الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هويدا دويدار تكتب: الجانب الآخر من التطبيع

صدى البلد

قال موشيه دايان (نحن جيل مستوطنين ودون الخوذة والحديد والمدفع لن نستطيع أن نغرس شجرة أو نبنى بيتا فدعونا لا نغفل الكراهية التى يلتهب بها مئات الآلاف من العرب حولنا ).. وقال ماركس ( إن الشعب الذى يقمع شعبا آخر لا يمكن أن يكون هو نفسه حرا ).


إن الحدث الأهم الذى أطل فى الفترة الأخيرة هو عقد اتفاقيات عربية اسرائيلية تتضمن التعاون الاسترتيجى والاقتصادى، فإسرائيل دائما تسعى لإثبات وجودها على الساحة فى حين أن عقد أى دولة عربية لأى اتفاق سلمى لن يغير ما تخفيه النوايا الصهيونية وسعى الدول العربية للاتفاقيات فهو تخطى لكل ما مرت به البلدان من نضال وأزمات دائمة مع العرب واليهود والكيان الصهيونى. 


فهل نلتمس اسبابا لذلك ! فطبيعة دولة الامارات، فهى دولة تتعدد بها العرقيات والاجناس ولم نجد أى صراع مذهبى أو طائفى داخل الدولة  ولم يكن هناك دور بارز للامارات فى حل القضية الفلسطينية سابقا .


فهل يمكن أن نجد دورا بارزا الفترة القادمة ؟ وحتى نتفهم طبيعة الفكر يجب أن ندرس طبيعة النشأة ...  إن اسرائيل مجتمع طبقى منقسم بين أشكيناز وسفرديم وعلى حسب التقسيم والتعدد والتنوع ينقسم عموديا وأفقيا عموديا من عرقين أساسيين هما السفارديم وهم اليهود الغربيون  وهناك تناقضات كبيرة بين هاتين الفئتين ورأسيا على أسس متعددة مسلمين ومسيحيين ويهود علمانيين ومتدينين ومهاجرى الفلاشا وحديثا مهاجرى الاتحاد السوفيتى، وتشعر الأعراف والطوائف بالظلم الشديد والاضطهاد لمحاولة استبعادهم من الحياة السياسية ولا يتمتع اى منهم بالمناصب العليا فى الدولة إلا ما ندر  ويشعر يهود السفرديم بسيادة العنصر الغربى (الاشكيناز ) فتصريحات جمعية حقوق المواطن اليهودى أظهرت خفايا هذا المجتمع النابض بالعنصرية  والتعصب والكراهية للعرب وبخاصة عرب 48 .


والمطلع على كتاب (باعيل دايان)بعنوان (وجه المرآة) للمؤلفة الصهيونية ابنة موشيه دايان .حيث أسهبت فى وصف المجتمع الاسرائيلى المنحل والغارق فى الفساد والانحطاط ومؤخرا كشفت الباحثة (دايلا رايخ ) فى دراسة نشرتها صحيفة هاآرتس أن المال والنفوذ والنساء هم أهم الأسلحة التى استخدمها الكيان الصهيونى ولا يزال مستمرا فى إقامة كيانه وبناء دولته  لذلك فالمجتمع الصهيونى هو عينات صغيرة من مجتمعات وشعوب متعددة جمعتها فكرة التعصب لدين ضد الأديان الأخرى وتاريخ محدود الزمان فى مواجهة تاريخ واسع متجدد وأداء متمرد على كل ماهو انسانى.


فالعقلية العنصرية الراسخة لم تنشأ من فراغ بل كافة مؤسسات الدولة ساهمت فى ذلك إسهاما كبيرا وفى توسيع دائرة العداء للإنسان العربى من خلال انتهاج نهج تحريض سافر وزرع ثقافة العداء تجاه العرب.. فلن نراهن على تغيير وجهة نظر المجتمع اليهودى ما دامت ثقافة العداء هى المسيطرة فتلك العقليات تربت على عدم تقبل الآخر كعنصر يزاحمها على الأرض فلم يعد هناك سبيل لتحرير عقلية المواطن اليهودى التى أصبحت جزءا من ثقافته اليومية وسلوكا يلازمه فى كل مكان وزمان. فهل يمكن أن يتغير الفكر الصهيونى تجاه العرب ؟وهل يمكن أن تجدى سياسة الأيدى الممدودة القضية الفلسطينية ؟ جميعها تساؤلات مطروحة ولكن السؤال الأهم: ما الذى ستجنيه اسرائيل من وراء هذا التطبيع ؟؟


فقد أوضحت اسرائيل بعض البنود وأكدت عليها خلال الاتفاق ..أنه لا يحق للإمارات أو أى دولة أخرى أو جهة التحدث بالنيابة عن الشعب الفلسطينى وان الاتفاق غير ملزم للشعب الفلسطينى ولا السلطة الفلسطينية ولم يتم التحدث أو وضع حلول نهائية لقضايا القدس أو اللاجئين وحق العودة والمستوطنات ، إنما تم تعليق السيادة على ضم الأراضى الفلسطينية وأوضح نتنياهو أنه تعليق وليس إجراء وقف نهائى للضم .


فقد استفادت اسرائيل استراتيجيا وهو وقف توغل ايران وتهديدها حيث رسخت نفسها فى لبنان وسوريا وغزة فهى تمثل تهديدا أمنيا دائما لاسرائيل وهذه الاتفاقية جعلت ايران تحت أعين اسرائيل وبالتأكيد إضعاف محور التهديد الشيعى ، أما دولة الامارات تسعى منذ فترة لانتاج أسلحة خاصة بها بدلا من شرائها من الآخرين فالاتفاق شمل ترقية اسلحتها القديمة مما مثل صفقة مربحة لاسرائيل من الناحية التجارية .


وقد جاءت التقارير المتعلقة بالتجارة العسكرية ان المبيعات للانظمة والدفاعات الصاروخية والاسلحة الموجهة وانتاج طائرات بدون طيار هى دليل على حقيقة أن الدفاع الاسرائيلى حين موافقته على الصادرات العسكرية السرية الى دول الخليج فلن تمثل تهديدا عسكريا لها .. بالاضافة أن استقطاب أى دولة عربية هو اعتراف بالوجود اليهودى وتقبله .


ولكن تبقى هنا حلقة مفقودة ولم تعلن بعد .. اذا كانت اسرائيل قد وضعت ايران تحت الاعين والسيطرة .. فماذا عن مصر ؟؟ فما حدث فى ملف سد النهضة والدور الاسرائيلى به يجعلنا دائما باحثين عن أسباب السعى وراء اى اتفاقيات معلنة وغير معلنة .. وعلى وجه العموم فنحن نتأسى دائما برسولنا الكريم فلم يجد فى عهدهم صدقا أو حفظا للعهود .