الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكاية السهرة.. خناقة محمد فوزي وبوب عزام والكحلاوي على أغنية «يا مصطفى يا مصطفى»

صدى البلد

"يا مصطفى يا مصطفى.. أنا بحبك يا مصطفي".. أغنية شهيرة تخطى نجاحها حدود مصر لتطوف حول العالم، رغم منعها في مصر بأمر من الزعيم جمال عبد الناصر لسبب غريب، وتاه نسب اللحن الأصلي للأغنية بين عدد من نجوم تلك المرحلة.

حكاية الأغنية على عهدة "داليدا"

داليدا

ذكرت المطربة الراحلة داليدا، في حوار سابق مع الفنان سمير صبري، أن المطرب والملحن محمد فوزي صاحب لحن الأغنية وقدمه لها، وصاغ كلماتها الشاعر سعيد المصرؤ، من الفلكلور السكندري، لكنها اعتذرت عن الاغنية ورشحت اخوها "مورو" لغنائها، وهو ما حدث بالفعل، وحققت الأغنية نجاحا محدودا، خاصة أن عدد جمهور "مورو" ليس مثل جمهور شقيقته العظيمة داليدا.

مورو شقيق داليدا

أغنية تنقذ "بوب عزام" من الفشل

بوب عزام

ظهر خلال فترة الخمسينيات، جورج وديع عزام أو "بوب عزام" كأحد مطربي أغاني الفرانكو آراب في تلك الفترة، وحينئذ قوبل هذا النوع من الغناء برفض شديد، لكن المطرب السكندري من أصل لبناني، سبح ضد التيار بغناء يمزج بين اللغتين العربية والإنجليزية، وألحان ذات إيقاعات غربية وشرقية، وحقق شهرته من خلال الحفلات الخاصة وأعراس الطبقة الراقية.
بعد سنوات التقطت اذن عزام لحن "مصطفى يا مصطفى"، وطلب مقابلة الموسيقار محمد فوزي، وتحمس الأخير للتعاون معه ومنحه اللحن، ذو الطابع الفلكلوري الاستعراضي، وأراد طرح الأغنية في اسطوانات من خلال شركته الفنية الخاصة، لكنه فوجئ بمنعها بقرار من المصنفات الفنية، وتهاوت أحلام مطرب الفرانكو آراب في اتساع دائرة شهرته.
وبدأ عزام يسأل عن سبب المنع، رغم إطلاق الأغنية في محيط محدد، ولم يتوقع بوب عزام أن تثير أغنيته هذه الضجة، وتمنعها الرقابة، وعلم أن المنع بسبب أن كلمات الأغنية ذات مغزى سياسي، وتشير إلى زعيم حزب الوفد وقتذاك مصطفى النحاس باشا، ومرور سبعة أعوام على ثورة يوليو 1952 وانتهاء العهد الملكي في مصر، وحينئذ كان الأديب الكبير نجيب محفوظ مدير التصنيفات والرقابة السينمائية، وربما كانت حيثيات منع هذه الأغنية، السبب الرئيسي في استقالته عام 1961، حيث جاء المنع بقرار غير رسمي من مجلس قيادة الثورة، بسبب جملة "سبع سنين في العطارين"، التي يفهم منها سبع سنوات مرت على إسقاط الملكية وقيام الجمهورية.

وهنا دخلت شركة فرنسية على الخط، وطلبت من عزام تسجيل الأغنية لصالحها، وبيعت آلاف النسخ من أسطوانة الأغنية، وغناها مطربون من مختلف أنحاء العالم.

الأغنية تنقل عزام إلى العالمية

الأغنية بالياباني
عزام يغني مصطفى يا مصطفي

ذاع صيت الأغنية في مختلف أنحاء العالم، بعد ترجمتها للايطالية والاسبانية والفرنسية، والأوردية والألمانية، وغيرها من اللغات، وتم تصنيف الاغنية ضمن افضل 20  اغنية في فرنسا وقتها. 
ونقلت الأغنية بوب عزام نقلة أخرى، فسافر اوروبا وغناها في عدد كبير من الدول، قبل أن يقرر الهجرة بشكل نهائي إلى سويسرا، واستقر هناك وافتتح ملهى ليلي، وظل يغني فيه حتى وفاته عام 2004.

 

انتشار الأغنية في مصر رغم قرار المنع

يقول مطلع الأغنية: يا مصطفى يا مصطفى.. أنا بحبك يا مصطفى.. سبع سنين في العطارين.. وأنت حبيبي يا مصطفى، ورغم منع الأغنية من الإذاعة المصرية، ورفض طبعها على اسطوانات، انطلقت من خلال فيلم "الفانوس السحري" للمخرج فطين عبدالوهاب، وبطولة إسماعيل ياسين، وكريمان، وعبدالسلام النابلسي، وكانت أحد أسباب نجاح الفيلم، ليغنيها بوب عزام مُجدداً في فيلم "الحب كده" بطولة صباح، وصلاح ذو الفقار، وفي ذلك الوقت، عرض التلفزيون المصري الفيلمين، واتسعت دائرة الانتشار لأغنية "يا مصطفى" وردد الجمهور كلماتها، لكنها ظلت ممنوعة من الطبع على اسطوانات، واستشعر بوب عزام أن فن الفرانكو آراب، سيظل غريباً رغم ارتباطه بالموسيقى الشرقية، وتناغمها مع الإيقاعات الغربية، لتخطفه الشركة الفرنسية وينطلق إلى العالمية.

 

بوب عزام ينسب اللحن لنفسه

عزام والعالمية

بعد انتشار الأغنية عالميا، تجاهل عزام نسب اللحن إلى ملحنه الأصلي، إلا أن محمد فوزي دافع عن لحنه، مؤكدا أنه ملحن الأغنية، وأن بوب عزام استولى على اللحن، وغيَّر فيه بعض عبارات بكلمات أخرى، وأقام دعوى قضائية ضد عزام يطالبه فيها بتعويض قيمته نصف مليون جنيه، وأكد فوزي أن عزام لم ينسب لحن الأغنية إلى نفسه فقط، لكنه عندما سئل في باريس عنها قال: "إنها من الفلكلور العربي، وانه لم يعرف لها مؤلفاً أو ملحناً"، وبذلك تصبح أغنيته، وحينئذ تحدث فوزي إلى الصحافة، وقال في تصريحات لصحيفة "أخبار اليوم" بتاريخ 23 أبريل 1960 إنه سجَّل هذا اللحن عندما كان يعمل في أحد الملاهي الليلية بالإسكندرية، كما سجله بصوت المطرب "برونو موري" شقيق داليدا، وأذيع في البرنامج الأوروبي، وانه لم يكن يتصور أن هذه الأغنية ستنجح وتنتشر وتصبح من الألحان العالمية، ورجح أن يكون عزام سرق النوتة الموسيقية الخاصة باللحن من أحد عازفي البيانو في الكباريهات، لأنهم يحفظونه عن ظهر قلب.

فوزي يستشهد بالست بديعة مصابني

بديعة مصابني

واستشهد فوزي بالست بديعة مصابني، لتأكيد أنه صاحب اللحن، فعندما التحق بفرقتها أسمعها بضعة ألحان كان من بينها "يا مصطفى"، ونصحته أن تقوم مطربة بأداء اللحن بدلاً منه، وأوضح أنه وضع هذا اللحن لمطربة أجنبية كانت زميلة له في كباريهات الدرجة الثالثة، وأنها كانت تحب شاباً يُدعى مصطفى، فوضع لها هذا اللحن. 

عبد العزيز محمود 
محمد الكحلاوي 

ولم يكن محمد فوزي، الوحيد الذي ادعى أن لحن "يا مصطفى" ملكاً له، فالمطرب عبدالعزيز محمود، زعم أن اللحن من تأليفه، ودخل الكحلاوي في الصراع مدعياً أن اللحن هو نفس لحنه "تشكر يا سايق المطر"، ليظل الصراع محتدما بين الملحنين، بينما الجمهور مستمتع ويردد "يا مصطفى يا مصطفى.. أنا بحبك يا مصطفى"