الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فرحة عيد مصريي الخارج غير مكتملة

 يظل الاحتفال بالأعياد أحد أهم المظاهر التي يحرص عليها الإنسان، لما لها من ارتباطات عقائدية، أو وطنية، أو اجتماعية، تمثل معان عميقة عند المحتفلين بها، وأهم ما يميز الاحتفال بالأعياد هو أن تتم بتجمعات يحتفل فيها الأهل والأصدقاء والمعارف..
ويأتي العيد هذا العام، وعلى الرغم من تخفيف الإجراءات التي كانت قد فرضت بسبب انتشار ڤيروس كورونا من التجمعات، إلا أنه يفقد أحد أهم مظاهره، لتأخذ فرحته في الخفوت، هذا على مستوى الجميع هذا العام، ليضيف هذا الخفوت نقصا جديدا لاحتفال المغتربين بالعيد.  

فلا يستشعر قيمة أي المذاق ذي الخصوصية الفريدة، إلا هؤلاء الذين شاءت الأقدار أن يُحْرَموا منه، فأين هي تلك النفخات التي تهب فتملأ النفس والقلب والوجدان، بهذه المشاعر التي تأتي من عالم روحاني، لتحملنا على أجنحة من أثير إلى عالم سماوي بهيح، في تلكم الأيام المباركات، والتي ما أكثرها حيث نقشتها نقلا في أعماق أعماقنا عقائدنا وموروثاتنا الثقافية والدينية.

إن أكثر الأحاسيس ألما هي التي تعتري المغتربين بعيدا عن أوطانهم، والتي تكاد تعصف بهم عصفا، وتترك في النفس وحشة وفي القلب وجعا، وفي الأحشاء جرحا وفي الروح حنينا مقيما، هي تلك الأحاسيس المرتبطة بالاحتفالات التي لها رصيد عقائدي، والتي تُصْبَغُ فيها مصر على وجه الخصوص بصيغة فريدة، لا يُعْرَف فيها لا طائفة ولا انتماء ضيق، يتجلى ذلك أكثر ما يتجلى في عيد القيامة " شم النسيم " الذي له ارتباط عقائدي وثيق عند إخواننا الأقباط، وشهر رمضان وعيد الفطر والذي هو حالة خاصة عند المسلمين؛ إن الاحتفال في مصر بهاتين المناسبتين هو ما يُظْهِر تلك الحقيقة التي استطاعت بعض الجماعات إخفاءها، وهي حقيقة النسيج الاجتماعي الواحد لهذا الشعب العظيم، والذي يتجلى في مظاهر عدة، تأتي على رأسها هاتان المناسبتان.

يظل لعيدي الفطر والأضحى المباركين في نفس كل مسلم المكانة العالية، فهما العيدان اللذان تطغى مظاهرهما عما سواهما من أعياد، تلك المظاهر التي يكون للأطفال فيها نصيب وافر، كما يكون للأقارب نصيب كبير، وللجيران تبادل مما يميز هذا اليوم من حلوى ومخبوزات خاصة، ويكون للأصدقاء وقت فيها معتبر وللمعارف التهاني والأمنيات.

وقبل كل ذلك تأتي ساعة الصلاة، في وقت باكر من اليوم تكتسي الوجوه بالبهجة وتتضرع الألسنة بالدعاء، وتتمنى القلوب قبول الأعمال، ويحاول المسلمون في كل دول العالم أن يسعدوا بتلك الاحتفالات وهاتيك المظاهر، ويجتهد المغتربون - خاصة في الدول غير العربية والإسلامية- اجتهادا شديدا في أن يحتفلوا بهذين العيدين، وأن يصنعوا مجتمعات تحقق لهم بعض السعادة النسبية في مثل تلك المناسبات، ولقد نجحوا في الإتيان بالعبادات فيصلون في المساجد التي يحرص على إقامتها المسلمون الذين غادروا بلدانهم الإسلامية كل حسب ما دفعه لهذه المغادرة، فيلتقون في تلك أماكن الصلاة مكبرين حامدين الله على أن بلَّغهم تلكم الأيام المباركات، متمنين الخير لهم ولذويهم ولبلدانهم.

كما يحاول هؤلاء المسلمون أن يخلقوا جوا من الفرحة ليستشعر أطفالهم قيمة هذا اليوم وليغرسوا في نفوسهم أن لهذه الأيام خصوصية لدى المسلم، فينجحوا قليلا قليلا، حيث البيئة هي ما يصبغ الفرحة، وحيث المظاهر التي تتميز بها البلدان الإسلامية وعلى الأخص مصر، لا يمكن توفرها، ولا صُنْع مظاهر قريبة منها، ثم قبل كل ذلك أين هم الأهل الذين حُرِم منهم المغترب وخاصة الجيل الجديد منهم، فمهما ارتبطت بعض الأسر بعضها البعض يظل الفرع في حاجة إلى الساق الذي هو ما فتأ ينشد الجذر، وهنا ربما يكون ثمة قضية نفسية يمكن أن يفيدنا فيها علماء الاجتماع، وهي نشأة الجيل الثاني والثالث من المصريين بعيدا عن العائلة بمفهومها الضيق مرة ومفهومها الكبير " أعني الوطن" مرة اخرى، تلك القضية التي أظن أنها في حاجة إلى درس وبحث، لنحصل على ما يمكن أن يكون خريطة طريق للسير عليها في المستقبل مع الأجيال القادمة، وهو ما أظن أن بعض القوميات قد عملت عليه بالفعل

كل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك أعاده الله عليكم بالخير واليمن والبركات.

 

 

 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط