الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. أمل مصطفى تكتب: لقيت الطبطبة...؟!!

صدى البلد

 لفت نظرنا أغنية حسين الجسمى "لقيت الطبطبة" وتصدرت مواقع التواصل الاجتماعى لما تحتويه كلمات وألحان الأغنية من سعادة وفرحة وطاقة إيجابية، والسر هنا فى كلمة الطبطبة اللى فقدناها وفقدنا محتواها والإحساس بيها. 

الكثير من الناس يعانى من فترات صعبة وضغوط نفسية وجسدية وغالبًا الكثير يحتاج إلى إرشاد ودعم نفسى ربما يحتاج إلى طبطبة بسماع كلمة حلوة طيبة ويحتاج إلى المواساة التى يبحث عنها كثيرًا فى أشياء وأشخاص ليسوا أهلاً لذلك الظن الحسن بهم، ونعود نلوم أنفسنا كثيرًا لأن من اخترناه ليضمد جراحنا ويواسينا ورجونا منه الطبطبة خيب فينا العشم وحسن الظن.. 

ونتساءل: كيف لنا أن نعبر عن مشاعرنا وما يجول بخاطرنا وما تحمله أنفسنا من هموم لأحدهم دون أن نعود مكسوري الخاطر دون أن نشعر بالندم على ما أفاضت به أرواحنا لمن لا يستحق؟

خلق الإنسان فى هذه الدنيا ليشقى ويكد ويتعب يرجو السعادة والراحة ويسعى جاهدًا إليها ومغريات الحياة حوله كثيرة يسلك كل السبل للوصول إليها ولحالة من الرفاهية والاطمئنان النفسى، ولكنها دنيا وليست جنة يظل الإنسان فيها يسعى دون ان يأخذ بينه وبين نفسه استراحة قصيرة يستعيد بها أنفاسه.. لو خلت الدنيا من الصديق والرفيق ومن الحبيب والسند ومن الحاضن لروحك ونفسك، ما المانع أن تكون أنت الحاضن لنفسك المحب لها ما الذى يدفعك لأذية نفسك ألا تكتفى بما تشعر به؟ 

لماذا عليك دائما أن تكون الضحية؟ إن ما يرهقنا أننا نعتمد على الآخرين فى إسعادنا وننتظر منهم ما لا ننتظره من أنفسنا ، ونرغب فى المزيد مما لديهم دون ان نعى ان العطاء اختيار وليس اجبار ، فلا تتسول مشاعر وعطاء أحد وأعتز دائما بمشاعرك وصونها ولا تهدرها..

سوف تجد الطبطبة حين تتفهم نفسك وتتفهم الآخرين فالوضوح أفضل شىء فى العلاقات وذلك لتبقى حياتك فى سلام ، واستغنى بنفسك عن من يضمد جراحك فأنت طبيب نفسك ، ولا تنتظر سؤال ولا تطلب وتستجدى حبًا، ولا تناضل من أجل حب وعطاء هو فى قلبك انت وليس فى قلب الاخرين ، لا تبحث عن سعادتك فى الآخرين ابحث عنها فى كل ما يستحقك وتستحقه، ابحث عن سعادتك فى أسرتك، فى أولادك، ومع الكتب، فى فنجان من القهوة وخلوة مع النفس، فى الكتابة، فى التنزه، وممارسة رياضة المشى، فى سماع   موسيقى تطربك وتسعد فؤادك وتصفى بها روحك، فى المهارات التى تمتلكها وتجيدها، أو فى السفر لأماكن تروق لك وتحبها، الخيارات كثيرة وعليك أن تختار منها ما يسعد نفسك عش دائما كما هو مطلوب منك لتسعد نفسك فإن لنفسك عليك حق ..
 
هذا لا يجعلنا ندعو إلى الوحدة أو العزلة على العكس ان الناس للناس ، ولكن تغيرات الزمن واحواله اثرت على الكثيرين ، فلم يعد القريب قريبًا والصديق صديق ولم يعد هناك الحبيب الذى تثق أنه سيصون عهدك ويبقى على ودك، الكل مشغول بحالة والتزماته وأعبائه، أثرت علينا ضغوط الحياة بثقلها فانفردنا بأنفسنا ومصالحنا أصبحنا نتحرك فى المجتمع كأفراد وليس فى جماعات، أصبحنا نشعر بالوحدة والغربة حتى لو حولنا الف الف هى وحدة الروح والشجن الذى يحتويها..

لذا علينا حماية أنفسنا فقط من عمق العلاقات التى لا تثمر ولا تتطور للأفضل، ويكون فيها الأخذ هو اكتر من العطاء، العلاقات المستنزفة لطاقتنا ومشاعرنا المدمرة لكل جميل فينا، لذا الأفضل أن تكون على حياد دائمًا مع نفسك ومع من حولك، وأن تستفيد من الدروس المستفادة فى العلاقات لأنها تظهر نقاط القوة والضعف فى أنفسنا، فنصبح أكثر صلابة بمعنى أنك تستطيع تدعيم نفسك وأن تنهض دائمًا من جديد..

إن الحياة رغم القسوة والتعب شيقة ، ورغم الضيق والظلم مفرحة، ورغم الدمار والأحزان جميلة، عشها بكل ما فيها لتتذوق حلاوة طعمها، وارفق بنفسك وزكيها وايدها وثق فيها واحتضنها فى زمن عز فيه دفء العلاقات والتواصل ، طبطب على نفسك قدر المستطاع حبها وراعيها واهتم بتفاصيلها وداويها، أرفق بحالك ولا تكن جلاد نفسك ومستهلكها، انصت لأنينك، واحمى نفسك من كل شىء يسبب لها الألم، صونها كى تصونك، عند ذلك ستصفى نفسك وتصالحها، ويشدوا قلبك لقيت الطبطبة.