الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عبد الرازق توفيق يكتب في الجمهورية: خصوصية بناء الوعي الحقيقي

عبد الرازق توفيق
عبد الرازق توفيق

كتب عبد الرازق توفيق رئيس تحرير الجمهورية مقالا هاما تحت عنوان : "خصوصية بناء الوعى الحقيقي"، قال فيه إن الوعي هو السلاح الأكثر أهمية وأن محاولات استدعاء سيناريوهات ومخططات فشلت على مدار 10 سنوات ، مضيفا : " ما كان لم يعد ينطلى على شعوب واعية ولن تفلح جماعات إرهابية فى حالة انكشاف تاريخي، تأكدت خيانتها ومتاجراتها وأهدافها الخبيثة فى تدمير الأوطان ومصر فى أمان بما حققته من بناء لقوة قوية وقادرة وشاملة ومؤثرة وشعب يعى ويدرك ويفهم ما يستهدفه ويحاك ضده "

وقال توفيق ، إن بناء الوعى الحقيقى ليس بالفهلوة أو الارتجالية أو العشوائية، ولكن يُبْنَى على أسس ومبادئ ومراعاة للمتغيرات التى حدثت فى واقع المجتمعات، ويأخذ فى اعتباره الجغرافيا.. وحجم التطور الهائل والتكنولوجيا واختلاف الأجيال، فما كان يصلح للأجيال السابقة بظروفها وإمكانياتها ومعطياتها.. لم يعد يصلح لأجيال جديدة، تعيش فى الفضاء الرحب، تمتلك كل إمكانيات ومقومات الاطلاع والمعرفة وأساليب التفكير المختلفة، لذلك لابد من إجراءات استثنائية خلاَّقة عند بناء الوعى الحقيقي.

وتابع : " دعونا نعترف بأن القادم أصعب، ويحتاج إلى التركيز على بناء وعى حقيقى بدرجة أعلى من المرحلة السابقة، خاصة أننا بصدد إرهاصات لاستعادة دوران ماكينة المخططات والمؤامرات التى تنامت فى عهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وهناك استهداف واضح للمنطقة، خاصة بعض الدول العربية مثل مصر والإمارات والسعودية، وهو ما كشفته حالة التململ فى الغرف الأمريكية فى ظل نظام جديد ينبئ باستدعاء خطط الشيطان القديمة.. والتركيز على ملفات أو ملف بعينه لاستهداف مصر، بدأ بتشكيل تكتل من أعضاء الكونجرس الأمريكى لتشويه مصر فى ملف حقوق الإنسان، دون أن يسألوا أنفسهم: ما حال حقوق الإنسان فى أمريكا فى العديد من المشاهد والمواقف وآخرها اقتحام مبنى الكونجرس الأمريكي.. وما أسفر عنه من سقوط قتلى وجرحى وتنكيل وإفراط فى العنف مع تغييب كامل للقانون وحقوق الإنسان التى يتشدقون بها، وكأن لسان حال الجميع يقول: حلال عليهم الدفاع عن الوطن والدولة الأمريكية وهيبتها، حرام على العرب الحفاظ على أوطانهم ومواجهة الفوضى ومحاولات المساس بهيبة الدولة والسعى لإسقاطها، والنيل من مؤسساتها بكافة أشكال الإرهاب من حرق وتفجير وقتل المنوط بهم حماية الدولة من عبث الفوضى والانفلات ".

وأشار إلى أن النظام الأمريكى الجديد لم يتناول ما طرأ فى مصر من تغييرات وإنجازات ونجاحات.. وما تقدمه الدولة المصرية لشعبها من خدمات وحقوق شاملة.. وكيف تولى مصر أولوية قصوى لبناء الإنسان المصري.. وما يتمتع به من حرية وحقوق شاملة وفرت له الحياة الكريمة.. لكنه يعمل بمبدأ لن يرضى عنك الديمقراطيون ولو فعلت المستحيل.

وأضاف  أن ما استقر فى مبادئ هذا الكون، وما أثبتته الأيام أن «العفى محدش يقدر ياكل لقمته».. فآخر ما كان يتوقعه العالم أن يبادر الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن بالاتصال بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين.. رغم الاتهامات المتبادلة بين واشنطن وموسكو سواء بالتحريض الأمريكى للمظاهرات فى روسيا فى سيناريو أقرب إلى الربيع العربي، كما يطلقون عليه كذبًا وزورًا.. أو الاتهام الأمريكى للروس باختراق النظم الإلكترونية والحصول على معلومات مهمة وخطيرة وسرية.

وجاء نص مقاله كالتالي : " 

جو بايدن على عكس المتوقع اتصل ببوتين.. واتفق معه على عدم التدخل فى الشأن الروسي، أو دعم المظاهرات فى المقابل، طالب بايدن بوتين بعدم معاودة اختراق المواقع والنظم الإلكترونية الأمريكية.. وهو ما يؤكد أن «القوى لا يستطيع أحد أن يأكل لقمته».

نعود للحديث عن الإرهاصات الأمريكية حول منطقة الشرق الأوسط.. والحديث عن سياسات جديدة وإصدار قرارات تتعلق بالسعودية والإمارات، ومراجعة قرارات أمريكية تتعلق بكون بعض الميليشيات والجماعات والحركات إرهابية.. والميل إلى إعادة التفاوض مع إيران.. والحديث عن تشكيل تكتل من أعضاء الكونجرس الأمريكى يتعلق بملف حقوق الإنسان فى مصر، باختلاق ذرائع وأكاذيب.. كل ذلك يفضى إلى توقع وتشكيل ملامح سياسات نظام بايدن تجاه المنطقة العربية.. وربما العودة إلى نفس ممارسات أوباما مع بعض التغييرات التى تتلاءم مع طبيعة المرحلة لكنها فى النهاية لا تختلف فى المضمون والجوهر، وإن اختلفت فى الشكل فى ظل سعادة جماعة الإخوان الإرهابية التى تشبه الحمل الكاذب.

لكل ما سبق علينا التأكيد أن ما كان فى 2011 لم يعد له وجود.. وأن مصر تغيرت إلى الأفضل، وأصبحت أكثر قوة وقدرة عشرات الأضعاف.. وأصبحت تمتلك الإرادة الوطنية والقرار المستقل والسيادة.. ونجحت فى بناء سياسات خلال الـ7 سنوات الماضية، وفَّرت الصلابة.. وتمتلك من الأوراق الكثير والكثير.. وأضحت أكثر توهجًا.. وركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة، بل إن مفاتيح المنطقة فى يديها بما لديها من قوة وقدرة شاملة ومؤثرة.

فى الـ7 سنوات الماضية راهنت مصر على سياسات منفتحة على العالم.. وابتعدت عن سياسة الأحلاف والمعسكرات ولم تقتصر فى سد احتياجاتها الإستراتيجية ومطالبها على دولة أو قوة واحدة فى العالم.. وقرارها رهن إرادتها، وهو أمر واضح.. فمصر تتعامل بندية مع الجميع، ولا تتدخل فى شئون الآخرين.. وتنتهج سياسات الاحترام المتبادل مع كافة الدول، واستعادت زمام الريادة فى المنطقة والقارة الأفريقية.

مصر لديها بدائل كثيرة.. ولم تتجمد أو تتقوقع عند مسار واحد.. وأيضًا تمتلك الكثير من الأوراق ولا تستطيع قوة أن تلوى ذراعها، أو تجبرها على اتخاذ أو فعل ما يخالف إرادتها وشعبها.

مصر تحصل على ما تريد دون أن يقيدها أو يمنعها أحد.. ولديها من المصادر والعلاقات والشراكات الإستراتيجية الكثير.. لذلك فإن فرص ابتزازها أو تركيعها معدومة، لا مجال فيها للنقاش.

أصبحت مختلفة تمامًا عما كانت عليه قبل 7 سنوات، فهى قوة قادرة وحاضرة ومؤثرة وشاملة بالتفاف شعبى غير مسبوق.
رهانات المتآمرين والمتربصين بمصر ستكون خاسرة.. وأوهام وأضغاث أحلام الجماعة الإرهابية مجرد خيالات وأوهام العصافير، فالدولة قوية بإرادة شعبها وحكمة قيادتها.

لذلك.. ولما سبق أود التركيز على بعض النقاط والرسائل المهمة هي:

أولًا: إن القادم للمنطقة سيكون أشد شراسة وصعوبة، خاصة فى ظل حالة الانكشاف المبكرة لسياسات بعض القوى التى تبنى مخططات بعينها وتدعم جماعات وكيانات إرهابية.. وترعى دولًا داعمة للإرهاب وجماعاته.. وغايتها مؤامرات فشلت فى تنفيذها على مدار 10 سنوات.
ثانيًا: التحديات التى ستواجهنا كثيرة، والضغوط أيضًا ستكون أكثر ضراوة.. ومحاولات الابتزاز ستكون سافرة و شرسة.. لكن فى نفس الوقت  نحن مطمئنون لأننا أكثر قوة وقدرة وثقلًا وإمكانيات وأوراقًا وبدائل.. والأهم أيضًا أن نمتلك وعيًا أكثر بأضعاف مضاعفة وأكثر تلاحمًا وتماسكًا واحتواءً.

ثالثًا: إن مصر لديها علاقات دولية تقوم على الشراكات والارتباط والمصالح المتبادلة، ولا يوجد مَن يستطيع أن يلوى ذراعنا أو يتحكم فى أقدارنا أو يجبرنا على فعل ما يخرج عن نطاق إرادتنا.

رابعًا: علينا أن نتعامل بمنطق ومبدأ أنه ليس هناك ما يخيفنا أو نخشى منه أو على رأسنا بطحة.. بل نحن نتحلى بالقوة والقدرة على الهجوم، وليس الدفاع.. فأعداؤنا لديهم من العورات والثغرات الكثير.. ونحن نتحلى بأعلى درجات الشفافية.. وواقعنا الذى نعيشه أكبر دليل على قوتنا.
خامسًا: إن ما كان فى أحداث 2011 أو الخريف العربى لا يصلح أن يفلح فى دولة «30 يونيو».. ولم تعد ألاعيب الأعداء والاحتيال على عقول الشعوب تنطلى على المواطن.. الذى أصبح يدرك تفاصيل الحقيقة كاملة.. وأن الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان المجرمة فى حالة انكشاف تاريخي.. أيقنت الشعوب العربية أنها جماعة خائنة للدين والوطن.. وباعت نفسها للشيطان.. ولم تعد متاجراتها وخداعها وتلاعبها بعقول الشباب والشعوب تَخِيل على أحد.

سادسًا: لابد أيضًا أن نبحث عن آليات جديدة وأساليب أكثر فاعلية فى بناء عملية الوعى الحقيقي، وأيضًا لابد أن نراعى اختلاف الأجيال.. فهذا الجيل الذى نستهدفه بالوعى مختلف تمامًا عن الأجيال السابقة.. فى الشكل والمضمون.. فهو يملك مقومات عصر التكنولوجيا.. والانفتاح على العالم من خلال جهاز صغير لا يفارقه على مدار اليوم.. يستطيع من خلاله التعرف على ما يدور فى الكرة الأرضية فى التو واللحظة.. كذلك فإن الشعوب تواجه حملات ممنهجة من الأكاذيب والشائعات والتشكيك والتشويه التى تستهدف تغييب العقول وإحداث الفتنة والوقيعة وهز الثقة والتحريض على هدم وتدمير الأوطان.

سابعًا: لابد أيضًا ونحن نقوم بعملية بناء الوعى أن نراعى اختلاف الجغرافيا والعقليات، وأن ما يصلح فى المجتمع الحضرى لا يصلح للقري، خاصة ضرورة مراعاة فرز ما تتمتع به من ثقافة ومواكبة للأحداث.

ثامنًا: لابد أن نبتعد عن التلقين المباشر فى عملية بناء الوعي.. وأن يكون الواقع وما به من نقاط مضيئة من النجاح والإنجاز والتغيير إلى الأفضل وسيلتنا فى إحداث عملية الوعي.. لذلك أعيد التأكيد على أهمية زيارات الشباب وطلاب الجامعات وتلاميذ المدارس للمشروعات القومية بمختلف أنواعها، وعلى مدى امتدادها فى ربوع الوطن.

تاسعًا: لابد أن يكون لكل محافظة.. ولكل جامعة برنامج محدد للوعي.. وبرنامج محدد للزيارات الشبابية والطلابية للمشروعات ولمؤسسات الدولة مثل الجيش والشرطة، لأنها ترسخ الولاء والانتماء.. وأيضًا حضور ندوات للخبراء والمحللين والاستراتيجيين لمعرفة وإدراك ما يدور فى العالم والمنطقة وما يحاك لمصر من مؤامرات ومخططات، وفضح الجماعات الإرهابية والدول الداعمة، وحقائق الأطماع والصراعات، وما يستهدف مصر منها، وأسباب ذلك.. وكيف تتعامل الدولة المصرية مع هذه التحديات والتهديدات والمخاطر.

عاشرًا: أن يكون الإعلام ملاصقًا للحكومة أو المسئولين من خلال إمداده بالمعلومات والحقائق، والنجاحات والإنجازات والوصول بآليات ووسائل خلاقة واستثنائية لضمان بناء الوعى فى عقول أبنائنا وشبابنا، فما المانع أن نبتكر شخصية «كرتونية» على غرار «بكار» وليس مهمًا أن يكون بنفس الاسم، نطلق عليه «أوتوبيس بكار» يجوب ربوع البلاد.. وكل يوم يتحدث عن مشروع وأهدافه، وماذا حقق، وكيف وفر الحياة الكريمة للمواطنين، والقوة والقدرة للدولة.

حادى عشر: الإكثار من اللقاءات والندوات الطلابية فى الجامعات والاستماع إلى رؤى وأفكار واقتراحات الشباب وقياس مدى رضاهم ومعرفتهم بما يدور فى مصر من بناء وتنمية.. وما يستهدفها من مؤامرات ومخططات من أهل وقوى الشر، فمن المهم ضمان الوعى فى عقول الشباب، لأن قوى الشر تستهدفهم فى المقام الأول.

ثانى عشر: لابد أن ينفتح كل مسئول.. وزير أو محافظ على المواطنين وأن يكون هناك تواصل معهم على الأقل أسبوعيًا تحت عنوان «اسأل الوزير».. أو «اسأل المحافظ».. ولدينا الكثير من الوسائل الإلكترونية والرقمية والتكنولوجية للرد المباشر على أسئلة واستفسارات ومشاكل المواطنين وحلها على الفور.

ثالث عشر: لابد من التأكيد على أن عملية بناء الوعى ليست مسئولية الإعلام بحسب، ولكن مسئولية مجتمعية فى المقام الأول.. الجميع لابد أن يساهم، مسئولين ومؤسسات مجتمع مدنى وإعلام.. ومؤسسات دينية: المسجد والكنيسة.

رابع عشر: أعداؤنا لا يملكون سوى الأكاذيب والشائعات ولا مجال لفرض أى أمر بالقوة، لأن الأقوياء يتحاشون مواجهة بعضهم البعض.. و«العفى محدش يقدر ياكل لقمته».. لذلك وسيلتهم هى محاولات تغييب الوعى وتحريض الشعوب لهدم أوطانها.. لذلك تطفو عملية بناء الوعى لتكون أهم سلاح فى مواجهة سيل الأكاذيب والمخططات والمؤامرات فى مواجهة حملات شرسة قادمة للتشويه والأكاذيب والتشكيك والافتراءات والمزاعم ومحاولات بث الفتنة.. لذلك يجب أن نكون جاهزين للمعركة بوسائل وأسلحة غير تقليدية لبناء الوعي". 

للمزيد اضغط هنا