الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: كل الأديان دعت إلى العفاف ومأمور به على لسان الأنبياء

د على جمعة
د على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن  الأديان خاصة الإسلام دعت إلى العفاف وهو أمر يحدث اختلافًا بين المتدينين وغير المتدينين، ومن شدة الاتفاق عليها بين أهل الأديان لم يكن أبدًا عبر العصور وحتى في عصرنا الحاضر محلًا للاجتهاد بل كان محلا للاتفاق سواء أقام الشخص به في نفسه أم لم يقم، فإن الجميع يعلمون أن العفاف بكل جوانبه مأمور به على لسان الأنبياء.

وأضاف جمعة عبر الفيسبوك: ترى القرآن قد أمر بغض البصر عن العورات والمحرمات، قال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، وقال رسول الله ﷺ: "النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه جل وعز إيمانا يجد حلاوته في قلبه" (مستدرك الحاكم). 

وتابع: وأمر بحفظ الفرج ، ومن هنا جاء مفهوم العورات التي أمر ﷺ بسترها كما جاء في حديث بهز بن حكيم قال: حدثني أبي عن جدي قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر، قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله فإذا كان القوم بعضهم في بعض، قال: إن استطعت أن لا يرى أحد عورتك فافعل، قلت: فإذا كان أحدنا خاليا، فقال: فالله أحق أن يستحيا من الناس. (سنن النسائي الكبرى).


قال فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن العفة من الأخلاق التي يبنى عليها استقرار المجتمعات، شعوبًا وحكامًا ومسئولين وأفرادًا ومؤسسات، وهي من القيم التي تحتاج إلى ممارسة وتدريب وتحمل، لأنها غير مطبوعة في خلقة الإنسان وشعوره كالحياء، مبينًا أن من ثمرات العفة الاقتصاد والتوفير والقناعة والاستغناء عما زاد عن الضرورات والحاجيات.


وأوضح فضيلته  أن العفة المحمودة لها شروط من أهمها أن يصبح التعفف خلقًا يصدر بصورة تلقائية سهلة لا تكلف فيها، وألا ينتظر المتعفف جزاءً ولا مصلحة ولا نفعًا ماديًا، وألا يكون تعففه عن شيء وسيلة للحصول على شيء أكبر منها، وألا يكون التعفف بسبب العجز وعدم القدرة، أو يكون التعفف عن شيء تجنبًا لضرر يترتب على ذلك الشيء، أو لأن المتعفف ممنوع من طلب ما يتعفف عنه، فكل ذلك ليس من العفة في شيء، لأن عناصر الإرادة والعزة والاعتلاء مفقودة في هذه الأمثلة وأضرابها.


وأشار فضيلة الإمام الأكبر إلى أن العفة فضيلة تلازمها فضائل عدة، في مقدمتها الاستغناء والاستعلاء المحمود، كتعفف الفقير واستغنائه عما في يد الناس، فهذه المعاني السامية أمر القرآن الكريم بالتحلي بها، قال تعالى: "للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم".


وأضاف شيخ الأزهر أن الله أمر أولياء اليتامى من الأغنياء بالعفة في التعامل مع أموالهم وذلك في قوله تعالى "ومن كان غنيًا فليستعفف.."، كذلك أمر الله الشباب ممن لا يستطيعون الزواج بالعفة وذلك في قوله تعالى "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله"، مبينًا أن الله وعد هؤلاء الصابرين بتيسير الأسباب ووعده لا يتخلف، مضيفًا أن ذلك الوعد تحقق كثيرًا رغم غلاء المهور وسفه النفقات ووضع الأموال في غير موضعها الصحيح وكلها عقبات تضرب عفة الشباب في مقتل.


واختتم فضيلته الحلقة بأن حاجة المسلمين اليوم للتخلق بفضيلة العفة تنبع من كونها أمرا شرعيا وتوجيه ليس منه بد، لإصلاح ما فسد من سلوكنا وتصرفاتنا بسبب الجشع وضعف النفوس والجري وراء المال الحرام وتفشي السرقة وهتك الأعراض وفساد الذمم، وغياب الوعي بقيم التراث والجهل بالثقافة الإسلامية الصحيحة.