الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى الإسراء والمعراج: كفاكم يا بني إسرائيل تدليسًا


 
توقفنا في مقال الأسبوع الماضي بأن كتب السيرة النبوية تخبرنا أن البراق الذي حمل جبريل عليه السلام والنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عرج إلى السماوات العلا من القدس الشريف، ومن هناك بدأت رحلة المعجزات الإلهية الكبرى. ولا شك أن الرحلة من مكة المكرمة إلى القدس على ظهر البراق هي أولى المعجزات الإلهية في تلك الرحلة؛ وهو الإعجاز الزمني-كما وصفه فضيلة الشيخ الشعراوي-الذي خرق الناموس الكوني الذي كانت تدركه العرب، حيث يقطع فيه التجار المسافة بين مكة المكرمة والشام في شهور معدودات على ظهور العير. غير أن الإعجاز الأكبر إنما كان حين عرج إلى السماوات العلا وفيما رآه عند كل سماء، حتى وصل عند سدرة المنتهى ودنا باب الجبار رب العزة، فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما شاء؛ وأوردنا أيضا صفات الأنبياء الفيزيائية التي وصفها النبي لهم (صلوات الله عليهم أجمعين).
وكنت قد عزمت في مقالي هذا أن أقف عند بعض المعجزات الإلهية الكبرى في هذه الرحلة، خارج نطاق التفاسير التقليدية لمشايخنا الأجلاء، القدامى منهم والمحدثين، لولا تصريح أرسله لي أحد أصدقائي نقلا عن الإعلامي الإسرائيلي أيدي كوهين والذي يقول فيه: "في مثل هذه الليلة قبل 1399عام وعند هبوط النبي محمد إلى الأرض من معراج السموات وجد نبينا موسى في السماء الخامسة بعد قبضه في الكثيب الأحمر بالأردن، قال ما أقر ربك؟ قال خمسون صلاة باليوم. قال لن يقدر أمتك عليها، فكانت رحمة النبي موسى الإسرائيلي بالمسلمين أن طلب تخفيضها لخمسة صلوات..." 
وهنا استوجب الأمر الرد على مغالطات أيدي كوهين التي يحاول بها أن يصور أن موسى (عليه السلام) وجل قلبه خوفًا على المسلمين ورحمة بهم، فسأل محمدًا أن يعود إلى ربه ليخفض الصلوات الخمسين التي فرضها الله على أمة محمد في بادئ الأمر. 
والواقع، أن كتب التفاسير تكاد تتفق على أن موسى شاهده النبي محمد في السماء السابعة، وهي آخر السموات التي مر بها النبي في رحلة المعراج قبل أن يدنو من رب العالمين. وبطبيعة الحال فإن طريق العودة سيبدأ بالسماء السابعة، التي يسكن فيها موسى (عليه السلام)، وليس السماء الخامسة كما ذكر كوهين.
  والسؤال هنا لماذا كان موسى في السماء السابعة دون غيرها؟ والإجابة ببساطة لأن السماء السابعة هي آخر السموات، والتي يليها عالم آخر عند سدرة المنتهى، وهي التي دنا فيها النبي محمد من الله عز وجل ليتلقى منه إرادته عز وجل بفرض الصلاة على أمة محمد؛ وموسى هو النبي الذي كلم ربه على الأرض، وهذا يعني أن موسى كان يدرك أن من سيأتي إلى هذا الموضع من السماء سوف يلقى رب العالمين ليتلقى منه عز وجل كلماته.
ويشير الطبري أن موسى هو من استوقف محمدا وبادره بالسؤال عما عهد به الله إليه، وهذا أظنه من باب الفضول لتقديم النصيحة، وبالفعل نصحه بالعودة إلى رب العالمين ليسأله أن يخفف الصلاة عن أمته، غير أن من أعطى الإشارة لمحمد بالتنفيذ والعودة لسؤال رب العالمين هو جبريل عليه السلام، وليس موسى كما يدعي كوهين. وكان مما حفز موسى على قول هذا أن بني إسرائيل راودته عن أدنى من الصلوات الخمس المقررة على المسلمين، لذا فإن موسى -كأحد أنبياء الله- خشي أن تتكرر مأساته مع بني إسرائيل مع أمة محمد، فقدم له النصح من هذا الباب –على حد ظني- وليست القضية قضية رحمة من موسى كما يصور كوهين في تصريحه؛ والأهم هنا، أن جبريل (عليه السلام) هو من كان يوجه النبي محمد ويعطي له الإشارة بالموافقة من عدمه.
كفاكم يا بني إسرائيل تدليسا.
 
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط