الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لا أحد ينام بالقرنة.. مهرجان التحطيب وإحياء التراث الشعبي في الأقصر

صدى البلد

لا أحد ينام داخل القرنة بالأقصر خلال الفترة الحالية، إذ ترتفع أصوات "العصيّ" خلال نزال يجتمع حوله أهل الصعيد رغبة منهم في إحكام سيطرتهم على هذه اللعبة التي تجمع المتنافسين من شتى بقاع الصعيد.


فخلال الفترة الحالية يقام بمحافظة الأقصر مهرجان التحطيب في دورته الحادية عشرة، بعد أن توقف لعامين، إذ عاد المهرجان مرة أخرى تزامنًا مع افتتاح المرحلة الأولى من قرية المعماري الكبير حسن فتحي، حيث قررت وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم إقامته سنويا بقرية القرنة، بعدما كان يحتفى به سنويًا في ساحة أبو الحجاج بالأقصر.

حلم مؤجل

هنا داخل "القرنة" لا أحد ينام من سكان القرية، فقد تحققت أحلام أهالي القرية باكتمال المرحلة الأولى من مشروع ترميم وإعادة تأهيل القرنة الجديدة، وبجانب ذلك فقد تحققت إحدى أحلام معماري الفقراء حسن فتحي، بعد أكثر من 70 عامًا من حلمه المؤجل، والذي لم يرى النور خلال حياته ولم يكتمل لأسباب عديدة تحدث عنها بإسهاب في كتابه الأشهر "عمارة الفقراء"؛ إلا أن حلمه المؤجل تحقق بعد سنوات طويلة إذ انضم التحطيب لمكونات القرنة الجديدة، والذي أصبح بمثابة طوق نجاة للعبة عريقة ظلت لسنوات تمارس على المستوى الشعبي من خلال مبادرات شعبية، إلى أن حملت وزارة الثقافة على عاتقها مسئولية تنظيم مهرجان التحطيب كوسيلة تمكنها من الحفاظ على إرث الأجداد من خلال لعبة لطالما مثلت مفردة هامة من مفردات التراث المصري غير المادي، والذي استطاعت مصر أن تدرجها على قوائم اليونسكو كتراث ثقافي غير مادي في سنة 2016.

حلم المبارزة

لا تقتصر لعبة التحطيب على كبار السن فقط، إذ يحرص الأطفال أيضًا على "تجريب" اللعبة من خلال الإمساك بقطع خشبية صغيرة إعلانًا منهم ببدأ مرحلة مبكرة من حياتهم في توارث لعبة الأجداد، فهم يمسكون بين أيديهم بعصي صغيرة، ويبدأون المبارزة على بعد أمتار من الساحة الكبرى التي يتبارز فيها آباءهم وأجدادهم، فهم يحلمون ذات يوم أن يتبارزوا بعصيان حقيقة كما يفعل تمامًا الكبار.

واجب مقدس

لا يمكن اعتبار "التحطيب" بالنسبة لأهل الصعيد بأنها مجرد "لعبة" فهم يعتبرونها بمثابة "واجب مقدس" وهي امتداد لجذورهم التي دائمًا ما يعتزوا بها كثيرًا، فهي بالنسبة إليهم لعبة مارسها نبي موسى وفقًا لما ذكروه لنا، فقد تحدث معنا الحاج صالح وهو أحد المشاركين بالمهرجان أنه يلعبها لأنه يريد أن يحيي ما كان يفعله موسى عليه السلام، إذ استشهد بقوله تعالى: "قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ" وقد ذكر لنا أن هذه المآرب التي ذكرها موسى كان من ضمنها "التحطيب"، فهو يصر على رأيه ويقول إن هذه اللعبة مارسها قدماء المصريين، وهي تضرب بجذورها لآلاف السنين، وقد اتفق معه الرأي جميع المشاركين الذين تحدثنا معهم، والذين طالبوا بضرورة إقامة الكثير من المهرجانات والمسابقات من جانب وزارة الثقافة لتشجيع المنافسة فيما بينهم.
 


يذكر أن المهرجان القومي للتحطيب يعد الأشهر في محافظة الأقصر وتوقف خلال العام الماضى بسبب جائحة كورونا وتقام الدورة 11 منه بمشاركة 33  لاعبا و7 فرق هي "بني سويف، المنيا، قنا، ملوي، أسيوط، الاقصر، سوهاج" للفنون الشعبية، إلى جانب فرقة الاقصر للآلات الشعبية، وفرقة النيل للموسيقى والغناء، ونخبة من شيوخ اللعبة .