الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: مستقبل مصر 

صدى البلد


قد يبدو العنوان أكبر من المحتوي ولكنني أقصد فعلا مستقبل مصر .أقصد هؤلاء الصغار الذين لا تتجاوز أعمارهم العاشرة أو الخامسة عشر عاما . هؤلاء الأطفال من سن عامين فما فوق .
لو نظرت إلي أي منزل وأي أسرة ستجد هؤلاء الصغار يمسكون الموبايل ربما بما يزيد عن الخمس ساعات وربما من وقت إستقاظهم وحتي نومهم . وتجد الأم أو الأب يتركون لهم الهاتف ربما لأنهم مشغولون عنهم , وربما لأنهم يريدون اسكاتهم  وراحة بالهم , وقضاء وقت بعيدا عن إزعاج الصغار . 
لقد أصبح هؤلاء الصغار متضررين من ناحيتين الناحي الأولي هي عدم ممارسة أي رياضة بدنية , خاصة وأن اغلب المدارس ليس بها فناء للعب  , وذلك بعد البناء علي أراضي  أغلب المدارس فصول لمواجهة الكثافة العددية . 
وأيضا لا يستطيع الأطفال اللعب في الشارع بأمان كما كنا سابقا , ولا يوجد نوادي في كثير من المدن , وإن وجدت  رغم قلتها فهي بإشتركات عالية , ناهيك عن أنه  لا يوجد عمل من مراكز الشباب في أغلب المدن والقري وبعضها غير صالح أساسا للمارسة أي نشاط رياضي .
أما الناحية الثانية فهي  إنعدام التغذية الروحية  للتلاميذ في المدارس بعدما أصبحت الدراسة فترتبن وثلاث فترات فتم الإستغناء عن  حصص الألعاب والموسيقي والتدبير المنزلي والمكتبة والرسم، ولا يتم تدريس تلك المواد إلا في المدارس الخاصة. 
كما أن هؤلاء الأطفال يفتقدون إلي روح الحوار ولا يجدون من يتحدث معهم فالأم تعود من عملها متعبة ثم تعمل في المنزل وإن وجدت وقت فراغ فهو للتواصل الإجتماعي، وإن كان ذلك حقا لها  والأب كذلك، لا يتحدث مع  أولاده أو يحكي لهم قصة أو تجمعهم لعبة مثلما كان أهلنا يفعلون .  
كما أنهم يفتقدون إلي التزاور والحديث مع الجد والجدة والعم والخال، و أصبح شغلهم الشاغل هو الموبايل ولا يتركونه من أيديهم , أما إذا نظرنا إلي الدراما وما تقدمه فهي تعطي للأجيال أسوأ الأمثلة في كيفية الإنتقام , وكيفية  التعامل بقسوة، وتزرع في نفوس الصغار  التعامل بعنف  وعدم التسامح وعدم الإحترام للغير . 
فأصبح لها دور كبير في إنتشار جرائم لم تكن موجودة  وفي طرق إنتقام بشعة لا يقرها عرف أو دين .
لابد من النظر في شأن هؤلاء الصغار، صحيح الكورونا  كان لها تأثير قوي جدا وواضح في قطع التواصل الإجتماعي والتزاور , ولكن حتي من قبل الكورونا لا يوجد هذا التواصل، ولا يوجد هذا التقارب بين الأبناء والآباء داخل الأسرة الواحدة . 
صحيح أن الأب يعمل بكل طاقته من أجل توفير حياة كريمة لأولاده، ولكنه لا يجعلهم يشعرون بجمال الحياة معه ولا يوجد الترابط الأسري الذي يغذي الروح من الداخل ويجعل الإنسان قويا قادرا علي مواجهه أية صعاب وأية حياة . 
وصحيح أن الدولة تحاول جاهده توفير حياة كريمة للمواطن , ولكن فعلا هؤلاء الصغار يفتقدون إلي الكثير من ممارسة الرياضة وبناء أجسام قوية وكذلك بناء عقول , لأن الطفل الذي يمسك بالهاتف أغلب وقته ولا يشاهد غير ألعاب النت والتي أغلبها أيضا بها عنف وأشياء لا تبني شخصية سوية . فمن أين ي نصنع جيلا شابا نافعا لبلده ولنفسه . 
صحيح الأنترنت أضاف لحياتنا فوائد كثيرة , ولكنه بصورة أو بأخري دمر أواصر وروابط بين الأسر , خلق جيلا لا يهتم بالتواصل الحقيقي والتقابل الشخصي مع الأهل أو الأصدقاء , فقل الحب وقلت الرحمة بيننا .
وأصبحنا لا ندرك قيمة الوقت . ولا نهتم بالقراءة الحقيقية المفيدة , أصبحنا فقط نقرأ لأصدقاء الفيس ونكتب لهم , لم نعد نقدم لأطفالنا قصة  ورقية  فيتعلم الكتابة الصحيحة والقراءة الصحيحة وكيفية التحاور والمناقشة , وأنني أكاد أجزم أن يكتب طفل أو شاب موضوع تعبير دون أخطاء إملاء أو أنه يستعمل عقله في الإبداع والكتابة أو حتي يستخدم القلم . 
لابد من النظر في هذا الأمر بجدية  سواء من الدولة أو من الأهل , لابد أن توفر الدولة للأطفال الملاعب سواء في المدارس بعمل سور أعلب مبني كل مدرسة  وفرشه بالنجيل , وممارسة الألعاب عليه  بعد تأمين ذلك تأمينا كاملا , والإهتمام  بحصص الموسيقي والمكتبة  , وكذلك إنشاء نوادي  علي أطراف المدن  والتشغيل الفعلي لمراكز الشباب ولابد من إهتمام الأهل  بالتواصل الحقيقي مع الأولاد , وترشيد ترك الهواتف في أيدي الصغار مع التواصل معهم بالحديث والمشاركة الدائمة أثناء تناول الوجبات وغرس فيهم حب الأهل والأقارب واحترام الجار والأكبر سنا . لابد أن نعود إلي التقارب الحقيقي , كفانا تقارب وتواصل عبر الشاشة الزرقاء وفقط .