الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العالم يشهد نموذجا للحرية المنفلتة.. رئيس الطائفة الإنجيلية: شبابنا يحتاج لتوعية عميقة بأهمية الدين

صدى البلد

أعرب الدكتور القس إندريه زكى عن سعادته بالتواجد في وكالة أنباء الشرق الأوسط لمناقشةِ قضايا مهمةٍ تمسُّ صميمَ المجتمعِ المصريّ، مقدما  الشكرِ إلى الدكتور مُحمَّد مُختَار جمعة، وزيرِ الأوقافِ، على رعايتِهِ وتنظيمِهِ لهذهِ السلسلةِ منَ اللقاءاتِ التي تسعَى نحوَ تأصيلِ قِيَمِ العيشِ المُشتَرَكِ واحترامِ الآخرِ في عَصرِنَا الحاليّ.

كمَا شكرُ أيضًا الدكتور أشرف صبحي، وزيرَ الشبابِ، على المجهودِ المتميِّزِ في التعاملِ مع قضايا شبابِ مِصرَ وبناءِ اللُّحمَةِ الوطنيةِ، كذلك فضيلةَ المفتي الدكتور شوقي علَّام، الذي يَضطَلِعُ بدورٍ هامٍّ في دعمِ العيشِ المشتركِ.

ووجه الشكر أيضًا إلى نيافةَ الأنبا إرميا الذي يساهمُ بفاعليةٍ في بناءِ جسورِ التآخي في مِصر،  والدكتور عبد الهادي القصبي، رئيسِ الطرقِ الصوفيةِ، وسامح فوزي، كبيرِ الباحثينَ بمكتبةِ الإسكندريةْ، وعَلي حَسن، رئيسِ تحريرِ وكالةِ أنباءِ الشرقِ الأوسطْ.  

وقال الدكتور القس إندريه زكى إن تاريخُ المجتمعِ المصريّ يخبرنا  دائمًا أنه كانَ مجتمعًا تعدديًّا، تعيشُ فيهِ فئاتٌ مختلفةٌ في مجالاتٍ شتَّى. واليوم، لدينا تنوُّع وتعدُّديةٌ في المجتمعِ المصريّ. ولكن يظلُّ الدينُ يمثِّلُ قدسيةً خاصةً للمصريينَ جميعًا. وعلى مرِّ التاريخِ، كانَ احترامُ الدينِ يمثِّلُ خطًّا أحمرَ لا يتخطَّاهُ أحدٌ ولا يمسُّ قدسيتَه أحدٌ.

وتابع قائلا، إنه عندَما نَنظُرُ لِمَا يحدثُ اليومَ في أماكنَ عديدةٍ في العالمِ نَجِدُ نموذجًا للحريةِ المنفلتةِ، التي لا تُراعِي مُقدَّساتِ الآخر، ولا تحترمُ حرياتِ الآخرينَ في العبادةِ والاعتقادِ، كَمَا أنَّ ما نرَاهُ يوميًّا على وسائلِ التواصلِ الاجتماعيّ يُظهِرُ لنا عُمقَ الاحتياجِ للتواصلِ مع الشبابِ المصريّ، بهدفِ تعميقِ ثوابتِ احترامِ الدينِ وقدسيَّةِ العقيدةِ والتعايشِ المُشتَرَكِ مع الآخرِ المُختَلِف، وهذا يقودُنا للحديثِ عن الدورِ الكبيرِ المُلقى على عاتقِ وسائلِ الإعلام في تنميةِ هذا الوعيِ الشبابيّ بالدينِ ومقدَّساتِه، وخصوصًا وسائل التواصلِ الاجتماعيِّ الحديثةْ.

وأشار إلى أنه مَعَ بداياتِ القرنِ الحادي والعشرين، بدأَ يظهرُ الدورُ المحوريُّ الذي تستطيعُ وسائلُ التواصلِ الاجتماعيّ أنْ تلعَبَهُ من خلالِ مجالاتٍ عديدةٍ، فلقَدْ أصبحْنَا بحاجةٍ ماسَّةْ إلى فهمِ التفاعلِ بينَ الدينِ ووسائلِ التواصلِ الاجتماعيّ، أو كما يسمِّيها بعضُ الخبراءِ "الإعلامُ الجديدْ- الميديا الجديدة"؛ فالظاهرةُ جديدةٌ -نسبيًّا- ولم تتجاوزْ عشرَ سنواتٍ، ولكنْ في الوقتِ نفسِه، فإنَّ تطوُّرَها يسيرُ بسرعةٍ كبيرةٍ، ممَّا يتطلَّب فَهْمَها والعملَ على دراسةِ تأثيراتِها على المجتمعاتِ عامةً، والمجتمعِ المصريِّ خاصةً.

ونوه الدكتور القس إندريه زكى إلى أن مواقع التواصل الاجتماعى أصبحَت ذات قوةٌ وقدرةٌ غيرُ محدودةٍ على التأثيرِ في ثقافةِ الأفراد، خاصةً الشبابْ، وسلوكيَّاتِهم، وأفكارِهم وتصرُّفاتِهم. فمعظمُ مبادئِ وقَنَاعَات هؤلاء -سواءَ عبرَ التخيُّلِ أو التحدُّثِ أو التحليلِ الدقيقِ أو تبنِّي تجاربِ وخبراتِ الآخرينْ، أصبحتْ داخلَ هذهِ المواقعِ تصوراتٍ قابلةً للتعديلِ والتغييرِ من طرفِ المؤثِّرينْ، حيث أصبحَ مستخدِمو مواقع التواصلِ الاجتماعيّ اليومَ لا يكتفونَ بالعيشِ في المجتمعِ، بل يقومونَ أيضًا بإنتاجِ أشكالٍ جديدةٍ للوجودِ الاجتماعيّ.

وأضاف أن وسائلَ التواصلِ الاجتماعيّ استطاعتْ خلقَ جيلٍ جديدٍ قادرٍ على القراءةِ والتحليلِ. كَمَا أنَّ المحتوَى الفكريَّ الذي تتناولُه وسائلُ التواصلِ الاجتماعيّ متنوعٌ بطبيعتِهِ بينَ ما هو ثقافيّ، واجتماعيّ، واقتصاديّ، وسياسيّ.

وأشار إلى أن الدين حضرَ دومًا على الشبكةِ العنكبوتيةِ منذُ بداياتِها، وبطبيعةِ الحالْ، أصبحَ منَ الممكنِ مناقشةُ الدينِ والعقيدةِ في إطاراتٍ مختلفةٍ على هذهِ المواقِع، ويمكِنُنَا ملاحظةُ أنَّ شبابَ اليومِ هو جيلٌ تمرَّسَ على نوعٍ منْ أنواعِ الحريةِ التي يتيحُها الفضاءُ الافتراضيُّ، ممَّا جعَلَهُم يتعاطونَ أكثرَ فأكثرَ معَ قضايا الدينِ ومُعضِلاتِه أكثرَ ممَّا حدثَ في العصورِ السابقةِ.

وتابع رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر إن هذهِ العودةَ القويةَ للدينِ داخلَ الواقعِ الافتراضيّ لم تحدُثْ بالشكلِ التقليديّ كما تمَّ ترسيخُه داخلَ الواقعِ الحقيقيّ، وإنَّما في شكلٍ جديدٍ يتميزُ بالكثيرِ من النقدِ في بناءِ القناعةِ وفي الاعتقادْ.

وأوضح القس أندريه زكي أنه في هذا الإطارِ الإعلاميِّ الجديدِ، يقعُ دورٌ كبيرٌ على المؤسَّساتِ الدينيةِ، سواء الأزهرْ أو وزارةِ الأوقافِ أو دارِ الإفتاءِ أو الكنائسْ بمختلفِ مذاهبِها في مِصرْ، ويَستَدْعي هذَا الدَّورُ تنشيطَ دورِها في نشرِ ثقافةِ الاعتدالِ والتسامحِ وتقبُّلِ الآخر، ومواجهةِ ظاهرةِ التطرُّفِ الدينيّ والغلوّ المذهبيّ.

وأضاف أنه باتَ منَ الضروريّ الاعترافُ بأنَّ شبابَنا يحتاجُ إلى توعيةٍ عميقةٍ بأهميةِ الدينِ وفهمِ التراثِ الدينيِّ بشكلٍ صحيحٍ يضمنُ عدمَ تهميشِ الآخر، أو استباحةَ مقدَّساتِه، وهُنا لا يحتاجُ الشبابُ للتلقينِ بقدرِ ما يَحتاجونَ لمُعايشةِ القدوةِ والنموذجِ في الحوارِ.

وشدد "زكى" على أن الله أنعم على مصر بقيادة سياسية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي وقيادات دينية سوف يذكرها التاريخ للدور الهام الذى يقومون به، مشيرا إلى ضرورة عدم  تحجيمُ الحوارِ بينَ الأطرافِ الشبابيةِ المختلفةِ، ولكن يجبُ أنْ يتمَّ إعادةُ توجيهِهِ نحوَ إطارٍ بنَّاءٍ يرفضُ بشكلٍ حاسمٍ أيَّ ازدراءٍ بالأديانِ، أوْ أيَّ تطاولٍ على المُقدَّساتِ الدينيَّةِ، رغم أنَّه قادرٌ على خلقِ مساحةٍ منَ الحوارِ تَعبُرُ بهذا الجيلِ الناشئِ نحوَ التعايشِ المشتركِ بينَهُم. كذلكَ يجبُ أن نقدِّمُ -كقياداتٍ دينيةٍ- نموذجًا للأجيالِ الناشئةِ حولَ كيفيةِ إجراءِ الحوارِ في إطارٍ من الاحترامِ للمقدَّساتِ الدينيَّةْ.

ونوه إلى أن تقديمُ هذَا النموذجِ منَ القياداتِ الدينيةِ المختلفةِ سوفَ يُلهِمُ شبابَنا بأنَّ الاختلافَ في الفكرِ لا يَعني بالضرورةِ ازدراءَ الآخرْ؛ لأنَّ ازدراءَ الدينِ في حقيقتِهِ ليسَ مجردَ ازدراءٍ بأفكارٍ ومعتقداتٍ مقدَّسةٍ، بلْ هو ازدراءٌ بالإنسانِ ووجودِه أيضًا وباختياراتِهِ الحرَّةِ، كما أنَّ الدورَ الذي تلعبُهُ مؤسساتٌ أخرى في الدولةِ، مثلَ وزارةِ الشبابِ والرياضةِ، هو دورٌ مهمٌّ للغايةِ؛ إذْ أنَّهَا تمتلكُ مفاتيحَ تفعيلِ الحوارِ الثقافيِّ بينَ الشبابْ. ويمكن أن يحدُثَ هذا منْ خلالِ تفعيلِ الأنشطةِ الثقافيَّةِ والحواريةِ بينَ الشبابِ، بالشراكةِ معَ الجهاتِ الفاعلةِ في هذا المجالْ.

وذكر الدكتور القس إندريه زكى أنَّ التعاملَ معَ هذا الانفتاحِ في الواقعِ الافتراضيّ يجبُ أنْ يَنطلقَ منْ تغذيةِ فكرِ الاحترامِ للآخرِ داخلَ الشبابِ، وأنْ يؤسِّسَ لقدسيةِ الدينِ دونَ الترهيبِ منهُ، ولكن دونَ الاستهانةِ بهِ بأيِّ شكلٍ من الأشكالْ، وإذا حدثَ هذَا يُصبِحُ التوازنُ المطلوبُ بينَ الحوارِ والاحترامِ مُتحقِّقًا في ظلِّ الثورةِ المعلوماتيةِ الجديدةْ.