الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: رسول الله أعظم من عرش الرحمن شأناً وأجل قدرا

رسول الله أعظم من
رسول الله أعظم من عرش الرحمن شأناً وأجل قدر

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن سيدنا النبى ﷺ يُخْبِرنا أن السماء الدنيا فى السماء الثانية حَلْقَةٌ فى فَلاَةٍ أى أن نسبة السماء الدنيا فى حجمها إلى السماء الثانية كنسبة الحلقة فى الصحراء الكبيرة وهذا يعنى هنا نسبة لا تكاد تُذْكَر: واحد إلى مليون أو إلى مليار، لا نعرف بالفعل لأنها أعداد يقولون عنها الأعداد الفلكية حتى يعجز العقل عن تصورها، والسماء الثانية بالنسبة للثالثة كذلك، حلقة فى فَلَاةٍ.

 

وتبع علي جمعة، عبر صفحته على فيس بوك: وهنا يتوقف العقل فنجلس نتصور ما مقدار الاتساع وهذا الإنسان الصغير الذى هو فى أرض الله، هذه الأرض التى لا نستطيع أن ندرك مشارقها ومغاربها، وهذه الأرض ذرة فى ذلك الكون، وأقل من حلقة فى فلاة بالنسبة للسماء الدنيا فما بالك بالسابعة؟! وكل سماء بالنسبة لما بعدها حلقة فى فلاة يعنى ذرة فى كون فسيح، وذلك حتى نصل إلى السماء السابعة فتكون حلقة فى فلاة بالنسبة للعرش؛ فالعرش مخلوق عظيم غاية فى العظمة من ناحية الحجم، إذا رآه أى مخلوق فإنه يسجد لله الذى خلقه؛ يسجد لله انبهاراً بهذا الخلق الذى لا يمكن لعقل أن يحيط به.

 

وأضاف علي جمعة أن الله سبحانه وتعالى يخاطب مخلوقاته وهو خلقها وجعلها تتجه إليه سبحانه وتعالى؛ فالكون كله يسبح {وإن مِّن شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}. والكون يسجد، يسجد له ما فى السماوات وما فى الأرض، الكون مسخر والسماء تبكى وكذلك الأرض تبكى {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ والأَرْضُ ومَا كَانُوا مُنظَرِينَ}.

 

وأشار علي جمعة إلى أن هذه الأشياء يخاطبها ربنا ويجعلها تسير فى تيار يتجه إلى الله، فإن الله مقصود الكل؛ مقصود السماء وكذلك الأرض ومقصود هذا وذاك مما علمنا ومما لا نعلم، فالكل منجذب إليه بالحال والقال إلا قلب الكافر فإنه منجذب إليه بالحال ويأبى بالقال.

واستطرد علي جمعة: هل رأيت اللعنة التى يعيشها الكافر ومدى المصيبة التى يخالف بها تيار الكون؟! فالكون كله يسير فى تيار يتجه إلى الله وهذا الكافر يدير له ظهره ويسير فى الاتجاه المعاكس، وهو على هذا الحال سوف يغرق ويشعر بالتعب، بل هو متعب بالفعل، فحينما تكلمنا مع الكافرين قالوا لنا: نحن فى جهنم .. فقلنا لهم: آمنوا وأخرجوا أنفسكم من جهنم .. فقالوا لا يمكننا، لا نستطيع .. فقلنا سبحان الله {واعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وقَلْبِهِ وأَنَّهُ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ، فهم لا يعرفون كيف يؤمنون من كثرة كفرهم ووصولهم إلى مرحلة الْعُتُلّ، فهناك درجة تسمى بالعُتُلِّيَّة والعياذ بالله تعالى الزنيم .. فالكون كُلُّه يتجه إلى الله { ... إنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرْضِ والْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وأَشْفَقْنَ مِنْهَا وحَمَلَهَا الإنسَانُ إنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} ، {فَقَالَ لَهَا ولِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ، فالسماء والأرض أتوا طائعين عندما خاطبهم، والعرش والسماء السابعة حلقة فى فَلَاة بالنسبة إليه لما خلقه الله لم يُمَكِّنْه أن يتكلم {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، استوى أى أسكته أى استولى عليه وقهره، وهل هذا يعنى أن مخلوقات الله تقهر من الله؟ نعم. فها هو يقول لها {اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً} ، وهذا يعنى أنكم لو لم تأتوا طوعاً فستأتوا كرهاً، فهناك مخلوقات على هذا الحال قد تفكر أو تظن أن لها قدرات معينة، فسوف تأتى قهراً، فالعرش دليل على عظمة الله، فاستواء الله عليه معناه شدة العظمة، فالله عظيم، لا يحيط به العقل.

ولذلك تجد أهل الله وهم يصلون على سيدنا رسول الله ﷺ يقولون للعرش إذا كنت أنت مسروراً لأنك عرش استواء العظمة، فلدينا أحسن منك. وهو سيدنا رسول الله، فهو سيد المخلوقات والكائنات، لماذا؟! لأنه عرش استواء رحمانية الله. فهل الرحمانية أعلى أم العظمة أعلى؟ الرحمانية طبعاً. {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} فهذه فاقت. ولذلك قال " بسم الله الرحمن الرحيم "، ولم يقل " بسم الله الرحمن العظيم ". فيقولون: اللهم صَلِّ على عرش استواء رحمانيتك صلى الله عليه وآله وسلم.

وهذا الكلام يثبت عظمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن قلبه الشريف كان محل استواء رب العالمين من جهة الرحمانية لا من جهة العظمة كما هو لأعظم المخلوقات حجماً وهو العرش المبارك الشريف.

إذن فعندما تقرأ هذه العبارة يجب أن تفهمها " اللهم صَلِّ على عرش استواء رحمانيتك ". وتعرف أن معناها أنك فضلت رسول الله ﷺ على سائر الكائنات ورفعته إلى المقام الأعلى، فهو أعظم من كل عظيم من مخلوقاتك، لأن الله سبحانه وتعالى أرسله رحمة للعالمين بما فيها العرش والفرش وكل شئ، وحصر ذلك فيه فقال {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} ، فهو أسلوب حصر وقصر.

هذا العرش الذى استوى عليه ربنا سبحانه وتعالى، والذى فَضَّلَنَا بأن اتبعنا رسول الله ﷺ الذى هو أعظم منه شأناً وأجل قدراً .. هذا العرش يسبح بحمد الله مع عظمته، وإذا نظر إليه الناظر خر ساجداً لله - ولم يخر ساجداً للعرش فهذه أمة توحيد - لأنه يتبين أن مَنْ خَلَقَ هذا يستحق السجود له، فالكون يسجد، فلابد عليك أيها المؤمن أن تسير فى تيار هذا الكون.