الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى ميلاده

الطاهر بن جلون: أمارس معارك ومواجهات يومية مع شخصياتي الروائية |نوستالجيا

صدى البلد

تمر اليوم ذكرى ميلاد الكاتب الفرنسي الكبير ذو الأصول المغربية " الطاهر بن جلون " والذي ينتمي إلى الجيل الثاني من الكتاب المغاربة الذين كتبوا باللغة الفرنسية والذي له الكثير من الإصدارات في الشعر والرواية والقصة.

التحق بالثانوية الفرنسية بمدينة طنجة في سن الثامنة عشر ثم تابع دراسته الجامعية في شعبة الفلسفة بجامعة محمد الخامس بالعاصمة الرباط، وهناك ظهرت موهبته الشعرية، وقد صدر ديوانه الأول سنة 1971 بعنوان "رجال في أكفان الصمت" وقد انخرط طاهر ابن جلون في سلك التدريس بالمغرب كأستاذ لمادة الفلسفة، وعندما ظهرت خطة تعريب التعليم بالمملكة المغربية اضطر للهجرة إلى فرنسا سنة 1971، ويعتبر طاهر بنجلون من أكثر الكتاب الفرنكفونيين العالميين ترجمة بل إن رواياته المشهورة ترجمت إلى عشرات اللغات حول العالم.

ممارسة يومية

وبمناسبة ذكرى ميلاده الـ٧٧ نعرض حوارًا صحفيا قام به الطاهر بن جلون في صحفية البيان الكويتية سنة ١٩٨٩ وفيه تحدث عن الكتابة في الوطن العربي وعن نشأته وبدايته، إذ كان ارتباطه طبيعي بالكتابة فلم يسع إليها ولم يكن عنده مشروع أن يصبح كاتباً أو أن يعبر عن أشياء عميقة في حياته من خلال الكتابة "القلم هو الذي ألزمني بالكتابة، فبدأت الكتابة عندما وصلت إلى العشرين من عمري، وكتبت قصائد شعرية عن الواقع المغربي ومشاكل هذا الواقع وكتبت عن قضايا كانت تهمني وتمس إحساسي، وبعد الشعر بدأت كتابة القصة، فقد أصبحت الكتابة عندي ـ في الوقت الحاضر ـ ممارسة  يومية، ليس لها وقت بالضبط. لا أدري من أين تبدأ أو كيف أتخلص منها، هي عمل يومي طبيعي بالنسبة لي كالتنفس أو كالكلام".

داء الواقع

‏يرى الطاهر بن جلون أنه من الصعب أن يتحدث عن تطوره، لأن هذا الأمر متروك للنقاد والذين يفهمون ويدرسون حركة الكتابة والأشياء التي تتشكل وتتغير عند كل مبدع "لكن بصفة عامة يمكن أن أقول أن الكتابة يجب أن تساير العصر، وتحاول أن تكون في مستوى الخيال والواقع العربي والمشاكل المطروحة في هذا الواقع، لأنه واقع فيه الكثير من الأزمات والمشاكل، ويجب أن نكتبه يومياً. ولكن هذا لا يكفي، لأن الواقع دائاً أكبر من اجتهاداتنا الإبداعية. فإذا أردنا أن نعطي صورة عن هذا الواقع، فيجب أن نزيد أكثر من العمل والاجتهاد، لنكون في مستوى متطلبات هذا الواقع، لأنه واقع معقد وغني جداً، فالكاتب عندما يتخيل قصة أو رواية فهو يريد أن ينافس خيال وواقع الحياة اليومية، لكن دائا يبقى في مستوى أدنى، لأن الواقع أغنى وأكبر من خيال الكاتب".

ممارسة الكتابة

‏لا يرى بن جلون أن الكتابة تمثل له عمل شاق إذ يعتبرها واجبا قوميا فأنا لست من الكتاب الذين يعانون شقاء كبيراً في الكتابة، لأنني أحب ممارسة الكتابة، وأحب أن أكتب بصراحة وبكل إحساسي كما أن العلاقة بين الإبداع والمعاناة هي علاقة حتمية، وذلك لأن الواقع يحيط بنا ويدفعنا إلى المشاكل والهموم، فيجب أن نتخلص من تلك المشاكل، والكاتب يتخلص منها بالكتابة عنها، فإذا أردنا أن نعالج مشكلة يومية فعلينا أن نكتب عنها، لأن الكتابة ـ في بعض الأحيان ـ تعيننا على حل بعض المشاكل المعقدة.. لكن الكتابة في الحقيقة ما هي إلا حل مؤقت وليست حلا نهائياً.

مواجهات يومية

ويتحدث الطاهر بن جلون عن العلاقة بين الفضاء الواقعي والفضاء الإبداعي، إذ يرى أنه لا توجد بين الواقع والإبداع علاقة متينة، فهما متشابكان والعلاقة بينهما هي علاقة تداخل ومواجهة، فإذا أردنا أن نشهد على هذا الواقع، فلابد أن نكون على علاقة جدلية معه، حتى نفهمه أكثر، ولنعبر عنه أفضل. فشخصياتي مثل أطفالي، ومثل أصدقائي، هم أناس تعرفت عليهم في الخيال فصاروا أصدقاء يعيشون معي وأعيش معهم، ونمارس معارك ومواجهات يومية، وأظن أن هذا الشيء من الصعب على القارىء أن يفهمه، فأنا سعيد لأني أمارس الحياة اليومية مع كل أشخاصي الذين أعطيت لهم الوجود «وجود نظري ووجود صوري» أعيش معهم وأتجاوب معهم

ويرى أيضا أن الكتابة مهمة خطيرة يقوم بها الكاتب نحو مجتمعه "كما قلت وأكرر أن الواقع العربي واقع مأزوم.. مجروح، وبالطبع الإنسان العربي يمثل هـذا الواقع. وأنا تناولت الإنسان العربي والشخصية العربية بصدق.. فهل هذا يعني أنني أسأت إلى الشخصية العربية بصدقي؟ إنني أقول للنقاد وللأدباء إننا يجب أن نعمل ونبدع ونكتب بجدية ويجب أن يترك للكاتب الحرية والكرامة فيما يكتبه ولنترك للقارىء الحكم".