الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إلى الحل أو الحرب.. ليبيا بين مفترقي طرق

علم ليبيا
علم ليبيا

أقل من 48 ساعة تبقت على الموعد المقرر لإجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، وقد بات في حكم المستحيل إجراؤها كما كان مخططًا، وإزاء استحالة الالتزام بالموعد المقرر، اقترحت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، اليوم الأربعاء، موعدا جديدا للانتخابات في البلاد، بعدما بات مؤكدا تأجيل الاستحقاق الرئاسي الذي كان مقررا، الجمعة.

ونشرت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا بيانا عبر حسابها بموقع قالت فيه إنها تقترح تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 24 يناير المقبل، أي بعد شهر تقريبا من الموعد الأصلي. وأضافت المفوضية أنها تدعو مجلس النواب إلى تحديد موعد آخر لعملية انتخاب الرئيس خلال 30 يوما، بحسب ما يقتضي القانون.

وقالت المفوضية إنه على الرغم من جاهزيتها الفنية لتنظيم الانتخابات، إلا أن الأمر أصبح متعذرا بسبب الصعوبات التي واجهتها، وكان آخرها مرحلة "الطعون التي شكلت المنطعف الأخير على مسار العملية الانتخابية، وكانت بمثابة المحطة التي توقفت عندها مساعي الجميع لإنجاز هذا الاستحقاق الانتخابي".

وأرجعت المفوضية أمر تأجيل الانتخابات إلى "قصور التشريعات الانتخابية فيما يتعلق بدور القضاء في الطعون والنزعات الانتخابية، الأمر الذي انعكس سلبا على قرارات المفوضية في الدفاع عن قراراتها، وأوجدت حالة من عدم اليقين من أن قرارات المفوضية جانبها الصواب فيما يتعلق باستبعاد بعض المرشحين الذين لا تنطبق عليهم الشروط".

وبدورها، أكدت اللجنة الانتخابية البرلمانية الليبية على استحالة إقامة الانتخابات الرئاسية الليبية الجمعة المقبلة. ودعت اللجنة رئاسة مجلس النواب إلى "البدء في التخطيط لخارطة طريق سياسية جديدة".

وقال الهادي الصغير، رئيس اللجنة، في خطاب رسمي موجه لرئيس مجلس النواب: "بعد الاطلاع على التقارير الفنية والقضائية والأمنية، نفيدكم باستحالة إجراء الانتخابات بالموعد المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر".

وخاضت ليبيا رحلة طويلة وشاقة ومليئة بالمعوقات خلال العام الحالي وحده، لتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

وفي أوائل أكتوبر، اعتمد البرلمان الموجود في الشرق القانون الذي ينظم الانتخابات التشريعية، لكن المجلس الأعلى للدولة - وهو بمثابة هيئة ثانية في البرلمان ومقره طرابلس - اعترض على هذا القانون، بعدها عدل البرلمان مواعيد التصويت على أن تجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها في 24 ديسمبر الجاري، وهو ما بات شبه مستحيل، والانتخابات التشريعية بعد ذلك بشهر.

وفي الثامن من نوفمبر فتح باب تقديم الترشيحات للانتخابات. وتصاعدت وتيرة الأحداث مع إعلان سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وقائد الجيش الوطني خليفة حفتر خوض الانتخابات الرئاسية ليشتعل صراع قانوني، على ضوء موقعهما الخلافي.

وتسود حالة من البلبلة حول مصير الانتخابات التي لم تتأجل رسميا حتى الآن رغم أنه لا يوجد متسع من الوقت لإجرائها، بل إن عضوا في مفوضية الانتخابات قال إن إجراء الانتخابات في موعدها أصبح "غير ممكن"، فيما أعلن قائد ميليشيا ما يعرف بـ"لواء الصمود" صلاح بادي، المطلوب دوليا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، أنه لن تكون هناك انتخابات رئاسية في الموعد المقرر.

ودعا سبعة عشر مرشحا للانتخابات الرئاسية الليبية، المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى تزويدهم تفسيرات لأسباب عدم إجراء الاقتراع في الموعد المحدد، ما يشكل اعترافا ضمنيًا بأن ليبيا لن تشهد انتخابات رئاسية في 24 ديسمبر.

ولكن لا تبدو أي مؤسسة مستعدة لتحمل مسؤولية إعلان هذا الارجاء في شكل رسمي، وخصوصا أن كلا من المفوضية العليا للانتخابات وبرلمان طبرق (شرق) ينزع عنه مسؤولية القيام بذلك ويحيلها على الطرف الاخر.

وبحسب إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، يرى مراقبون للشأن الليبي أن الفشل في إجراء الانتخابات غالباً ما سيؤدي إلى اندلاع دائرة جديدة من العنف خاصة وأن رفض أحد المرشحين للرئاسة النتيجة وكان يرتكن إلى ميليشياته المسلحة، وهو أمر غير مستبعد على الإطلاق في بلد يسبح في بحر من المرتزقة وتتداخل فيه مصالح إقليمية ودولية.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قد أكد قبل أيام أن سبب عدم التوصل إلى حل للمشكلة الليبية هو "الانقسامات على الأرض، والتدخلات الخارجية، ووجود المرتزقة". وأضاف أبو الغيط في تصريحات لقناة "سكاي نيوز عربية" أن "المسرح الليبي يمر بانقسامات شديدة للغاية بين مختلف المناطق إلى جانب وجود الميليشيات، بالإضافة إلى التدخلات الواضحة من أطراف إقليمية تضع قواتها ونفوذها على الأرض".

وقد خرجت مظاهرات بشرق ليبيا قام بها نشطاء المجتمع المدني والقوى الوطنية ونقابة عمال ليبيا رافضة تأجيل الانتخابات، التي كان مقررا لها في 24 ديسمبر الجاري وطالب المتظاهرون بمعاقبة المعرقلين للاستحقاق الانتخابي، مؤكدين على ضرورة الخروج بالبلاد من النفق المظلم.

وفي تصريح له، قال الناطق السابق باسم مجلس الدولة الاستشاري السنوسي إسماعيل إن "تأجيل الانتخابات يمثل وأدا لأمل الليبيين في بناء دولة مدنية ديمقراطية مستقرة".

وأضاف: "لو أمكن قصر التأجيل على مدة وجيزة من أسبوعين إلى شهر على الأكثر. فهذا تأجيل لن يؤثر على التزامات خريطة الطريق المتفق عليها. أما التأجيل لأمد طويل أو مفتوح فسيدخل البلاد إلى المجهول".

من جانبه، نفى جان العلم المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة عزم ستيفاني ويليامز الإعلان عن أي مبادرة أو خريطة طريق لإنقاذ العملية الانتخابية في ليبيا.

وقال المتحدث إن "أي مبادرة أو قرار عن الانتخابات تعود ملكيته ومسؤوليته إلى الليبيين والسلطات المحلية في البلاد".