الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يعالج نفسه بقيام الليل .. مناقب لا تعرفها عن هذه الصلاة

يعالج نفسه بقيام
يعالج نفسه بقيام الليل

يعالج نفسه بقيام الليل.. يغفل كثير منا فضل صلاة قيام الليل، وما بها من مناقب عظيمة أخبر عنها القرآن الكريم وبشر بها النبي صلى الله عليه وسلم ومنها أنه يمكن للإنسان أن يعالج نفسه بقيام الليل.

والسؤال الذي يرد بخاطره كيف تعالج نفسه بقيام الليل؟، وما هي الأمور التي تعالج منها؟، وما هي مناقب تلك الصلاة؟، وكيف يحصل على أجرها؟، وهل حقاً يغير قيام الليل القدر؟

يعالج نفسه بقيام الليل

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث نبوية عديدة في شأن قيام الليل ومنها ما رواه عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رجُلانِ مِن أُمَّتي يَقومُ أحَدُهما مِنَ اللَّيلِ فيُعالِجُ نفْسَه إلى الطَّهورِ وعليه عُقَدٌ، فيَتَوضَّأُ، فإذا وَضَّأَ يدَيهِ انحلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا وَضَّأَ وَجْهَه انحلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا مسَحَ رأسَه انحلَّتْ عُقْدةٌ، وإذا وَضَّأَ رِجْلَيهِ انحلَّتْ عُقْدةٌ، فيقولُ الرَّبُّ للذينَ وراءَ الحِجابِ: انظُروا إلى عَبْدي هذا يُعالِجُ نفْسَه، ما سألَني عَبْدي هذا فهو له".

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ".

يعالج نفسه بقيام الليل

وصلاة قيام الليل من السنن الرواتب التي حض عليها الدين الإسلامي فوردت في كتاب الله تبارك وتعالى ودل عليها توجيه النبي يقول تعالى:"قم الليل إلا قليلا"، وفي السنة المشرفة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلى ركعةً واحدةً، توتر له ما قد صلى". 

وقد رغًب القرآن الكريم على طاعة الليل وقيامه ولو بسجدة واحدة فقال جل وعلا:" وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا"، وقال المولى سبحانه وتعالى:" وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ".   

وهي صلاة تكون معظم الليل أو جزء منه، وتتحقق بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله كثيراً، تبدأ من بعد صلاة العشاء وينتهي بأذان الفجر، ومن نام بعد أن صلى العشاء ثم استيقظ فهذا يسمونه تهجدًا فالتهجد من ضمن قيام الليل، وأفضل وقت فى هذه المدة هو الثلث الأخير من الليل وتجوز في أي وقت حتى ولو كانت بعد صلاة العشاء مباشرة.

وهي من الأوقات التي يستجاب دعاؤها لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن الله عزوجل ينزل إلى السماء الدنيا و يتجلى على الخلق ويقول: "هل من داعٍ فاستجيب له هل من مستغفرٍ فأغفر له هل من سائلٍ فأعطيه حتى يطلع الفجر".

يعالج نفسه بقيام الليل

وفضل صلاة قيام الليل أو صلاة جوف الليل، أو صلاة الثلث الأخير من الليل، كما يذكر الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، والمفتي السابق خلال بيانه معني ودلالة المضاجع في قوله تعالى "تتجافي جنوبهم عن المضاجع" قائلاً:"هي جمع مضجع، وهي مصدر ميم يأتي للدلالة على المكان أو الزمان، فتعني مواضع النوم، أو أوقات النوم. والمعنى أن هؤلاء المؤمنين الأخيار من صفتهم أن تتنحى جنوبهم وتبتعد عن مواضع نومهم، وفي ذلك دلالة على ترك النوم لذكر الله، وهو ما يحدث في صلاة الليل.

ولفت إلي أن الله سبحانه وتعالي قد هيأ نبيه ﷺ بقيام الليل لتحمل الوحي وأعباء الرسالة، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا"، كما وعد نبيه صلي الله عليه وسلم  بالمقام المحمود بقيام الليل الذي افترضه عليه سبحانه وتعالى، فقال : "وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا".

وأشار إلى أن الله تبارك وتعالى قد ذكر صفات المؤمنين ومنها أنهم كانوا يبيتون لربهم في صلاة وذكر، فقال تعالى: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا".

وفي بيان مناقب الصلاة في جوف الليل يقول: قيام الليل كان من أسباب دخول المؤمنين الجنة، حيث قال تعالى : "كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ"، بل جعل الله سبحانه وتعالى قيام الليل من أسباب العلم به بالله والعلم بالحقائق، وقال تعالى : "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ".

كما أخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم : "أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل" "رواه مسلم"، كما وعد النبي ﷺ قيام الليل من أسباب دخول الجنة فقال صلي الله عليه وسلم  : «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" "رواه الحاكم في مستدركه، وابن ماجه في سننه، والدرامي في سننه".

ويختتم الرسول صلي الله عليه وسلم كان يحث أصحابه علي الحرص علي الصلاة في جوف الليل بالقول: "عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد"رواه أحمد والترمذي.

يعالج نفسه بقيام الليل

ومن مناقب قيام الليل أنه يحقق في صاحبه صفات عباد الرحمن والمؤمنين، وعلامة من علامات المتّقين، فمن اتصف به كان من المتقين النبلاء؛ لأنّه لا يقدر على قيام الليل إلا من وفّقه الله -تعالى- له، قال تعالى: «وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا».

كما أنه مناجاة لله ويقين بالإجابة، فعن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله -عزّ وجلّ- ينزل إلى السماء الدنيا ويخاطب أهل الأرض هل من داعٍ فيستجاب له"، كما أن فيه ساعة إجابة لا يسأل فيها المسلم شيئًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه.