الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا يُقدم الشاب على الانتحار وكيفية العلاج؟ عضو كبار العلماء بالأزهر يرد

لماذا يقدم الشاب
لماذا يقدم الشاب على الانتحار

قال الدكتور فتحي عثمان الفقي، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن الانتحار هو الفعل الذي يتضمن تسبب الشخص عمدا في قتل نفسه، أو هو فعلٌ يقتضي إنهاء الشخص لحياته بكلتا يديه وعمداً، مهدراً بذلك حقه في الحياة ، والذي يعتبر أقدس حقوق الإنسان على الإطلاق.

وأضاف عثمان الفقي، في تصريح له، أن الانتحار يعتبر جريمةً دافعها الأساسي – كما نظن ــ اليأس والاضطرابات النفسية ، واليأس الذي يعتبره الكثيرون أنه هو الدافع الأساسي للانتحار مرجعه إلى الاكتئاب أو الهوس الاكتئابي.

لماذا يقدم الشاب على الانتحار؟

وقال الفقي: إن الأفكار الانتحارية لها أسباب عديدة كما ذكرها المفكرون، وتكون في أغلب الأحيان متمثلة في شعور الإنسان بعدم قدرته وإمكانياته في التعامل مع موقف مربك له في الحياة، يجعله يفقد الأمل في المستقبل وعلى سبيل الخطأ يعتقد أن الانتحار هو الحل الأمثل للخروج مما هو فيه من ضنك الحياة.

وأكد أن الإسلام يحفز أبناءه ويطلب منهم أن يكونوا ذوي طموح، ولكنه الطموح المشروع المفيد، فآيات وأحاديث الترغيب في هذا الأمر تأخذ قدرا كبيرا من الكتاب والسنة ألا يعتبر ذلك تحفيزا على الطموح، ذلك الطموح المقرون بالعمل والجهد والعرق، ألم يقل الله تبارك وتعالى: "وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" آل عمران، وقال تعالى : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ " آل عمران،.

وأشار إلى أن الطموح الخالي عن العمل هو أمنية كاذبة، وقال صلى الله عليه وســلم : " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت , والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني" فهذا من أروع الأدلة على التحفيز الداعي للطموح المبني والمؤسس على العمل فالطموح فى الأصل أمر مشروع ؛ لأنه لو لم يكن هناك طموح ما عمل أحد، فأهل الدنيا يطمحون إلى المزيد منها فيعملون غير مبالين من حلال، أم من حرام وصلوا إلى ما يريدون وهنا الخطر، وأهل الأخرة يعملون لها، لكن طموحهم لا يجعلهم يحيدون عن طريق الحق والعدل وعن حدود الله التي شرعها لعباده , قال تعالى : " مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ " الشورى.

وأكد أن الشريعة الإسلامية لا تحرم الطموح ولكنها تجعله محدودا بحدود حتى لا يصبح أمنية نتمناها ولا تتحقق، فينقلب إلى حسرة نتحسر عليها، وهذا هو الذي يؤدي في – نظرنا – إلى ما يعانيه الناس عامة والشباب خاصة من الاكتئاب , فإذا نظرت إلى من هو أعلى منك فلا يكن ذلك النظر نظر حسد وحقد، ولكن نظر تعلم وتامل كيف وصلوا إلى هذا القدر وإذا نظرت إلى من هو دونك، فلا يكن نظر ازدراء، ولكن نظر عطف ورحمة وشفقة وتخيل نفسك مكانه، واحمد الله على ما أنت فيه، ولا يصل بنا الحال إلى الطمع.

حكم تصرفات المكتئب

وذكر أنه يمكن تخريج تصرفات المكتئب – من الناحية الشرعية - على ما ذكر في حكم جناية الغضبان فالحكم فيهما واحد حسب ما يغلب على ظني المتواضع , بناء على ذلك فالمكتئب لا يخلو من إحدى حالتين :

الأولى : أن يكون الاكتئاب في مراحله الأولى بأن يبدأ بميول الإنسان إلى العزلة، ومحاولة الانطواء على النفس بحيث لا يترتب على من هذا حاله وشأنه زوال عقله، أو اختلال أقواله وأفعاله , فليس لهذا الاكتئاب أثر في حكم جنايته على نفسه شرعا من تحريم ذلك عليه، ولا يبيح له ما يعانيه من الكرب أن يقدم على هذا العمل، بل عليه أن يسعى في علاج نفسه  والصبر على البلاء، فإن أقدم على قتل نفسه فيعتبر آثما عاصيا بفعله، وهو على خطر عظيم ولا يخرج بذلك من دائرة الإسلام، وأمره إلى الله عز وجل إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه.

الحالة الثانية: أن يكون الاكتئاب شديدا وحادا , فإذا ثبت أنه مذهب للعقل مؤثر في اتزان أقواله وأفعاله، بحيث أن غالب أفعاله وأقواله لا تجري على نهج العقل , فإن جنايته تعد من باب الخطأ، وإن كانت عمدا، فيسقط عنه التكليف، لأنه بمثابة المجنون، ويمكن الاستعانة في ذلك بمن يوثق به من العلماء المختصين، أو الأطباء النفسيين.

 

كيفية العلاج

وعلاج هذا النوع المذموم يكون عن طريق تحلي المسلم بخلق الرضا والقناعة , فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قــال : " تعس – أي هلك - عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي , وإن لم يعط لم يرض " رواه البخاري , وأن يكون المسلم على يقين بالله تعالى أنه لن يكون له إلا ما قدر له  فعن أبي عبد الرحمن عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا - نطفة , ثم يكون علقةً مثل ذلك ، ثم يكون مضغةً مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلماتٍ : بكَتْبِ رزقه وأجله وعمله ، وشقي أو سعيدٌ ، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) رواه البخاري ومسلم.