الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى وفاة المخرج صلاح أبو سيف.. مسيرته الفنية وحياته الشخصية

المخرج صلاح ابو سيف
المخرج صلاح ابو سيف

تحل اليوم، ذكرى وفاة صلاح أبو سيف، أحد أهم أعمدة الإخراج في السينما العربية والمصرية، حيث كان صاحب فكر تنويري واضح، انعكس في أفلامه.

كان صلاح أبو سيف يؤمن ان الفن يجب أن يجسد رسالة اجتماعية واضحة، لا مجرد أفلام تخرج وتنتج فقط من اجل ابراز الاسماء وتحقيق الشهرة.

صلاح أبو سيف كان يؤمن تماما بحرية المرأة ودورها في الحياة والمجتمع ، فهو صاحب مدرسة فكرية في الاخراج اتخذت من السينما مجالا واسعا للتعبير.

تميز صلاح أبو سيف بكونه احد الذين استطاعوا توصيل افكارهم الى السينما بكل سهولة ويسر.

ونرصد في السطور التالية المسيرة الفنية والحياة الشخصية للمخرج صلاح أبو سيف.

ولد صلاح أبو سيف في العاشر من شهر ايار عام (1915) في احدى قرى الصعيد ، والده هو عمدة القرية ، وامه من مدينة القاهرة وذات طبيعة وحياة مختلفة تماما عن حياة القرية ، لذلك رفضت العيش بالقرية مع زوجها وزوجاته السابقات واتخذت مع شقيقها، من القاهرة سكنا لها، أما صلاح أبو سيف فعاش حياة قاسية جدا هناك.

انتقل صلاح أبو سيف مع والدته للعيش في القاهرة ونشأ بعيدا عن اجواء القرية في حي (بولاق الشعبي) وكانت امه ذات شخصية قوية جدا اثرت فيه، والذي تشرب صفة الحزم منها، فوالدته رفضت تسلط الزوج عليها؛ مما دفعه لقطع المصروف عنها وعن ابنها، ومع ذلك لم تَلِنْ او تتراجع عن موقفها.

 

وبعد حصول صلاح على شهادة متوسطة ابتدأ حياته العملية في شركة للغزل والنسيج في مدينة المحلة.

 

اثناء عمله هناك قررت الشركة بناء استديو ، فجاءته الفرصة على طبق من الفضة ، واكتملت فرحته اكثر عندما قام (نيازي مصطفى) بمنحه فرصة العمل في قسم المونتاج في الاستديو.

 

الدراسة في باريس

بعد عمله باستديو مصر (مونيتر) وبسبب نشاطه الملحوظ تدرج صلاح ابو سيف بشكل تلقائي حتى استطاع الوصول الى منصب مدير بقسم الانتاج.

ولشغفه الشديد بالسينما وايمانه باهميتها سافر الى فرنسا لدراسة السينما في استديو (كلير) بباريس ، وهذا فتح له المجال للتعلم وتثقيف نفسه في كافة نواحي السينما العالمية ، ولا سيما الفرنسية والروسية والامريكية.
 

مساعد مخرج وأفلام تسجيلية

عمل صلاح أبو سيف في السينما ، مساعد مخرج اولا من خلال فيلم (العزيمة) كما عمل بالمونتاج في سلسلة من الافلام مثل (غرام وانتقام) ، (محطة انس) و (الى الابد).

وإضافة الى ذلك قام صلاح بالعديد من الافلام التسجيلية ، ونذكر (الطرق والمواصلات) ، (يوم في معسكر هندي) و(المواصلات في الاسكندرية).

 

الأفلام الروائية

بعد ذلك اتجه صلاح أبو سيف الى تقديم الافلام الروائية واولها (دايما في قلبي) في عام (1946) وهو عمل مقتبس من الفيلم الامريكي (جسر ووترلو) وبعد مرور عام قدم (المنتقم) تبعه في العام الذي يليه بفيلم (عنتر وعبلة) وهي القصة الشهيرة والمعروفة في التاريخ العربي القديم.

 

فشل أعقبه فشل

فشل صلاح أبو سيف في السينما من خلال تجربتين لم يكن يتوقع هو شخصيا نجاحهما ، وهما (البهلوان) و (الحب بهدلة) الا ان ذلك لم يثنه عن مواصلة العمل. بعد هذا الفشل قرر صلاح اتباع طريق آخر في الاخراج مستمدا الاسلوب الواقعي حيث اقترب من الجمهور اكثر فدخل الى قلب الحارات الشعبية حيث الحكايا الشعبية والفلكلورية والتراثية.

وكان فيلمه (لك يوم يا ظالم) اول الافلام الناجحة ، وقد توالت افلامه فيما بعد (الاسطى حسن) ، (ريا وسكينة) و (الوحش والارض) ثم قدم النجمة تحية كاريوكا في اجمل افلامها ومن خلال (شباب امرأة) تبعه بفيلم (الفتوة).
 

نقل أفكاره من خلال السينما

شكلت الافلام السابقة منعطفا حقيقيا في مسيرة ابو سيف الفنية ، فاتجه الى العمل ضمن اطار آخر ، يبرز فيه فكره بشكل واضح ، من خلال الحبكة السينمائية ، فقدم في هذه الفترة اجمل الافلام العربية مثل (لا انام) ، (الوسادة الخالية) و (انا حرة) وكانت كلها تدور في فلك المرأة.

 

وفي ذكرى وفاته نستعرض عددا من أفلامه المقتبسة عن أعمال أدبية في التقرير التفاعلي التالي:

 

1- بداية ونهاية

عن رواية " بداية ونهاية" للكاتب الكبير نجيب محفوظ، أخرج صلاح أبو سيف الفيلم الذي حمل نفس الاسم، والذي عرض في 1960 من بطولة: عمر الشريف وفريد شوقى وسناء جميل وسناء جميل.

 

ويعد الفيلم واحدا من أبرز الأفلام في تاريخ السينما المصرية، وتناولت أحداثه الواقع الأليم لأسرة مصرية بعد وفاة الأب، وتتعقد أمور الحياة، ويخوض الجميع باختلاف شخصياتهم صراعات الحياة، ويبرز من الشخصيات الابن الأصغر حسانين المتطلع والانتهازي، والذي يستغل باقي أفراد الاسرة، من أجل تحقيق أغراضه، ليصل به في نهاية الأمر لدفع شقيقته للانتحار، بعد علمه بأنها تمارس أعمالاً منافية للآداب!

 

2- لا أنام

عن رواية "لا أنام" لإحسان عبد القدوس، أخرج صلاح أبو سيف الفيلم المقتبس عنها ،والذي عرض في 1957 من بطولة : فاتن حمامة ويحيى شاهين وعمر الشريف، وتتناول الأحداث الطبيعة البشرية الممزوجة بالخير والشر داخل نفس الشخص، والتي تنشئ صراعا قاسيا ومعذبا، فنادية بطلة الرواية التي فشل الأب والأم في الزواج وقررا الانفصال، تجد نفسها تعيش مع والدها في جو يملئه التدليل والاهتمام.

 

ثم يبدأ هذا الاهتمام يقل بمرور الوقت، لتجد نفسها متمردة على المربيات، وعنيفة مع أصدقائها، دون أن تعرف مبررا لذلك، وصراعها الداخلي يتخلص كله في عدم قدرتها على النوم، فيأتي على لسانها "اني ميتة ..أسير كالميتة.. ميتة مفتحة العينين، لم تجد من يسدل جفنيها فوق عينيها، حتى تبدو كأنها نائمة ! متى أنام ؟!!".

3- أنا حرة

 

عن رواية "أنا حرة" لإحسان عبد القدوس، أخرج أبو سيف الفيلم الذي عرض في 1959 من بطولة: لبنى عبد العزيز وشكري سرحان، وعرض الفيلم نموذج الفتاة المتمردة التي تحارب تقاليد المجتمع المقيدة للمرأة، ورمز المجتمع في الرواية هو بيت عمتها التي تربت به بعد انفصال الأب والأم.

 

تحارب أمينة من أجل الالتحاق بالجامعة وتنجح في ذلك، ثم تتجه للعمل، وفي النهاية تجد بعد لقائها بعباس أن الحب هو المبرر الوحيد للتنازل عن جزء من الحرية!

 

4- المواطن مصري

 

عن رواية" الحرب في بر مصر" للكاتب يوسف القعيد، أخرج صلاح أبو سيف فيلم" المواطن مصري" المقتبس عنها، والذي عرض في 1991 من بطولة: عمر الشريف وعزت العلايلي وعبدالله محمود، وتدور الأحداث في كفر" الشرشابية" الذي يقع تحت قبضة العمدة عبد الرازق الشرشابي، والذي يستعيد أرض أبيه التي قررت قوانين الإصلاح الزراعي أن تقسم جزء منها على الفلاحين البسطاء، ويبطش بالفلاحين، وفي خضم ذلك يجد مشكلة ابنه الذي أصابه الدور في التجنيد؛ فيجد في ذلك وسيلة لمساومة أحد الفلاحين البسطاء فيضع أمامه أن يقدم هوية ابنه ليلتحق التجنيد بدلاً من نجل العمدة، ومقابلاً لذلك يعيد له أرضه ويدفع له راتب شهري.

 

ومع تصاعد الأحداث تندلع حرب أكتوبر المجيدة، ويذهب ابن الفلاح شهيداً للوطن، وتتجسد جرية أخرى للعمدة؛ حينما يحاول أن ينسب شرف الشهادة لابنه، مستمراً في مساومة الفلاح المطحون، بأن إنكاره لابنه في تلك اللحظة، هو طوق نجاته من دخول السجن.