الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كارلوس غصن.. قصة نجاح انتهت في قفص الاتهام

كارلوس غصن
كارلوس غصن

أن يكون مديراً تنفيذيا في ثلاث شركات عالمية يصل راتبه الى 17 مليون دولار ويحصل علي وسام شرف امبراطوري لا يتوج به غيره من الأجانب عادة فهو بالتأكيد عبقري.

 

لكن أن يعتقل بعد سنوات من الخدمة ويتهم بالاختلاس ثم يفر بعملية تهريب لا تحدث الا بالأفلام فهو ربما يستحق لقب جميس بوند "كارلوس غضن".


وصف هذا الرجل بجملة واحدة" تضعه مديراً علي أي شيء وسوف يحقق أرباحاً".

 

حياة كارلوس غضن

 

في عام ١٩٥٤ ولد كارلوس غصن بالبرازيل وقضي طفولته فيها، درس في لبنان ثم أتم تعليمه العالي في فرنسا، بدأت مسيرته المهنية مع شركة "ميشلان" الفرنسية لصناعة إطارات السيارات، ترقي فيها إلى المنصب تلو المنصب حتي عين مديراً لقسم الأبحاث والتطوير فيها قبل أن يتم عامه الثلاثين.


وفي عام ١٩٨٤ انتقل  كارلوس غصن الي البرازيل ليعمل رئيساً تنفيذيا لعمليات الشركة" COO" في قارة أمريكا الجنوبية وهنا  ظهرت براعته، فقد تمكن غضن  من تحويل القطاع الخاسر إلي قطاع رابح بعد سنتين فقط من توليه المنصب.


قرر كارلوس غصن تعلم اللغة الإنجليزية حتي تضيف إلى رصيده اللغوي بجانب اللغات العربية والفرنسية والبرتغالية التي كان يتحدثها.


وفي عام١٩٨٩ انتقل غضن إلى أمريكا ليعين رئيسا ومدير عمليات لفرع "ميشلان" في ولاية كارولينا، وبعد عام واحد أصبح مديراً تنفيذيا للشركة في أمريكا الشمالية كلها.

 

وفي عام ١٩٩٦ أصبح نائب الرئيس التنفيذي في شركة "رينو" الفرنسية للسيارات، ومديرا لقسم الشركة في أمريكا الجنوبية، وخلال عام واحد تمكن من إعادة هيكلة شاملة لعملياتها وتحقيق أرباح كبري.

 

وهنا حصل علي لقبه الشهير "قاتل النفقات" لاتباعه نهجا إداريا يركز علي تقليل النفقات وزيادة المبيعات في آن واحد.

 

وفي عام ١٩٩٩ كانت شركة "نيسان" اليابانية للسيارات تلفظ أنفاسها الأخيرة، حيث كان عليها ديون هائلة تقدر بـ٢٠ مليار دولار وسيارات تصنع ولا تباع،  كانت تشير كل التحليلات الى أن  نيسان ستغرق لامحالة.


ما عدا تحليلات كارلوس غصن باعتباره نائب رئيس "رينو" وافق علي إنفاق ٥.٤ مليار دولار لشراء ٪٣٦.٨ من أسهم "نيسان" فنشأ تخالف السيارات الفرنسي الياباني "رينو-نيسان".


بلغ غصن عنان السحاب في الشهرة والإنجازات وربما كان يحسده كل إداري في العالم لكن في ظل تلك الإنجازات، كان يوصف بأنه متسلط إدارياً يعيش حياة فارهة بالغة بشكل لا يتماشى مع طبيعة المجتمع الياباني، حيث شوهد عام ٢٠٠٤ يركب سيارة بورش فارهة، وكان هذا يخالف العرف الياباني، وتعرض الي انتقاد كبير من جانب الإعلام المحلي، على عدم ركوب سيارة من نوع "نيسان" الشركة التي يديرها.

 

تعرض راتب غصن الكبير لانتقادات كبيرة أبرزها من الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" الذي يوصف المرتب الذي يحصل عليه غضن بالإفراط الشديد.

 

ولكن لم تستمر تلك الحياة التي كانت يتمتع بها كارلوس غصن، وفي أواخر  عام ٢٠١٨ اعتقل كارلوس عند هبوطه في مطار طوكيو واتهم بمخالفات مالية وإساءة استخدام أصول الشركة لمصلحته الشخصية.

 

وكانت شركة "نيسان"  هي من قامت برفع تلك الدعاوى القضائية،  حيث اكدت الشركة أنها قامت بتحقيقات داخلية، وتوصلت إلي أن هذا الرجل يخفي حساباته المالية عن المراجعة وقام باختلاس ملايين الدولارات.


وبعد ثلاثة أيام من اعتقال غضن، قرر  مجلس إدارة شركة نيسان  إقالته من منصبه، اما بالنسبة لشركة رينو فقد تمهلت في إقالته حتي بدايات عام ٢٠١٩.

 

وبذلك أصبح "الأجنبي المنقذ" خارج مناصبه الإدارية في التحالف الثلاثي الذى أنشأه بنفسه، وبعد أكثر من مئة يوم أخلي سبيله، لكن سرعان ما تم اعتقاله مرة ثانية في أبريل ٢٠١٩ وهو إجراء غير مسبوق.


وكان متهما هذه المرة بخيانة الثقة  بالإضافة الى تورطه في قضية مدفوعات سرية بأكثر من ٣٠ مليون دولار لموزع "نسيان".

 

ولكن خرج غصن من سلطنة عمان بعد شهر بكفالة تقدر بـ ٩ ملايين دولار،  ونفي كل الاتهامات قائلا "إن ما يتعرض له من تهم فساد مالي ليس سوي مؤامرة سياسية من قبل مجلس إدارة" نيسان".


عرف عن غصن عدم الاستسلام  ومهاراته المتعددة في الإدارة  ولكن لم يعرف احد ان مهاراته تتجاوز عالم الإدارة والبزنس والأعمال،  حيث احتفل كارلوس غصن برأس السنة في لبنان بعد عملية هروب تشبه أفلام جميس بوند.


في  عام ٢٠١٩  خرج غصن من منزله حيث كان تحت الإقامة الجبرية، والتقي بشخصين أمريكيين في أحد الفنادق ثم استقل ثلاثتهم القطار السريع إلى أوساكا غرب اليابان ومن فندق بجوار المطار خرج الأمريكيان ومعهما صناديق كبيرة في أحدها يوجد جسد غصن ومن هناك صعدوا بطائرة خاصة إلى إسطنبول وغادر كارلوس بطائرة أخرى إلى بيروت مستخدما جواز سفره الفرنسي.

 

بعد وصوله إلى بيروت عقد غصن مؤتمرا صحفيا وعدة مقابلات تلفزيونية وفيها جميعاً أكد غصن أنه لم يهرب من العدالة ولكنه هرب لأجل العدالة متهما النظام القضائي الياباني بأنه منحاز ولا يمكن  الوثوق به.