الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماكرون وفيروز ولبنان


 لا تزال الزيارة تلو الأخرى، التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون إلى لبنان تثير أسئلة شتى، على كافة المستويات الإقليمية والدولية وداخل لبنان.

 ففى السياسة الدولية، ليس هناك مجال للعواطف ولكن مصالح ومكاسب وخسائر وصفقات. لكن مع هذا لا يمكن إنكار أن مبادرة الرئيس الفرنسي، ماكرون، بالذهاب إلى لبنان ومحاولة البحث عن حل وسط السلطة القائمة الموجودة.

 وبترتيب شديد لما تم وما هو منتظر، نجد أن كل من الزيارة الأولى لماكرون والزيارة الثانية خلال شهر واحد تقريبا، والتي تفقد فيها مرفأ بيروت واجتمع فيها مع العديد من القيادات اللبنانية فإنه يحاول الوصول إلى حل للمعضلة اللبنانية.
 انهيار دولة مثل لبنان، وعدم القدرة على سداد الرواتب أو تسيير أمور الدولة سيكون فاجعة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وسيكون أكثر من الدول التي تتورط في صراعات أو حروب أو غيرها. لأن بعضها يكون مدركا لتصرفات ويجد سبلا مختلفة للدعم. لكن الحالة مع لبنان انهيار ذاتيا مفجعا، بسبب سوء إدارة موارد الدولة من جهة وتسلط ميليشيات إيرانية ذات توجهات خارجية مثل حزب الله من جهة أخرى. 

الوضع صعب، وأشبه ما يكون بفوضى هائلة. فالحكومة لا تسير بشكل مباشر وسلس، ولكن توجهها ميليشيا حزب الله.

وحزب الله لا يسير من دماغه، ولكن توجهه إيران. وإيران مصالحها متعارضة مع مصالح جموع الشعب اللبناني.. هنا تتبدى الأزمة.
 فمصلحة لبنان تسير في اتجاه انفتاح عربي، وعلاقات اقليمية ودولية حتى مع بعض الدول التي تكرهها إيران، وتتآمر عليها مثل السعودية.
أما مصلحة ايران فإنها تريد الإبقاء على بيروت، في حضن "مستعمراتها المذهبية" وفي مربع اليمن وسوريا والعراق.. العواصم المحتلة من إيران!

 ماكرون أدرك هذا وقال بوضوح قبل زياره الثانية قبل نحو أسبوع، إنه منفتح على جميع التيارات السياسية في لبنان ويريد انطلاقا من قوة فرنسا، وبالتعبير عن مجتمع دولي، يريد أن يساعد لبنان وأن تنهض بيروت من أزماتها. وتحقق الاصلاحات المطلوبة ليتدفق عليها الدعم الدولي من الخارج. ويوافق صندوق النقد الدولي على التعاون معها.
وقال: أمام السلطة الموجودة شهر، فإذا كان هناك إصلاح حقيقي سنبلغ المجتمع الدولي بهذا. وإذا لم يكن هناك إصلاح حقيقي فستكون السلطة القائمة في لبنان هى التي جنت على الشعب اللبناني.

بعض الساسة، ينظرون إلى تصرف ماكرون انه نوع من الحنين الفرنسي الى "المستعمرات القديمة". وقد كان معروفا أن الشام في يوم من الأيام ولعقود طويلة، كان تحت نير الاستعمار الفرنسي. لكني أرى أنه نوع من الحنين إلى كل لبنان. وحماية لأوروبا من خطر مجهول قد يتبدى في تدفق ملايين اللاجئين اللبنانيين إليها لو انهارت الدولة أكثر من ذلك.

 الشوق الى لبنان الحرية والفن والابداع وسويسرا الشرق. وهنا جاء اختيار ماكرون موفقا بالنزول على "جارة القمر" فيروز وتناول فنجان قهوة معها.
إنها رمز لبناني يجمع عليه كل اللبنانيين، والرسالة توحدوا من أجل لبنان. سقوط الدولة ليس شيئا سهلا وسقوط لبنان وفي ظروفه الاقليمية والدولية والاقتصادية المتردية سيكون مأساويا وغير مسبوق.

 فيروز، هى المنطلق وهى الصوت الجبلي الساحر، الذي تجمع عليه أمة لبنان والأمة العربية وآخر ما تبقى من زمن الفن الجميل. لذلك فالبدء بزيارتها رسالة الى اللبنانيين.. توحدوا.

علاوة على ذلك، فإن ماكرون الذي يبدو زعيما أوروبيا نشطا على خلاف الآخرين. قال لأحد رموز حزب الله الذي التقاه خلال زيارته الماضية، وهى المقابلة التي نشرت تفاصيلها.

تحركوا من أجل لبنان.. نعرف جميعا أجندتكم الإيرانية، لكن اليوم صعب، لابد أن تتحركوا من أجل لبنان ومستقبل أولادكم.

 لبنان في مفترق طرق حقيقي، فشياطين الملالي، أتباع آيات الله يعبثون بها، وهى وطن جميل صغير لا يتحمل كل هذا الهوان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط