الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حول الجبهة إلى جحيم.. الفريق محمد سعيد الماحي قائد مدفعية حرب أكتوبر| بروفايل

الفريق محمد سعيد
الفريق محمد سعيد الماحي

سيناء، الأرض المقدسة، تلك الأرض التي تجلى عليها رب العزة وأقسم بها، مر الأنبياء عليها، وزادها الله قدسية على قدسيتها، فهي الأرض المباركة والبقعة الغالية على قلب كل مصري، كما أنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا وبين الشرق والغرب.

لقد قُدر لمصر، بحكم موقعها الجغرافي ومكانتها، أن تُصبح قبلة العالم على مدار التاريخ، فمصر "المكان – والمكانة"، تتوسط العالم وتربط قاراته ببعضها البعض، ما جعلها محط أنظار الجميع، وأن من يسيطر على مصر، فقد سيطر على قلب العالم أجمع.

ونتيجة لموقعها الجغرافي، سعت العديد من الدول لاحتلال مصر، لتستغل موقعها، ولتتحكم في كل شيء، إلا أنها كانت عصية على الانكسار، قوية في الدفاع عن أرضها وترابها المقدس، وكان المدخل الرئيسي لأي مُحتل يريد أن يقوم باحتلال مصر، هي سيناء، الأرض التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف على مدار التاريخ، وذلك لحمايتها وصونها من المخططات والمؤامرات، التي تحاك ضدها بصفة مستمرة.

والمعروف عن سيناء أنها البوابة الشرقية لمصر، وحصن الدفاع الأول عن أمنها وترابها الوطني، وهي البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة، فهي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.

واليوم، تمر علينا الذكرى الثامنة والأربعون على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، ذلك النصر الذي قاتل المصريون من أجله ودفعوا أثمانًا غاليةً من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن الذي أقسمنا على حمايته وصون ترابه وحدوده مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.

إن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقةٍ، بل لم تقتصر آثارها على المدة الزمنية للحرب، وإنما امتدت لتنشر أشعة الأمل في كل ربوع مصر.

فلقد حقق جيل أكتوبر العظيم، النصر، ورفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ، حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة، في السادس من أكتوبر عام 1973، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة في الوطن، وهي سيناء، واستعاد المصريون الأرض، واستعادوا معها كرامتهم واحترام للعالم، حيث تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين.

فلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا أيضًا أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها.

وكان أحد أبطال مصر والقوات المسلحة في تلك الحرب، هو الفريق محمد سعيد الماحي، قائد المدفعية المصرية،في حرب أكتوبر المجيدة.

نشأة الفريق الماحي

ولد الفريق محمد سعيد الماحي، في الأول من فبرايربمدينة دمياط عام 1922، والتحق بالكلية الحربية عام 1939، وتخرج فيها في الأول من يونيو عام 1942، وقد تخصص في سلاح المدفعية.

التدرج الوظيفي

عُين قائدًا للواء مدفعية، وتدرج في وظائف المدفعية جميعها حتى وصل إلى منصب قائد المدفعية المصرية.

الحروب التي شارك فيها الفريق الماحي

شارك الفريق محمد سعيد الماحي في العديد من الحروب، كحرب فلسطين عام 1948، وحرب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وحرب 5 يونيو 1967، وحرب التحرير الكبرى أكتوبر 1973.

تطور سلاح المدفعية في عهد الفريق الماحي

استطاع رجال سلاح المدفعية استيعاب التطوير الذي أُدخل علي النواحي الفنية والتقنية علي الأسلحة الجديدة التي انضمت للمدفعية، وذلك خلال الفترة من 1968 حتى الفترة 1973، كما استوعب رجال وأبطال سلاح المدفعية التعديلات الأخرى في التسليح من الصواريخ المضادة للدبابات إلى الصواريخ أرض أرض، ليس علي المستوي التكتيكي فقط، بل علي المستوي الإستراتيجي، وأثبتت ذلك في سيناء خلال الحرب بصورة متفوقة.

حرب يونيو وحرب الاستنزاف

بعد حرب 5 يونيو 1967، بدأ العدو الإسرائيلي في إقامة خط حصين علي طول شرق القناة، منتهزًا وقف إطلاق النار بعد الحرب، وبمرحلة كسر وقف إطلاق النار، بدأت المدفعية المصرية بكافة أعيرتها في التعامل مع هذه التحصينات، وتم تدمير جزء منها حتي صدر وقف إطلاق النار في أغسطس 1970.

وأقام العدو الإسرائيلي التحصينات بمستوى هندسي عال، وبالتالي زاد العبء علي المدفعية المصرية، وقبل حرب أكتوبر، أقام سلاح المدفعية وسلاح المهندسين نقاطا قوية في العمق المصري، مشابهة تماما لحصون بارليف، وكانت النقط الحصينة المصرية التي أقيمت تفوق نقاط العدو من حيث القوة والمناعة والتحصين والأسلاك والألغام.

مهام سلاح المدفعية في نصر أكتوبر

قامت المدفعية المصرية ببعض المهام التي لم يكن من المعتاد أن تقوم بها، كفتح الثغرات في حقول الالغام والأسلاك علي مستوي حصون بارليف، وبذلك استطاعت قوات المشاه والمدرعات اقتحام هذه الحصون والاستيلاء عليها.

كما تنفيذ عبور المدفعية بكامل أعيرتها طبقًا للتخطيط الموضوع كما عبرت بعض أجزاء المدفعية الثقيلة المصرية إلى الضفة الشرقية يوم 6 أكتوبر حتى تتمكن من التعامل مع العدو الإسرائيلي بأقصى مسافات تسمح لها بمدي نيران مؤثر، كما تم الاحتفاظ بجزء آخر في غرب القناة كعمق للمدفعية يتعامل مع أسلحة العدو في الوقت المناسب.

وكان من أحد مهام سلاح المدفعية في نصر أكتوبر، هو ضرب العمق الإسرائيلي عن طريق الصواريخ الإستراتيجية من طراز "سكود" في حالة تطلب الأمر ذلك.

أكثر من 2000 مدفع تقوم بأكبر عملية تمهيد نيراني

كان عدد المدافع التي حُشدت علي طول القناة في المواجهة مع العدو الإسرائيلي يزيد على 2000 مدفع، حيث كان حشد هذه المدافع علي خط المواجهة عملا فريدًا بالخداع الكامل للعدو، حيث أن المدافع وذخيرتها دخلت إلى أماكنها دون أن يدرك العدو.

فقد تم تدمير نسبة كبيرة من الاحتياطي المدرع الإسرائيلي خلال الأيام الأولي للحرب، وتحققت أكبر مستويات الفعالية في القصف المصري داخل مناطق تشوين الذخيرة الإسرائيلية وحشد الدبابات في عمق العدو ثم تقدمت تشكيلات المدفعية عابرة إلى سيناء فاتحة نيرانها رافعة رايات النصر.