الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف نحتفي بميلاد النبي ووفاته؟.. علماء يجيبون

كيف نحتفي بميلاد
كيف نحتفي بميلاد النبي ووفاته؟

ذكرى المولد النبوي وكيف نحتفي بميلاد النبي ووفاته؟.. مع دخول ليلة الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام 1443هـ، شهر ميلاد خير البرية وسيد الخلق وخاتم المرسلين والرحمة المهداة للعالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، تحل ذكرتي الميلاد والوفاة معاً في هذا الشهر الفضيل، ويحرص المسلمون على معرفة المنهج الشرعي في إحياء تلك الذكرى النبوية الشريفة.

الاحتفال بمولده شاهد على الحب

قالت دار الإفتاء، إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف شاهد على الحب والتعظيم لجناب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به، وشكرٌ لله تعالى على هذه النعمة. وهو أمرٌ مستحبٌّ مشروعٌ، ودرج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه.

وأضافت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال: «ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي؟»، المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي: أن يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.

واستدلت دار الإفتاء بما روي عن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه الترمذي، موضحة: فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالِمًا، فجواز الاحتفال بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم للدنيا أولى.

النبي باقٍ بأنفاسه الطاهرة

قال الدكتور مجدى عاشور المستشار الأكاديمي لمفتي الجمهورية، إن الله سبحانه وتعالى قال في سورة الزمر: "إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ"، مشيراً إلى أن الموت على الجميع وهو حقيقة كونية لكافة مخلوقات الله ، إلا أن ذلك لا يعني انقطاعه صلى الله عليه وسلم وإنما سيرته وسنته وفهمه للقرآن سيظل في أمته الى يوم القيامة.

وأشار عاشور، إلى أن كل إنسان منا لا ينبغي أن يظن في أن وفاته صلى الله عليه وسلم، مثل وفاتنا وموتنا، فالنبي صلى الله عليه وسلم معنا بأنفاسه الطاهرة وهو يتجلى فى وجوده برده السلام على من يصلي عليه، كما أنه تعرض عليه الأعمال فإن وجد خيراً حمد الله عليه وإن وجد غير ذلك استغفر الله تعالى لنا، فالعلاقة به صلى الله عليه وسلم منذ بعثته من الناحية الشرعية ، بل منذ إن كان آدم عليه السلام في طينته.

وبين أمين الفتوى، أنه لا شيء في الاحتفال بمولده وإن كان يوافق يوم موته على بعض الأقوال فالمقصود هو أن يفرح بنا صلى الله عليه وسلم أننا نتبعه ونحبه سواء كان ذلك يوم ولادته أو انتقاله، وخاصة أن معنى الانتقال هنا هو انتقال روحه لمزيد من النور والسعادة للقائه بربه.

وشدد على أننا حين نحتفل به نظهر الفرح لأننا نتبع سنته وحبه وشكراً على مجيئه وبعثه من الله تعالى هداية لنا، موضحاً أن النزول في القبر من الناحية الفيزيائية بالنسبة لأجساد الأنبياء يختلف عن عامة البشر فجسدهم يحرم على الأرض أن تأكله.

وبين مستشار المفتي، أن الحياة البرزخية لها قانون آخر وخاصة مع النبي صلى الله عليه وسلم فحياته صل الله عليه وسلم تساوى وفاته بالنسبة لنا فهو حي فكل قلوبنا متجسداً في سنته وسيرته ولا نستطيع بغير ما جاء به العادي، وعنه صلى الله عليه وسلم قوله :"حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ ، تُحْدِثُونَ وَيَحْدُثُ لَكُمْ ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمُ ، تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ فَمَا كَانَ مِنْ حَسَنٍ حَمِدْتُ اللَّهَ ، وَمَا كَانَ مِنْ سَيِّءٍ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ".

أيام الأنبياء أيام بركة وسلام

ورداً على سائل يقول : ما حكمُ الاحتفالِ بالمولدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ؟، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو بدرَ التتمةِ، وسيدَ الأئمَّةِ، وهو الذي أتمَّ اللهُ تعالىٰ به النعمةَ، وقوَّم به الملةَ، وهدىٰ به العربَ والعجمَ، وحلَّت به أكابرُ النِّعَم، واندفعت به عظائمُ النِّقَم، فميلادُه ﷺ كان ميلادًا للحياة.

ولفت أنه في يوم الميلاد تتم نعمةُ الإيجاد التي هي سببُ كلِّ نعمةٍ بعدَها، ويومُ ميلاد النبي ﷺ سببُ كلِّ نعمةٍ للخَلْقِ في الدنيا والآخرة، موضحاً أن الله تعالى كرم يوم مولد الأنبياء علىٰ نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وجعلها أيامَ بركةٍ وسلامٍ؛ فقال سبحانه وتعالىٰ عن سيدنا يحيىٰ بن زكريا علىٰ نبينا وعليهما الصلاةُ والسلامُ: {وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ...} [مريم:15]، وقال علىٰ لسان سيدنا عيسىٰ ابنِ مريم علىٰ نبينا وعليهما السلام: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ...}. [مريم:33]

وأشار إلى أنه كما كانت لبني إسرائيلَ أيامٌ نجَّاهم اللهُ تعالىٰ فيها من ظلمِ فرعونَ وبَطْشِهِ، وأمر نبيَّه موسىٰ علىٰ نبينا وعليه الصلاةُ والسلامُ أن يذكِّرهم بها؛ فقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَىٰ النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم:5]، فكذلك من أيام الله تعالىٰ علىٰ أهل الأرض مولدُ النبي ﷺ الذي دفع اللهُ به عن أهل الأرض ظلماتِ الغيِّ والبغيِ والضلالة.

وقد سنَّ لنا رسولُ اللهِ ﷺ بنفسه جنسَ الشكرِ لله تعالىٰ علىٰ ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه ﷺ كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه». [أخرجه مسلم]

 وإذا ثبت ذلك وعُلم فمن الجائز للمسلم -بل من المندوبات له- ألا يمرَّ يومُ مولدِه من غير البهجة والسرور والفرح به ﷺ، وإعلانِ ذلك، واتخاذِ ذلك عُنوانًا وشعارًا.

قال الإمام السخاويُّ رحمه الله تعالىٰ في (الأجوبة المرضية جـ3 صـ1116 ط. دار الراية 1418هـ): ثم ما زال أهلُ الإسلامِ في سائر الأقطار والمدن العظام يحتفلون في شهر مولده ﷺ وشرَّف وكرَّم، يعملون الولائمَ البديعةَ المشتملةَ علىٰ الأمورِ البهِجَةِ الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويُظهرون السرورَ، ويَزيدون في المبرَّاتِ، بل يعتنون بقراءة مولدِه الكريمِ، وتظهر عليهم من بركاته كلُّ فَضْلٍ عميم)اهـ.

وما ذكره الإمامُ السخاويُّ رحمه الله تعالىٰ هو ما نقصده بعمل المولدِ النبويِّ الـمُنيف صلىٰ الله وسلم علىٰ صاحبه.

وتساءل: هل ينكر عاقلٌ ذو لُبٍّ سليمٍ جوازَ الفرحِ بمولدِه، والاحتفاءِ بطلعته المُنيرةِ علىٰ الأرض ﷺ بهذه الطريقة الشرعية التي تندرج كلُّ تفصيلةٍ منها تحتَ أصلٍ من أصولِ الشرع الشريف، وقواعده الكلِّيَّة؟!

وشدد الأزهر على أن  الاحتفال بمولده ﷺ من المندوبات، وهو مظهر من مظاهر تعظيمه وتوقيره ﷺ الذي هو عنوان محبته ﷺ التي لا يكتمل إيمانُ العبدِ إلا بتحقيقها.