الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جمال قرين يكتب: التعليم والاستثمار فى العقول

صدى البلد

استوقفنى أمس صديق يعمل مدرسا بالمرحلة الابتدائية بإحدى مدارس الجيزة..
دردشنا سويا لمدة ربع ساعة وسأنقل للقارئ وللمسئولين عن التعليم فى بلادى خلاصة هذا الحوار الذى كان فى الشارع ..
حينما سألته عن كثافة الفصول أخبارها أيه ؟! أجاب بصراحة بس قال لى بالله عليك لاتذكر اسمى حتى لايتم تحويلى للشئون القانونية بالادارة التعليمية باعتبارى تحدثت عن شأن داخلى وهذا لايليق .. 
فطمأنته أننى لن أفعل ذلك و ذكر لى أن كثافة الفصل الواحد أقسم بالله تتراوح مابين 135إلى 140تلميذا والعيال مكدسة فوق بعض ومعظمهم واقف لأن مساحة الفصل الحقيقية لاتكفى سوى 50طالبا يعنى الفصل  "معجنة" وهذا يتنافى مع ماذكره د. طارق شوقى وزير التعليم منذ أيام حينما سأله المذيع عمرو أديب عن كثافة الفصول فى المناطق العشوائية أجاب الوزير مابين 40الى 45تلميذا إذن من نصدق المدرس الموجود بداخل المطبخ التعليمى أم وزير التعليم .. 
يقينى أن معظم وسائل الاعلام أكدت أن كثافات الفصول مرتفعة جدا ليس فى العام الدراسى الجارى ولكن ايضا فى الاعوام السابقة ولم يستطع د. شوقى حل هذه المشكلة رغم زيادة الميزانية فى عهده الى أضعاف ماكانت عليه فى السابق لقناعة الرئيس عبد الفتاح السيسى بأهمية التعليم وضرورة تطويره والارتقاء بمنظومته وفى مقدمتها إنهاء مشكلة الكثافات  وبناء  العديد من المدارس لمواجهة الزيادة السكانية التى حذر منها سيادة الرئيس ..  لكن يبدو أن وزارة التعليم شغلت نفسها بشراء أجهزة التابلت والتى كلفت خزينة الدولة أكثر من 40مليار جنيه وتركت الفصول بهذه الكثافات المرعبة ..عودة مرة أخرى للحوار حينما سألت المعلم والمربى الفاضل .. هل يستطيع المدرس أن يشرح المنهج فى ظل هذا العدد الرهيب من التلاميذ المحشورين داخل هذه الزنزانة أقصد الفصل ..أجاب لا طبعا ولو كان طه حسين او العقاد و عن المصروفات المدرسىية اجاب 210جنيهات للمرحلة الابتدائية والطالب الذى لايسدد المصروفات لن يستلم الكتب وكل مايقال أن الكتب سيتم توزيعها على الجميع ليس صحيحا ..
وأقترح مدرس الابتدائى  لتقليل كثافة الفصول أن  تكون الدراسة للصفوف من الاول للثالث 3أيام فى الاسبوع ومن الرابع للسادس 3أيام  وإلغاء اجازة السبت وبذلك يتم تفريغ بعض الفصول والنزول بالكثافات الى 60و70 تلميذا فى الفصل بدل من 140 خاصة ونحن فى أجواء كورونا اللعينة
إذن مطلوب شفافية أكثر حينما نتحدث عن التعليم قبل الجامعى ولابد من مواجهة مشاكله وإيجاد حلول  لها على المدى القصير حتى لاتتفاقم المشكلة وساعتها يصعب الحل  ..
لاتستهينوا بالتعليم و الاستثمار فى العقول يجب أن يكون من أولوياتنا لأنه بدون ذلك كأننا نحرث فى الماء .

واقع الأمر أن التعليم قبل الجامعى فى مصر يحتاج لمجهود كبير وأن تضاعف ميزانيته كثيرا اذا كنا بالفعل نريد تعليما واستثمارا حقيقيا فى العقول أسوة بدول كثيرة سبقتنا فى هذا المجال مثل فنلندا وسنغافورة وجنوب كوريا وماليزيا وتايلاند وهذه الدول تشبهنا فى ظروفنا الاجتماعية والاقتصادية كثيرا .
وان تكون سياسات القائمين على شئون التعليم فى مصر واضحة وشفافة وأن نصارح صانع القرار باالمشاكل التى تقف حجرة عثرة فى طريق إصلاح التعليم بدون ترقيع او وضع مسكنات او تجميل لاخفاء الحقيقة ويأتى على قمة المشاكل كثافات الفصول وهذا يتطلب بناء مئات المدارس سنويا للقضاء على هذه المشكلة ..ثانيا التطوير المستمر للمتاهج فلايعقل أن يكون منهج الصف الرابع الابتدائى فوق قدرة المعلمين الذين لم يتدربوا على كيفية شرحه وبالتالى التلاميذ يصبحون فى "حيص بيص "..
ثالثا ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية وسببها كما قلت الكثافة العالية داخل الفصول ورداءة المحتوى التعليمى الذى يقدم للطلاب وظروف المعلم
المادية الصعبة التى اضطرته لارتكاب هذه المخالفة القانونية ..
رابعا الثقافة التقليدية لأولياء للامور والطلبة بمعنى شفت ابن جارى يتعاطى دروسا خصوصية يبقى لابد أن أقلده وأتعاطى الدروس مثله بالاضافة الى جشع بعض المعلمين وابتزازهم للطلاب وإجبارهم على تعاطى الدروس دون وازع من ضمير .. 
خامسا افتقاد معظم مدارسنا للملاعب والمساحات الخضراء لامكانية ممارسة الرياضة ..
سادسا إهمال الجانب الابداعى الذى يتمثل فى حصص الفنون كالمسرح والموسيقى والمكتبة وحشر الطلبة طوال اليوم الدراسى داخل جدران الفصول ..
إن التعليم فى مصر ياسادة يحتاج لوزارة ومسئولين يعملون من خارج الصندوق ولاينتظرون توجيهات السيد الرئيس وبالمناسبة الرئيس عبد الفتاح السيسى  يريد من المسئول أى مسئول أن يكون صاحب رؤية وقرار حتى ينصلح حال بلدنا ليس فى التعليم فحسب ولكن فى كافة المجالات  لأن الرئيس لوحده لن يستطيع التغلب على كم المشاكل الرهيبة التى تواجه مصر الان والتى تركتها الحكومات السابقة دون حلول جذرية لها والتعليم من أعقد هذه المشاكل التى لاتزال  موجودة لكن الأمل فى حلحلتها موجود أيضا.. فقط يحتاج الى توفر الارادة والاخلاص والعمل الدءوب والادارة الواعية والذكية وهذا الكلام موجه للمسئولين عن التعليم فى مصر بداية من الوزير وانتهاء  بأصغر  مسئول فى المدارس .. وأجزم أن القيادة السياسية لم ولن تدخر جهدا أو دعما  طالما كان الهدف منه التطوير والارتقاء بهذه المنظومة المترهلة حتى تتبوأ مصرنا الحبيبة المكانة اللائقة بها فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ولاكتمال بناء الجمهورية الجديدة التى يحلم بها كل المصريين والتى أتمنى أن تكون  من أولوياتها التعليم والاستثمار فى العقول .