الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زلزال القرن الأفريقي.. هل تكتب حرب تيجراي نهاية آبي أحمد قريبا؟.. ديكتاتور إثيوبيا غرق في فخ «عملية الأسبوعين».. وحكومته محاصرة بين المعارضة المسلحة والعقوبات الدولية

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

أعلنت جبهة تحرير شعب تيجراي، أمس الأربعاء، عن انتصارات حاسمة حققتها في عدة جبهات ضد القوات النظامية لحكومة رئيس الوزراء آبي أحمد والقوات الإريترية المتحالفة معها.

 

الحرب كارثة إنسانية في الشمال

وبدأت الحرب الأهلية في إثيوبيا تأخذ أبعادا غير مسبوقة، حيث واصل متمردو تيجراي زحفهم نحو العاصمة أديس أبابا تزامنًا مع عدد من التحركات الدولية الهادفة إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار.. وأعربت الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن حول إثيوبيا، عن قلقها الشديد من الانزلاق المتسارع لهذا البلد نحو سيناريوهات مجهولة تهدد بكارثة إنسانية في بلد كبير ومهم بمنطقة القرن الأفريقي.

 

وأكدت الأمم المتحدة أن ما لا يقل عن سبعة ملايين إثيوبي يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، فيما يعاني ما لا يقل عن 13 مليون آخرين من انعدام الأمن الغذائي. وفي هذا السياق دعت الأمم المتحدة الأطراف المتحاربة إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع دون عوائق في إطار مكافحة أزمة الجوع. يذكر أن برنامج الغذاء العالمي سبق وأن ناشد الأسبوع الماضي جميع أطراف النزاع بالسماح للشاحنات المحملة بالأغذية والأدوية وإمدادات إنسانية أخرى بالوصول إلى أولئك الذين يحتاجون إليها، لكن هذه المناشدات لم تلق آذانا صاغية حتى الآن.

 

وفي حوار مع إذاعة دويتشه فيله الألمانية أوضح موريثي موتيجا، الخبير في معهد الأزمات الدولية بكينيا أن "الوضع في إثيوبيا شديد الخطورة، وربما يمكن وصفه بأخطر لحظة في تاريخ هذا البلد منذ عقود". وتابع أن المشكلة الرئيسية هي أن كل الاطراف قررت حل هذا الصراع بالوسائل العسكرية، موضحا أن قوات تيجراي قد تعززت "ويبدو أنها عازمة على اتخاذ الخطوات الحاسمة التي قد تؤدي إلى إنهاء الحصار في تيجراي أو انهيار حكومة أبي".

 

الاتحاد الأوروبي مُستعد لفرض عقوبات

الاتحاد الأوربي قلق بدوره من تطورات الوضع، إذ أعرب عن استعداده لفرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في الحرب والأزمة الإنسانية في إقليم تيغراي. وقال جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد أن "الاتحاد الأوروبي يظل على استعداد لاستخدام جميع أدوات سياسته الخارجية، بما في ذلك الإجراءات الجذرية، لتعزيز السلام والامتثال لحقوق الإنسان وللمساعدة على إنهاء الصراع".

 

ويبدو أيضا أن عددا من القوى الغربية الأخرى تبحث مسألة فرض عقوبات في نفس الاتجاه. خصوصا بعد بدء سريان نظام عقوبات وقعه الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد المسؤولين عن إطالة أمد الصراع في شمال إثيوبيا وانتهاك حقوق الإنسان وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية. وفي هذا الصدد سيتم فرض حظر السفر وتجميد أصول وزراء وقادة عسكريين ومسؤولين إقليميين. بالإضافة إلى ذلك، يتم التخطيط لفرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى إريتريا وإثيوبيا. وأكد الاتحاد الأوروبي أيضا أنه سيواصل تقديم المساعدات الإنسانية للقرن الإفريقي رغم صعوبة الوصول إلى المحتاجين، فيما عرض بوريل على رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خطة سلام محتملة. واعتبر بوريل أن إثيوبيا "شريك طويل الأمد للاتحاد الأوروبي"، مضيفا أن التكتل "يدعم استقرار ووحدة وسلامة أراضي إثيوبيا".

 

غير أن هذه التهديدات بالعقوبات والدعوات لوقف إطلاق النار من قبل الاتحاد الأوروبي وباقي القوى الدولية الأخرى وحتى الدول المجاورة لإثيوبيا، لم تلق آذانًا صاغية حتى الآن حيث يواصل آبي أحمد الدعوة إلى حسم المعركة بانتصار عسكري. وعلقت على ذلك صحيفة "بفورتهايمه تسايتونج" الألمانية على أخطاء القيادة الإثيوبية في أديس أبابا وقالت "يتعرض رئيس الوزراء آبي أحمد لانتقادات دولية شديدة. وهو متهم بارتكاب جرائم حرب وبالحصار الفعلي لإقليم تيجراي".

 

"عملية الأسبوعين" تحولت لحرب أهلية

شن أبي أحمد حملة عسكرية في نوفمبر من العام الماضي بعد أن هاجم متمردو جبهة تحرير شعب تيجراي قاعدة عسكرية في الإقليم الشمالي للبلاد حيث تتمركز القوات الحكومية. ووعد حينها بأن تكون عملية تستغرق أسبوعين لا أكثر، وبعد عام لم تتبلور بعد أية مؤشرات جدية على انتصار عسكري على المتمردين بل، وازداد القتال ضراوة في الأسابيع القليلة الماضية. وبات التصعيد في منطقة أمهرة والتقدم العسكري من قبل جبهة تحرير شعب تيجراي وجيش تحرير أورومو، والضربات الجوية لسلاح الجو الإثيوبي على ميكيلي، المدينة الرئيسية في تيجراي، تشكل مشهدًا خطيرًا يهدد بتحويل هذه الحرب إلى مأساة قد لا تنهض منها إثيوبيا في المدى المنظور.

 

ورغم مظاهرات التأييد لرئيس الوزراء، فإن مصير العاصمة أديس أبابا بات على المحك؛ فقد ذكر قائد جيش تحرير أورومو في إثيوبيا جال مورو أن قواته اقتربت من العاصمة ويتوقع أن تسقط قريبا. وذكر مورو أن المقاتلين الموالين للحكومة بدأوا يعانون من الانقسامات، واعتبر أن الحكومة الفدرالية تحاول فقط كسب الوقت وإثارة حرب أهلية في البلد، ولهذا تدعو الشعب للقتال.

 

وتهدد الحرب الأهلية إثيوبيا ومنطقة القرن الإفريقي بأسرها. ولا يجب نسيان أن عدد سكان إثيوبيا يبلغ 115 مليون نسمة أي أنها ثاني دولة من حيث السكان في إفريقيا بعد نيجيريا، كما أنها دولة متعددة الأعراق يهددها الانقسام وإضعاف الحكومة المركزية وهي التي لطالما اعتبرت ركيزة للاستقرار في المنطقة. موقع "تاجسشاو" التابع للقناة الألمانية الأولى عاد إلى جذور هذه الحرب الأهلية وكتب أن "الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي قد حددت معالم المشهد السياسي في كامل إثيوبيا لعقود وهيمنت أيضًا على المؤسسة العسكرية. فعندما تولى آبي أحمد رئاسة الحكومة، قام تدريجياً بإلغاء صلاحية هذا الحرس القديم، ووصلت الخلافات السياسية إلى ذروتها إلى أن اندلعت المواجهة العسكرية الحالية. وكان آبي أحمد يراهن على نصر سريع للجيش. لكن في غضون ذلك، أصبحت معنويات القوات محبطة ويبدو أنه ليس لديها الكثير لمواجهة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي".