الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وهم عظيم اسمه.. الرأي العام


من غير المعقول أن تصبح مواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت، وسائل جبارة للابتزاز والتشهير، بنشر هاشتاج والادعاء تحته بأي شيء أو إذاعة افتراءات تترتب عليها جرائم خطيرة أو إهدار كرامة الأفراد أو زعزعة استقرار الأسر والعائلات، بنشر الإشاعات أو بتقرير الأكاذيب.


فما الذي يتوقع أن يحدث عند تعرض شخص ما لجريمة يعرف مرتكبها أو  حتى عند علمه بها؟
الواجب حينئذ أن يذهب هذا الشخص إلى قسم الشرطة أو النيابة أو المحكمة، لكن الذى نجده في كثير من الوقائع، هو اللجوء مباشرة إلى مواقع فيسبوك وتويتر وانستجرام وغيرها مما تسمى مواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت، ليعرض على ملايين البشر ما حدث له أو ما شاهده أو يقوم بتسجيل مقطع فيديو يفترى به بما شاء على من يشاء.


وكأن أقسام الشرطة أو النيابات أو المحاكم تقبع في أماكن سرية أو بمناطق نائية يتعذر الوصول إليها.
لكن الغرض الخبيث يتحقق باستغلال مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، فيمكن أن تمسي القضية قضية مثيرة للجدل باستخدام ما يسمي بتكوين "رأى عام" كوسيلة للضغط على الخصوم قبل أن تبدأ الإجراءات الواجب اتخاذها.


وبلا شك أن مستخدم هذه الوسائل سوف يثير التعاطف بأساليب المسكنة والتظاهر بالمظلومية، وبالطبع سوف يصور خصمه على أنه شيطان متجسد في شكل بشر.
وإذا ما تجاوزنا عن صحة هذه الوقائع أو كذبها، فلا يمكن أن يصيح الهاشتاج أو الترند أو ما شابه من هذه الوسائل، هو الدليل على ما أن يدعى مستخدمى هذه الوسيلة يصلح لقيام اتهام تجاه طرف آخر عجز أو تأخر في استغلال هذه الوسيلة.


كما أن تعاطف الرأى العام؛ مهما كان؛ لا يجب أن يتخذ وسيلة ضغط على جهات التحقيق، فالرأى العام ليس كيانا منزها، فوسائل تضليله وتعميته وتزييف الوعي لديه، معروفة ومجربة مرارا وتكرارا على مدى السنين، بوسائط متعددة سبقت ظهور شبكة الإنترنت ولا يمكن اعتبار ما يدعى بـ"الرأى العام" بأنه ذلك الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، فالرأى العام لن يزيد عن مجموع آراء لأفراد بنيت معتقداتهم التى شكلت هذا الرأي، على تلك الادعاءات، فكما يسهل تضليل الفرد، يسهل أيضا تضليل المجموع. ولو إلى حين.


هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن الرأى العام إذا ما اتجه نحو تبنى قضية معينة، فإنه يهدر حقوق الأطراف الأخرى التى لم تبادر بعرض حججها بالطريقة نفسها و"كأن الحق لمن كان له السبق".


وبدون مواربة فإن هناك قضايا عديدة تم حسمها تحت تأثير ما يسمى بالرأى العام والذي لا أنكر وجوده بالطبع ولكن ما أنكره بشدة أن يكون مساندا للابتزاز والتشهير لمجرد اللجوء إلى وسائل لنشر وإذاعة وقائع قد تكون حقيقية وقد تكون مضللة.


وفي الفترة الأخيرة لعبت وسائل التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، أدوارا أساسية في نشر معلومات عن وقائع لا نعرف حقيقتها، وعلى أساس ما تم نشره، صدرت أحكام "مجتمعية" تحت وطأة التعاطف، بالإدانة، لكنها إدانة بلا وعي كاف لا إلمام بحقيقة ما حدث.


أنت تجد نفسك متهما بل ومدانا إدانه كاملة لا تقبل الشك ولا الاستئناف ولا النقض، لمجرد نشر بوستات أو إطلاق هاشتاجات أو تسجيل مقاطع فيديو. فلا رقيب ولا حسيب على أو عليك، عندما نجلس لنكتب على فيسبوك وتويتر وغيرهما، فنكتب ما نشاء وندعى بما نشاء لنثير ثائرة الرأى العام.


والكارثة الكبرى أن الأمر لا يتعلق بالموضوعات الفردية التي يترتب عليها إهدار حقوق لأفراد، بل يمتد إلى ادعاءات أكثر خطورة بتوجيه "الرأى العام" بإثارة ادعاءات في قضايا ذات خطر من اجتماعية أو دينية أو تاريخية، لتشوه من خلالها الحقيقة بفعل أفراد وجماعات تم تدريبهم تدريبا جيدا، لبث ما يشوه الذهن الجمعي ويشتت الوعي العام، ليعيد تشكيله بطرق ماكرة يمكن أن تجعل إبليس نفسه يفغر فاه عجبا مما تفتقت عنه أذهان بعض المنتسبين إلى"آدم" عدوه اللدود مؤسس الجنس الإنساني على كوكب الأرض إثر الهبوط العظيم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط