الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا الحرمين .. تؤكدان: المتنمر والمعجب به والمهون منه جميعهم شركاء في العاقبة .. وعبر وسائل التواصل ضرره أكثر لانتشاره في كل بيت.. وتحذران: لا تكونوا كأهل الغرّة

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام: 

  • التنمر ليس له سن معينة لكنه يجد أرضا خصبة في أوساط الأطفال والمراهقين والشباب
  • يشتد خطر التنمر حينما يقع بين الطلاب في بيئتهم التعليمية
  • التنمر الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي ضرره أكثر لانتشاره في كل بيت

خطيب المسجد النبوي: 

  • لا تكونوا كأهل الغرّة بالله الذين تهافتوا على المنكرات وارتكبوا المحارم
  •  ارجوا الله رجاء لا يجرئكم على معصيته وخافوا الله خوفا لا يؤيسكم من رحمته 
  • اخرجوا من شؤم المعاصي وتخلصوا من أسر الشيطان واحذروا الاغترار

تناولت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي، التنمر وخطورته على الفرد والمجتمع بكال صوره، حيث إن التنمر هو الانفكاك الظاهر بين التعامل والتهذيب، فإن النفس الفارغة لن ترضى إذا لم ترض، وتلجم بلجام اللين والسماحة والوداعة، وما سماها من سماها بالتنمر إلا لبشاعة العدوان فيها، وخروج المعتدي في طباعه من صورته الإنسانية إلى صورة سلوك السباع الضواري، التي تفتك بمن حولها وتسطو عليه، فهي لا تنفك تصول وتفترس.

ومن مكة المكرمة، قال الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن من تسخير الله للبشرية، بلوغَها شأنا عاليا من الرقى المادي، وتفننها في تقريب بعيدها، مشيرًا إلى أن اختصار زمانها، وتذليل صعبها بصورة لم يشهد التاريخ لها مثيلا، غير أن الانهماك وراء ذلكم ينبغي ألا يزاحم استحضار الحاجة إلى إذكاء الوعي بالمواءمة بين المقومات المادية المعاصرة وبين مخرجاتها التهذيبية في الوقت نفسه، حتى يتم الجمع بين خدمة جسد الإنسان، وخدمة تهذيب روحه، فإن للروح رقيا أرفع من رقي الجسد.

آفة التنمر

واستشهد «الشريم» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، بما قال الله جل شأنه: « وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» الآية 77 من سورة القصص، منوهًا بأنه بفقد تلك المواءمة، تبرز نفوس يغلب صيالها حلمها، وعنفها لينها، وتعتريها آفة قسوة وعدوان وعنف وتسلط على الغير، بداعي تقديم إشباع الجسد على إشباع الروح.

وأوضح أن هذا ما تواطأت أقلام المهتمين بها على تسميتها بآفة التنمر، الذي ضرب بأطنابه في أفئدة رخوة لم يروض ذووها على توقير حقوق أنفسهم، ولا حقوق الآخرين وحرماتهم في النفس والمال والعرض، وخطورة الطيش والعدوان عليهم والتحرش بهم.

وأشار إلى أن التنمر هو الانفكاك الظاهر بين التعامل والتهذيب، فإن النفس الفارغة لن ترضى إذا لم ترض، وتلجم بلجام اللين والسماحة والوداعة، وما سماها من سماها بالتنمر إلا لبشاعة العدوان فيها، وخروج المعتدي في طباعه من صورته الإنسانية إلى صورة سلوك السباع الضواري، التي تفتك بمن حولها وتسطو عليه، فهي لا تنفك تصول وتفترس.

سلوك عدواني متكرر

وأفاد بأنه سلوك عدواني متكرر، يقوم به الإنسان ذكرا كان أو أنثى صغيرا أو كبيرا فردا أو جماعة تجاه آخرين، معتمدا في ذلك على قوته وفتوته ورفقته، وعلى ضعف المعتدى عليه أو انفراده، فكأن المتنمر بتنمره يتقيأ أخلاطا من الخلق الفاسد، الذي ابتلعه من حيث يشعر أو لا يشعر، بعد أن بلغ به التخمة.

وتابع: وإن كان التنمر ليس له سن معينة، إلا أنه يجد أرضا خصبة في أوساط الأطفال والمراهقين والشباب، وأما وسائل التنمر فمتعددة في البيت والسوق والمدرسة والمجامع العامة والخاصة، مشيرًا إلى أن التنمر في واقع الأمر ضربان، أحدهما تنمر حسي وهو ذو تنوع، فقد يكون لفظيا من خلال الشتم أو السخرية أو السباب أو الشماتة أو بها جميعا، وقد يكون غريزيا بالتحرش والابتزار ونحوه، وقد يكون فعليا من خلال الضرب وإيذاء الجسد أو السلب والنهب وتخريب ملك الغير.

وواصل: والضرب الآخر: هو التنمر المعنوي من خلال الاحتقار والتعصب والعنصرية، وبطر الحق وغمط الناس ، وآفة بغيضة، يتسارع تراكمها في المجتمع كلما غفل عنها التربويون وذوو الاختصاص بتلكم الآفة الحالقة، وقد عدها بعض المختصين ظاهرة متفشية في كثير من المجتمعات أيا كانت معيشتها وأطيافها، ويكثر الحديث عنها في وسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة.

حوادث متكررة من صور التنمر

ونوه قائلاً: فكم هي الحوادث المتكررة من صور التنمر يراها الناس يمنة ويسرة، من تحرش وابتزاز، وقسوة وإيذاء، واعتداء على الغير، في طرقات الناس أو مجامعهم، وربما كان في البيوتات بين الأزواج تارة، وبين الآباء والأولاد تارات أخرى، فكم هي القضايا التي تستقبلها الشرط، وكم هي الحالات التي تتلقاها المشافي والمحاكم جراء آفة التنمر، وكم هي القصص والوقائع، التي تتناقلها الصحف، ويتداولها الناس بصورة لافتة، عبر وسائل الاتصال الحديثة، من خلال الخبر أو المشاهدة.

وأكد أن التنمر المشهود يعد من معاول العنف والتباغض والتدابر في هدم لبنات التراحم والشفقة والبر والإحسان في الأسرة والمجتمع، وإنه ليشتد خطره حينما يقع بين الطلاب في بيئتهم التعليمية، للتضاد البين بين مخرجاتها الرئيسة في الفهم، وتحمل المسؤلية، وتهذيب السلوك والتآلف لدى النشء، وبين التربية على الصالح العام، والخلق الرفيع بين الطلاب وبين الطالبات.

 التنمر الإلكتروني والتقني الحديث

ونبه إلى أنه لا يقل خطرا عنه التنمر الإلكتروني والتقني الحديث، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتداولة؛ لأن ضرره أكثر تعديا مما سواه بطبيعة انتشاره في كل بيت، ونفوذه في التشويش والتهويش، والإرباك للعامة والخاصة في المجتمع الواحد، الذي هو أحوج ما يكون إلى التآخي والتراحم، ومراعاة الصالح العام، والشعور بالمسؤولية الملقاة على النفس وعلى الآخرين .

وبين أن التنمر، سنجد أنه حالة وحشية عارضة، يذكيها أزمة نفسية يتجرعها المتنمر، بسبب خلل في تربيته الأسرية، أو أن الأسرة تعيش حالة من العنف بين ذويها، أو بسبب ما يحمله الفرد بين أسرته من طاقة مكبلة، لم يحسن أهلها التنفيس عنه فيها بما ينفعه ولا يضره، فإن الكأس تفيض عند امتلائها، أو أن ذلك بسبب خلل توعوي، أو قصور تربوي، أو طبع انتقامي ونحو ذلكم، فيجعل محصلة ذلك في التعبير عنها بتنمره على الآخرين، إما من باب الانتقام والتشفي، والهروب من ذلكم الواقع الذي يعيشه، وإما من باب ظنه أنها فتوة وقوة وغلبة، وبخاصة إذا وجد في أوساط الناس من الرفقاء والأصحاب من يشجعه أو يعينه عليها، أو يهيء له أسبابها، أو يهون له عقوبتها وعاقبتها، فإن المتنمر، والمعجب بالمتنمر، والمهون من شأن التنمر، هم في الواقع شركاء في إذكائه واستفحاله، وما ذلكم في الحقيقة إلا انعطاف عن مسار التقويم، وإهمال مرفوض لا قبول له بوجه من الوجوه.

عاقبة التنمر لصاحبه

وقال: وما عاقبة التنمر لصاحبه إلا اضطراب في شخصه، وإفساد في مجتمعه، وإدمان للسلوك العدواني، وقلق واكتئاب لا ينفكان عنه، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم : " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، مبينًا أن التنمر بالآخرين إفساد عريض، والمتنمر ضعيف ولو تفتى؛ لأن من دعَّته نزوته فهو منقاد لهوى محض وليس قائدا له، ومؤثر خلق السباع الوضيع على خلق الإسلام الرفيع، وإفساد سبيله على إصلاحه، ومقدم هوى ذاته على مصلحة مجتمعه، ومن أحب نفسه حقا أدرك أن عليه ألا يؤذي غيره، فإنه لا يؤذي غيره إلا من كره نفسه شعر بذلك أم لم يشعر، فالعلة فيه لا في غيره.

وأكمل: فإن لم يُفقه أحد من سكرة تنمره، فسيقع فأسه على رأس غيره، ومتى وجدت الوقاية لم يحتج إلى الدواء، ومتى تأخر الدواء عن الداء فلن يقع حينئذ موقعه، وإذا لم يغبر حائط في وقوعه فليس له بعد الوقوع غبار؛ ما يؤكد على ذوي الاختصاص من أمنيين وشرعيين وتربويين ونفسيين بذل أقصى درجات الوقوف على احتواء هذه الآفة المقيتة، ولا يتم هذا الاحتواء إلا بضبط التشخيص والتسبيب، وبيان العوارض، وتهيئة الحلول الملائمة للقضاء عليها، وإدانة مرتكبيها ومجازاتهم، والاتفاق على المشاركة المتنوعة من جميع ذوي الاختصاص حتى لا تبقى ثغرة منه إلا سدت، كل مختص بما آتاه الله من علم في كبح جماح تلكم الآفة.

ولفت إلى أنه لا ينبغي للمجموع من المعنيين أن يتدافعوا اختصاص مكافحة التنمر ولا أن يتنازعوه، فإن لكل دوره ومسؤليته، فلا يلقين المربون بالعتب على الأسر، ولا الأسر بالعتب على المربين، ولا يلقون هم جميعا بالعتب على من سواهم، ثم إنه ينبغي للمتنمر المكلف أن يتقي الله، ويستحضر حرمة إيذاء الآخرين والاعتداء عليهم، وأنه أول المتضررين بتنمره في دنياه وأخراه، كما ينبغي له أيضا أن يتصالح مع نفسه ومع الناس، معتمدا بعد عون الله على تصفير همومه وكبح جماح طاقاته السلبية، ومزاحمتها بالرضا والصبر والنقاء، وأن التنمر ما كان في شيء إلا شانه، ولا نزع من شيء إلا زانه، وأن بحسبه من الشر بتنمره أن يؤذي أخاه المسلم، أو يحقره، أو يكون تجاهه طعانا لعانا معتديا أثيما، قد أسلم قياده للشيطان الرجيم.

ودلل بما قال الله جل وعلا « وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا» الآية 53 من سورة الإسراء، مشددًا على أن ضعف الوازع الديني والإخفاق في التربية على الخلق القويم أعظم سببين في حصول التنمر، يضاف إلى ذلكم البيئة والرفقة وأثرهما على الفرد والجماعة، فإن القرين بالمقارن يقتدي، ولن يتنمر من رفقته ذوو حلم وأناة، ولن يحلم من رفقته ذوو صلف وغلظة .

علاج التنمر

وشدد على أنه ينبغي أن ينطلق علاج التنمر من غرس ثقة الطفل بنفسه، ومراقبة سلوكه منذ نعومة أظفارة؛ ليجتاز هذا الفخ المهلك فيتم مسير حياته خاليا من التنمر ، وينبغي ألا يغفل المختصون عن إعمال مبدأ العقاب الذي يقابل مبدأ الثواب؛ إذ هو أقنوم رئيس في الحد من ظاهرة التنمر الذي يهدد استقرار المجتمعات، وأنه يجب إعمال ما يسنه ولاة أمر المسلمين مما من شأنه توثيق حماية حقوقهم، وعقوبة إيذائهم أو التحرش بهم، فإن بعض النفوس الرديئة لا يردعها وعظ ولا تذكير، وإنما ترتدع بقوة السلطان، كما قال عثمان رضي الله عنه: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

وأفاد أنه مما لا يقل أهمية عما مضى عباد الله: التوعيةَ والإرشاد، والتوجيه السليم لمكارم الأخلاق، وبث روح الإلفة والمحبة والإخاء عبر وسائل متعددة، وبيان أن التنمر وحش كاسر، إذا تمثله المرء تعذرت السيطرة عليه، وبيان أن أي انتصار يحدثه التنمر، فإنما هو في الحقيقة أسوأ من أي هزيمة؛ لأنه انتصار زائف لدى كل ذي لب من الناس، فإذا ضعف الإرشاد والتعليم عم الجهل، ومع الجهل يأتي الخوف، ومن الخوف يأتي التعصب، ومن التعصب يأتي التنمر، والتوجيه السليم هو نور التخلص من الجهل المظلم، فإننا إذا أحسنا التعامل مع ظاهرة التنمر لدى الأطفال والشباب أمنا جانبا مهما من مستقبل الأمة، فأطفال اليوم هم شباب الغد، وشباب اليوم هم كبار الغد، وما المجتمع المتماسك إلا بأطفاله وشبابه وكباره، ولن يبلغ هؤلاء التآلف إلا إذا أمن بعضهم ألسن بعض وأيديهم .

لا تكونوا كأهل الغرّة بالله 

ومن المدينة المنورة، قال الشيخ صلاح بن محمد البدير، إمام وخطيب المسجد النبويالشريف: أيها المسلمون تبينوا الرُّشد من الغَيِ وميّزوا بين الحَيّ والَّليِّ ولا يذهلنكم التمتع بمتاع الدنيا والتلهي بزخرفها عن الاستعداد ليوم المعاد.

وأضاف «البدير» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة : ولا تكونوا كأهل الغرّة بالله الذين تهافتوا على المناهي وانبعثوا في المنكرات وارتكبوا المحارم وعطلوا أمر الله ونهيه وتركوا العمل واسترسلوا في المعاصي اغترارا بسعة الرحمة وكثرة النعمة و تأميلا لعفو الله تعالى و اتكالا على كرمه ومغفرته.

وأوضح أنهم إذا عوتبوا ونهوا وذكروا تعلقوا بنصوص الرجاء، واتكلوا عليها ورددوها وعددوها يرجون المغفرة وهم مجاهرون بالسوء مماطلون بالتوبة کارهون للنصيحة مصرون على الذنب عائدون إلى مثله غير تائبين عنه حتى قال قائلهم : وكثِّر ما استطعت من الخطايا إذا كان القدوم على كريم.

ديدن المخدوعين والمغرورين 

ونبه إلى أن ذلك ديدن المخدوعين والمغرورين ودأب المصرين والمعاندين ودين المتهاونين بالوعيد الذين سول لهم الشيطان الأفاك الغّرار الكذاب وزين لهم اقتراف السيئات والانهماك في الغفلات وارتكاب المعاصي واتباع الشهوات وأمدهم في الغي وألقاهم في الحسرة وأغراهم بالأباطيل والتعاليل ومناهم بالأمل الخائب والرجاء الكاذب.

واستشهد بما قال الله جل وعز في أمثال هؤلاء: « فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ وقال مجاهد في معنى الآية : لا يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه، حلالا كان أو حراما، ويتمنون المغفرة، ويقولون: سَيُغْفَرُ لَنَا ».

ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا

وتابع : قال الحسن البصري: إن قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة، ويقول أحدهم: إني أحسن الظن بربي وكذب، ولو أحسن الظن لأحسن العمل، وتلا قول الله تعالى: " وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ". وقال سعيد بن جبير: "الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية، ويتمنى على الله المغفرة" وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- : " كَفَى بِخَشْيَةِ اللَّهِ عِلْمًا وَكَفَى بِالِاغْتِرَارِ بِاللَّهِ جَهْلًا " .

وأوصى قائلاً:  فيا عبد الله .. أي أمان حملك على الاغترار وجرأك على الأوزار وأغراك على الإصرار أغرك جميل ستره أم غرك طول إمهاله أم غرك أنه لم يعاجلك بالعقوبة بسطا منه لك في مدة التوبة ولو راجعت نفسك لعلمت أن ستره وإمهاله موجب لشکره على إظهاره لمحاسنك و ستره لذنوبك فلا تأمنن أن يختم لك بذنوبك التي سترها عليك فتكون من الهالكين.

ارتدعوا عن الاغترار

وشدد: فاتقوا الله أيها المسلمون وارتدعوا عن الاغترار وأقلعوا عن الأوزار واستتروا بستر الله، واستحيوا من الله، واحذروا فإن الناس يعيرون ولا يغيرون، ويفضحون ولا يسترون وينشرون ولا يتورعون إلا من رحم الله وقليل ما هم أقول ما تسمعون وأستغفر الله فاستغفروه إنه كان للأوابين غفورا .

ونصح : أيها المسلمون ارجوا الله رجاء لا يجرئكم على معصيته، وخافوا الله خوفا لا يؤيسكم من رحمته فإن الرجاء يستلزم الخوف، ولولا ذلك لكان أمنا، والخوف يستلزم الرجاء ولولا ذلك لكان قنوطا و يأسا ومن حمل نفسه على الرجاء تعطل، ومن حمل نفسه على الخوف قنط، ولكن ساعة وساعة و من رجا شيئا طلبه، ومن خاف شيئا هرب منه و من رجا الرحمة تعرض لأسبابها، فاخرجوا من شؤم المعاصي وتخلصوا من أسر الشيطان واحذروا الاغترار واصدقوا في التوبة والاستغفار.