الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة صعود وأفول نهضة الإخوان


عشرة سنوات كانت كافية ليتعلم التونسيون درساً لن ينسوه البتة في أن يثقوا بجماعة الاخوان المسلمين الذين استغلوا ثورة الشعب التونسي المطالبين بكرامتهم وحريتهم. عقد من الزمن مرّ يجمل بين جنباته سنوات عجاف بكل معنى الكلمة وربما كانت أسوء بكثير مما كانت عليه أحوال تونس والتونسيين ما قبل هذا العقد من الزمن. كل شيء بدأه التونسيون وهم من أنهوا هذه المهزلة التي تم تسميتها زوراً بالربيع العربي. عقد من الزمن كانت كافية كي يتم تعرية الاخوان المسلمين وكسف حقيقتهم التي كانوا يخفوها منذ سنوات حتى يتمكنوا ويتمسكوا بالسلطة التي كانت آخر أحلامهم التي كانوا يتغنون بها في السر. 
بكل تأكيد بأن أي ثورة يلزمها نظرية ثورية وأدوات ووسائل خاصة بها ويتم الإعداد لها لفترة طويلة حتى يتم البدء بالثورة. هذا بشكل عام وبكل تجريد لكل من يعلم حقيقة ظهور الثورات عبر التاريخ. لكن ما حصل في العقد الأخير من ظهور ثورات ارتجالية ومن دون سابق انذار وتم اطلاق اسم ثورات الربيع العربي عليها، بكل تأكيد لم يكن سوى لنشر الفوضى في المنطقة عبر استثمار حماس الشباب المتعطشين للكرامة على الأقل تجاه الأنظمة المتسلطة التي كانت تتربع على عرش السلطة لمدة تزيد عن عقود ثلاثة أو أربعة.
المتتبع لما يحدث في المنطقة خلال العقد الأخير يدرك جيداً بأن ما تمت معايشته لم يكن ثورة بقدر ما كان أزمة تم التعبير من خلالها عن حالة الاحتقان الجماهيري ضد الأنظمة الشمولية التي كانت موجودة، وكذلك المجتمع الذي يعيش حالة الاغتراب الحقيقي. وعليه لا يمكن القول بأن الشعوب انتفضت من أجل أن تأتي جماعات الاخوان المسلمين بمختلف مسمياتها كي تتربع على السلطة وتقدم الوعود بحل كافة المشاكل وأنها هي فقط من تمتلك العصا السحرية التي ستقضي على الفشل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي خلفته الأنظمة القومجية.
وعليه لا يمكن أن نؤكد بأن البوعزيزي الذي ألهب الشبان كي ينتفضوا على حكامهم. فهو واحد من ملايين الشباب الذين يعيشون نفس حالته وربما كان هناك الأسوء من حال البوعزيزي. لكنها الماكينة الإعلامية الغربية التي تسعى دائماً إلى تفريغ الثورات من جوهرها وربطها بأمور شكلية وثانوية واستغلال الشعوب من أجل مصالحها وأجنداتها. البوعزيزي لم يكن سوى ضحية لهذا الاعلام الغربي الكبير الذي بمقدوره قلب الحقائق رأساً على عقب وإيهام الشعوب بتفاهة الأمور وتحويلهم لمجرد قطيع يسيرون خلف الآلة الإعلامية بمختلف وسائلها.
فكيف أنه يوم الثامن والعشرين من شهر حزيران/يونيو سنة 1914، اهتز العالم على وقع حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند البالغ من العمر 51 سنة. فخلال ذلك اليوم، أقدم شاب من صرب البوسنة يبلغ من العمر 19 سنة ويدعى غافريلو برانسيب على توجيه رصاصات من مسدسه نحو ولي عهد النمسا وزوجته صوفي خلال زيارتهما للعاصمة البوسنية سراييفو، وهو الأمر الذي أسفر عن وفاة الزوجين خلال بضعة دقائق ليشهد العالم بعد ذلك بشهر واحد اندلاع الحرب العالمية الأولى والتي استمرت لأكثر من أربع سنوات متسببة في سقوط عشرات ملايين القتلى والجرحى. نفس الأمر يمكن تشبيهه بما حدث في تونس. حيث أقدم طارق الطيب محمد البوعزيزي وهو شاب تونسي قام يوم الجمعة 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2010م بإضرام النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بوزيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية فادية حمدي التي صفعته أمام الملأ وقالت له: (بالفرنسية: Dégage)‏ أي ارحل (فأصبحت هذه الكلمة شعار الثورة للإطاحة بالرئيس وكذلك شعار الثورات العربية المتلاحقة).
فلا مقتل ولي عهد النمسا فرانز كان السبب في الحرب العالمية الأولى ونفس الأمر بالنسبة لطارق البوعزيزي لم كين سبباً لثورات الربيع العربي والتي يمكن عدّها بداية لخرب عالمية ثالثة تدور رحاها الان. الاثنين لم يكونا سوى ضحية مخططات قوى الهيمنة الغربية الرأسمالية التي سعت وتسعى لتقسيم المنطقة وفق مصالحها المعتمدة أساساً على نهب خيرات المنطقة وجعل الشعوب عبيداً لها ينفذون أجنداتها ومشاريعها.
بدأها البوعزيزي قبل عقد من الزمن لتستغل الفرصة جماعة الاخوان المسلمين التي تربعت على السلطة في تونس وغيرها من الدول، لكنها أي جماعة الاخوان المسلمين الذين اثبتوا أنهم ليسوا سوى أدوات رخيصة بيد القوى الغربية لتنفيذ ما يتم طلبه منهم. وكانت عبير موسى البرلمانية التونسية التي فضحتهم وكشفت حقيقتهم أنهم ليسوا أهلاً ليكونوا حكاماً للمجتمعات والشعوب. فعلتها عبير موسى والتي كانت صوت الملايين من الشعوب في المنطقة التي رفضت أن يكون الاخوان المسلمين هم من يمثلون الشعوب. لذلك هبَّ الشعب التونسي ثانية وليعلن على الملأ أنه حان وقت وأد هذه الجماعة الضالة وحان وقت أفول ما تم تسميته بحزب النهضة والذي لم يكن سوى حزب الخراب ودمار المجتمعات.
سيرحل الغنوشي كما رحل من قبله مرسي وسيلحقهم خليفتهم أردوغان لأن وعد الشعوب ليس ببعيد.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط