"إينار" .. ووزير الإعلام

الاسبوع الماضى كان الاعلان عن حدث هام ليس على مستوى المهتمين بمجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فقط لكن للشعب المصرى كله ، وهو الكشف عن " اينار " اول تابلت مصرى لحما ودما مصنوع فى مصر وهو جهاز للانتاج المحلى والتصدير.
ربما لم يعرف الكثير من المصريين عن هذا الحدث الذى يعطى بارقة أمل وسط غيوم اليأس التى تغرقنا بها الفضائيات وبرامج التوك شو كل ليلة ، فالخبر لا ينتمى للأسف لعينة الاخبار المثيرة التى تسيل لعاب وسائل الإعلام مثل أخبار المظاهرات والاقتحامات والمولوتوف والخرطوش والحرق والتدمير وحصار المؤسسات وقطع الطرق والسكك الحديدية او أخبار الخلافات بين الاخوان والليبراليين او اشعال الخلافات بين الرئاسة ومختلف الفئات او نشر الشائعات والاخبار الكاذبة التى اصبحت اكثر من الهم على القلب
ولم يحظ خبر التابلت اينار بربع الاهتمام الذى حظى به خبر قول وزير الاعلام لاحدى الصحفيات " تعالى اوريكى حرية الاعلام فين " بكل ما صحبه من تحليل وتوضيح لسوء نية الوزير الذى لا اعرفه عن قرب وان كنت اعرف عنه الخجل ولا اعتقد ان الجرأة والفجاجة وصلت بوزير لحد التحرش العلنى بفتاة فى عمر بناته على منصة مؤتمر صحفى
قد يكون القول جارحا حتى لو لم يختلط بسوء نية ، وقد ينم عن لبخة الوزير وعدم تأهله لشغل منصبه ، وقد يعبر عن زلة لسان وزير لا يتمتع بسرعة البديهة ، وقد يكون ليس من ذنبنا ان يكون وزير الاعلام غير مؤهل ولا ذنب المحررة ان تسمع لفظا قد يفسر بسوء نية حتى لو كان الوزير لا يقصد ، لكن هذا لا ينفى اننا اصبحنا نتصيد الاخطاء و الالفاظ ونستحل السمعة لمجرد الكيد لمن نعارضهم حتى وان كنا ندرك ان هذا مخالف للمنطق والعقل ، والاخطر ان بعض البادئين فى العمل الصحفى قد يجدون فى اصطياد قول او عبارة طريقا سريعاً للشهرة بدلا من الاجتهاد فى العمل الصحفى على طريقة ايام زمان.
نعود لحدثنا الذى لم يلق اهتماما اعلاميا وهو التابلت اينار الذى تم الكشف عنه خلال اعلان استراتيجية وزارة الاتصالات للسنوات الاربع المقبلة حيث اوضح المهندس ياسر القاضي الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ان اينار هو اول منتج إلكتروني يحمل علامة تجارية مصرية ، وهو اسم معناه بالعربية مشتق من النور، فيما يعني اسم "Einar" في اللغات الإسكندنافية القديمة المقاتل أو قائد المعركة. وقال القاضي إن عملية الحصول على اسم تجاري وماركة مصرية لم تكن عملية سهلة، ولكنه فخور بإطلاق التابلت الذي قام بعرض وحدة منه على الحضور خلال المؤتمر.
قد تكون هذه الخطوة ليست كل ما نطمح اليه ، لكن وجود منتج الكتروني يحمل علامة تجارية مصرية، هو خطوة جريئة تستحق التقدير، والدراسة، ونواة للتطوير خاصة، وأن سوق توزيع الجهاز اللوحي المشار إليه شبه مضمون لعدة ملايين من الوحدات، لو أخذنا في الاعتبار أن الجهاز سيتم إتاحته لطلبة المدارس، في المبادرة التي تستهدف تحديث المناهج المصرية والتخلص من عبء طباعة الكم الهائل من الكتب المدرسية كل عام.
كما قد يحمل "إينار" في حال إنتاجه على نطاق تجاري، وبإمكانيات وسعر مناسبين فرصا تصديرية جيدة خاصة في السوق الأفريقي، الذي تتفوق بعض دوله على مصر تقنيا بالفعل، إلا أن دولا كثيرة أخرى مازالت تتطلع لمصر باعتبارها من دول القارة المتقدمة نسبيا في هذا القطاع.
عموما اينار كما قلت نقطة مضيئة وسط ظلام الخلافات والاستقطابات بين القوى السياسية ، وان كان لم يحظ بالاهتمام لأنه ينتمى لطائفة الاخبار الاكثر تأثيرا فى المجتمع وليس الاكثر اثارة لشهية الفضائيات على طريقة ان الخبر المثير هو ان يعض الانسان كلبا وليس ان يعض الكلب انسانا ، وما أكثر البشر الذين يعضون بعضهم حاليا انتقاما أو رغبة فى شهرة ، وان كان خبراء الاعلام لم يصنفوا بعد الى اى طائفة تنتمى اخبار الكذب والافتراء وعض البشر لبعضهم البعض .