الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كتاب ميسون صقر الجديد: توثيق تاريخ مقهى ريش

الكاتبة ميسون صقر
الكاتبة ميسون صقر
  • مصطفى الفقي: المقهى يُجسد في ذهني شيئًا يثير الاحترام والتقدير في تطوره التاريخي 
  • نبيل عبد الفتاح:  مقهى ريش يشارك المصريين في شخصيته المكانية والتاريخية
  • صابر عرب: لو لدينا الصلاحية لأعطيت ميسون صقر الدكتوراه الفخرية 
  • مي البطران: العيون الخليجية الشقيقة ألقت الضوء الأخضر على تاريخ لم يناقشه أحد من قبل

 

لم يكن مقهى ريش الكائن بشارع طلعت حرب بوسط البلد سوى شاهد على مجريات التاريخ وحركة الثقافة والأدب والسياسة والحياة الاجتماعية في مصر، وفي كتابها الجديد، وثقت الكاتبة والشاعرة ميسون صقر تاريخ هذا المقهى في كتابها الجديد "مقهى ريش.. عين على مصر"الصادر حديثًا عن مؤسسة نهضة مصر للنشر والتوزيع.

 

وخلال حفل كبير لتوقيع الكتاب،  استهلت داليا إبراهيم رئيس مجلس إدارة دار نهضة مصر، الحفل بكلمة ترحيب للسادة الحضور ومناقشي الكتاب، وعلى رأسهم: "الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور صابر عرب وزير الثقافة المصري السابق، والكاتب نبيل عبدالفتاح مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.

 

وقالت إبراهيم، خلال فعاليات حفل توقيع الكتاب: "الكتاب يعبر عن الوحدة الوطنية بين مصر والدول العربية الشقيقة، ولقد أظهرت الكاتبة الإماراتية ميسون صقر روح مصرية أصيلة وعتيقة تغيب عن أغلب المصريين في وقتنا الحالي".

 

وأضافت أن العلاقة وثيقة بين مصر والإمارات منذ عقود بعيدة، مشيرة إلى أن دار "نهضة مصر" نجحت في خطف الأضواء منذ 83 عامًا في توثيق هذه العلاقة بكتاب بحجم وقيمة "مقهى ريش.. عين على مصر".

 

وعن دور دولة الإمارات الشقيقة في خدمة الثقافة، استرجعت ذكرياتها، قائلة: "إن السلطان القاسمي كرّم والدي منذ 30 عامًا، وحصلت دار نهضة مصر 5 جوائز من السلطان القاسمي، وجائزة أفضل ناشر عام 2010 من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وجائزتين أيضًا من الملتقى العربي بالشارقة، وجائزة الشيخ زايد عن عمل شخصيات كارتونية تتحدث عن العلماء المصريين عام 2018".

 

ترنيمة تاريخية وثقافية 

وأدارت الكاتبة نشوى الحوفي مدير عام النشر الثقافي بدار نهضة مصر، دفة المناقشة "مقهى ريش"،  قائلة: "الكتاب يعتبر بمثابة ترنيمة تاريخية وثقافية من طراز رفيع، وانتقل مقهى ريش من قلب باريس ليلامس نبض القاهرة الخديوية؛ ليؤثر في المناخ الثقافي وأصحابه من الأدباء والمفكرين"، مشيدة بدور السيدة سامية ميشيل مالكة مقهى ريش لنجاحها في الحفاظ على الهوية الثقافية لمكان بحجم مقهى ريش".

 

وتحدث الكاتب نبيل عبد الفتاح مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كيفية نجاح المقهى في استقطاب الأدباء والمفكرين؛ ليكون بمثابة أيقونة ثقافية من طراز رفيع.

 

وأضاف عبد الفتاح أن جذب انتباهه أمرين أساسيين، أولهما: قوة التوثيق، وثانيهما: سلطة السرد، مشيرًا إلى أن قوة الكتاب تأتي من تضافر هذين الأمرين في إعطاء قوة خفية لكتاب مقهى ريش، على الواجهتين الاجتماعية والثقافية.

 

وأشار إلى أن المقاهي تمثل جزءًا من انفتاح المجال العام في العواصم الكبرى، فهى جزءًا من الكتابة التاريخية أيضًا وربطها بالتراث المادي، بالإضافة لارتباطها بجزء من السرديات الروائية والقصصية وأدب الرحلات.

طراز فرنسي بعيون مصرية 

وأكد على أن مقهى ريش على طراز فرنسي بعيون مصرية، خاصة أنه يعبر عن الواقع المصري خلال عصر الحداثة وما بعدها، وكذلك خلال العصر الرقمي الحديث، مضيفًا أن المقاهي والمتاحف بمثابة فواعل تراثية وتاريخية، ومكانية إن جاز التعبير، على حد قوله.

 

واستطرد قائلاً: "إن المقاهي لعبت دورًا كبيرًا على المستوى الثقافي والمسرحي والشعري، وشكلّت المقاهي قوة اقتصادية مهمة في مدينة باريس الفرنسية، ولندن البريطانية، وفيينا النمساوية، حيث يزور السياح المقاهي ذوات صبغة ثقافية، وما اكتسبته من الشهرة بعد وقبل الحرب العالمية الثانية، وبالفعل مقهى ريش يشارك المصريين في شخصيته المكانية والتاريخية، وهذا ما نجحت في إبرازه الكاتبة ميسون صقر".

 

وأما عن التراث المعماري المرتبط بالقاهرة الخديوية، اختتم عبد الفتاح كلمته، بأن المؤلفة نجحت في الإسقاط على مدى ارتباط مقهى ريش بالهوية المصرية والتراث المرئي الذي يعود للخديوي إسماعيل، مستشهدًا بعدد من المقاهي الفرنسية التي أثرت على الصعيدين السياسي والثقافي من خلال مفكرين عظماء، ومن أبرزهم: "موليير، جان جاك روسو"، والتي أثرت فيما بعد في إحداث الثورة الفرنسية عام 1789.

دكتوراة فخرية 

وقال الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق، إن قراءة كتاب "مقهى ريش.. عين على مصر" استغرقت ثلاثة أيام متواصلة، مؤكدًا أنه ليس كتابًا للتسلية، بل يندرج تحت الفصيلة العلمية التي نجحت الكاتبة ميسون صقر في إبرازها.

 

وأضاف عرب أن الكاتبة نجحت في حشد كم معلومات كبير يغطي حقبة تاريخية بارزة لمدينة القاهرة الخديوية في القرن التاسع عشر الميلادي، مشيرًا بالقول: "إن المؤلفة استطاعت كشف دهاء التاريخ المكاني للمقهى؛ لأن عادة ما يقدم المحتوى التاريخي عدة مقدمات، ثم يبهرنا بنتائج مختلفة"، مستشهدًا بالحملة الفرنسية على مصر عام 1798، والتي تركت بصمة حضارية بارزة برغم ما أثرته داخل الوضع السياسي المصري آنذاك.

 

وأشار إلى أن مقهى ريش ساهم في الانفتاح الثقافي والمعرفي داخل المجتمع المصري، خاصة أنه استمر إلى الآن، مضيفًا أن الكاتبة الإمارتية أبرزت قيمة المقهى تراثية، والتي لا يمكن التفريط بها مثلما حدث للأوبرا الخديوية عقب حريقها الشهير، والتي حلّ محلها جراج لنتخلص بأيدينا من تراثنا الإنساني والجمالي، قائلاً: "إن العالم الذي يفقد ذاكرته يفقد عقله".

 

وأكد وزير الثقافة الأسبق، قائلاً: "لو لدينا الصلاحية لكنت أعطيت الكاتبة ميسون صقر الدكتوراه الفخرية عن هذا الكتاب فهى تستحق عن جدارة".

 

وقال الدكتور صابر عرب، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إن مقهى ريش لم يُفرط به منذ 110 عام، واستمراريته الثقافية سر شهرته وبريقه على ساحة الأدباء والمثقفين.

 

وعند سؤاله حول إمكانية إلقاء وزارة الثقافة للضوء على أهمية المقهى، أجاب عرب أن الوزارة المعنية بذلك هى وزارة الإعلام وليست الثقافة، ولا يجوز أن تملك الدولة مقاهي ثقافية، لكنها تقدم ذلك من خلال قصور الثقافة والصالونات الثقافية، مشيرًا إلى أن العمل المدني ساهم في نجاح مقهى ريش؛ لارتباط الفكرة بشخص واحد.

شاعرة من الطراز الأول 

وقال الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية، إن علاقته بمقهى ريش كانت سماعية، حتى أتُيحت له الفرصة منذ عقدين من الزمان بزيارته، وذلك بعد دعوة  الراحل مجدي عبد الملاك صاحب المقهى.

 

وأضاف الفقي، خلال كلمته عن كتاب "مقهى ريش"، كنت أرى دائما هذا المقهى يُجسد في ذهني شيئًا يثير الاحترام والتقدير في تطوره التاريخي المرتبط بالهوية الثقافية المصرية.

 

وأشار قائلاً: "من يقرأ كتاب "مقهى ريش.. عين على مصر"  يعرف أن الكاتبة  ميسون صقر شاعرة من الطراز الأول، ويتضح ذلك بشكل كبير في كتابتها، على الرغم من التدقيق والتوثيق التاريخي الذي يصل إلى مراحل الدراسات الأكاديمية".

 

أما عن طريقة سرد الأحداث في كتاب "مقهى ريش"، أشاد مدير مكتبة الإسكندرية بأسلوب ميسون صقر، مرددًا كلمة نبيل عبد الفتاح مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حينما قال: "عشقها لمصر يزيد عن عشق المصريين لبلدهم".

 

وفي سياق متصل، ذكّر الفقي عددًا من المواقف له في مقاه شهيرة، ومن أبرزها: أنه جلس محل العالم النمساوي سيجموند فرويد في أحد المقاهي هناك، كما حالفه الحظ مرة أخرى في الجلوس على أحد الكراسي التي جلس عليها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في ميدان شهير ببلجيكا.

 

واختتم الفقي كلمته، قائلاً: "إن كتاب "مقهى ريش" من الكتب التي تحرض على التفكير، وتدعو إلى التأمل، وتستدعي أحداث التاريخ المشوقة استدعاءً منطقيًا عاقلاً"، مشيدًا بطريقتها في تأريخ فكرة المقهى في مصر، وتأريخ الظاهرة الخديوية، والتيارات السياسية المختلفة، متمنيًا أن يدار المقهى بالطريقة التي عاش بها ولا يُباع في المستقبل.

غلاف كتاب مقهى ريش

ومن جانبها، أعربت مي بطران، وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب سابقًا، عن سعادتها بحضور حفل توقيع كتاب "مقهى ريش.. عين على مصر"، قائلة: "سعيدة بإن هناك عين ونظرة عربية استقصائية على تاريخ مصر".

 

وأضافت بطران، خلال تصريحاتها لـ"صدى البلد"، أن العيون الخليجية الشقيقة ألقت الضوء الأخضر على تاريخ لم يناقشه أحد من قبل، مشيرًا إلى أن المقهى يعبر عن حقبة تاريخية ذات رؤية خديوية.

 

وأشارت البرلمانية السابقة إلى أن السيدة ميسون صقر هى ابنة حاكم الشارقة السابق، وخالها هو حاكم الشارقة الحالي، فهى سليلة عائلة عريقة، لافتة إلى أنها يغمرها سعادة بالغة لنظرة السيدات العربية إلى تاريخ مصر الزاخر بالحكايات التي لا تنتهي.

 

ويتضمن كتاب "مقهى ريش" سردية تعبر عن جزء من تاريخ التحديث المعماري في وسط القاهرة المحروسة بروحها الفكرية والفنية والموسيقية، فقد شكّل المقهى منذ بداية القرن الماضي أحد حراس الحداثة في الأفكار والحوار والأناقة والجدل الصاخب.

 

يذكر أن المؤلفة ميسون القاسمي، ولدت في الإمارات العربية المتحدة سنة 1958، وأقامت في القاهرة بداية 1964,  وتخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم علوم سياسية عام 1982، وعملت من سنة 1989 وحتى 1995 في المجمع الثقافي في أبوظبي رئيسًا للقسم الثقافي، ثم لقسم الفنون والنشر، ولها تسع مجموعات شعرية، هى: "هكذا أسمي الأشياء" و"الريهقان" و"جريان في مادة الجسد" و"البيت" في عام و"الآخر في عتمته" و"مكان آخر" و"السرد على هيئته" و"تشكيل الأذى" وأخيرًا "رجل مجنون لا يحبني"، كما أصدرت ديوانين باللهجة العامية المصرية هما "عامل نفسه ماشي" و"مخبية في هدومها الدلع".