى الاستسلام  للأمر الواقع والخنوع وترك الأخذ بالأسباب والإحباط، وهذا ليس رضا ودائمًا صاحبه لا يشعر بالسعادة.

وأشار إلى أن القناعة تترك أثرًا طيبًا في النفس وهو السعادة، فإذا الإنسان غير راضٍ فلا يشعر بالسعادة، وعلى الإنسان ينظر إلى ما آتاه الله تعالى من نعم، فلابدّ لكلّ مسلم أن يتذكّر نعم الله عليه، وأن يشكره عليها، فإن استحضرنا نعم الله علينا، عرفنا رحمة الله بنا، وإن عرفنا رحمة ربّنا بنا، طمعنا في رضاه وحبّه، فوالله الذي لا إله إلّا هو ما شكر عبدٌ ربّه إلّا زاده من فضله.

الفرق بين الرضا والصبر

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الرضا يأتي بالسرور للقلب، وسبب ذلك التسليم، مضيفا": سلم لله، ولأمر الله، ولقدر الله، ولقضاء الله، فنفرح بما يجريه علينا، فيحدث الرضا{رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} يعني هناك ناس ترضى عن ربنا، يا رب أنا راضي، أنا مبسوط يا رب، فالانبساط والسرور والرضا هذا أتى من أنني قد سلمت نفسي فأسلمت لله رب العالمين، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} التسليم، {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.


واستشهد بقوله تعالى:" {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فالرضا يجعل الإنسان في درجة الإحسان .


وأكمل: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ إذن، هذا يؤدي إلى الرضا ، والرضا نعمة كبيرة لأنها ستسبب عندك القناعة، وستسبب الرضا ،قال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} إذن رضوان ربنا نعمة، وأيضا يسبب الفوز والربح للإنسان.


وأوضح: كان سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه يقول: «ما أبالي على ما أصبحت، وما أمسيت أحبَّ إليَّ؛ لأني لا أدري أيهما خير لي». رضا. وكان يقول أيضًا: «لو أن الصبر والشكر بعيران لي في ملكي، ما أبالي على أيهما ركبت».


وأكمل: إذن ممكن أركب الصبر إذا كانت هناك مصيبة، وممكن أركب الشكر إذا كانت هناك عطية ومنحة من الله سبحانه وتعالى، إذن ففيه تسليم ورضا على كل حال، كل ما يأتي منك يا ربنا جميل. وكان سيدنا عمر بن عبد العزيز يقول: «أصبحت وما لي في الأمور من اختيار». يعني متوكل على الله، راضي، تاركها لله، وليس معنى تاركها لله ترك الأسباب، أو ترك الدنيا، ولكن تاركها لله ، شعور جميل يزيدني ثقة بنفسي، وثقة واحترام للآخرين.


وأشار جمعة إلى أن هناك الفرق بين الرضا وبين الصبر؛ فيجب أن تدرب نفسك على الرضا، لأن طبيعة الإنسان أنه يجزع عند المصيبة، ويسعد بالفرح فالقضية تريد تدريب، ومراقبة، والإمام الغزالي في «الإحياء» يأتي لنا بقصة لطيفة حدثت بين سيدنا علي بن أبي طالب-و سيدنا علي بن أبي طالب كان عالمًا، وكان مربيًّا- وبين عدي بن حاتم الطائي، فسيدنا علي، رأى عدي مكتئبا، فقال: «يا عدي، ما لي أراك كئيبًا حزينًا؟». فقال: «وما يمنعني أن أكتئب؟ فقد قتل ابناي وفقئت عيني». فقال: «يا عدي، من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله».

يعني: يا عدي، القضاء نافذ نافذ، فإذن، يا ترضى، يا تسخط، الرضا لن يصد قضاء، والسخط لن يصد قضاء، القضاء نافذ نافذ. فما رأيك: أن ترضى وتؤجر، أو أن تسخط ويحبط عملك.


واختتم عضو هيئة كبار العلماء موضحا أن هذه القصة تبين الفرق ما بين الرضا والصبر ، وهى معاني متولدة بعضها من بعض، يعني الرضا هذا سيساعد الإنسان على الصبر{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ} متى يكون الصبر جميل؟ عندما لا يكون فيه تبرم، ولا اعتراض على مراد الله، ولا كذا إلى آخره، الرضا سيذهب الحزن، الرضا يساعد على الزهد، الرضا يساعد على التوكل والتسليم، الرضا سيجعلك تفهم الأشياء على حقيقتها، أنه لا يكون في كونه سبحانه وتعالى إلا ما أراد. فلا يتم شيء إلا بخلق الله، وبمراده سبحانه وتعالى.