الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حصاد 2021.. عام الإنذار من كوارث المناخ .. ظواهر متطرفة تغير وجه كوكب الأرض .. صحوة دولية في اللحظات الأخيرة.. ومصر تستعد لدور قيادي في جهود الإنقاذ

كوارث المناخ
كوارث المناخ

مثلما حصد العام الماضي 2020 اللقب المشؤوم "عام الجائحة" بسبب فيروس كورونا، استحق عامنا هذا المشرف على نهايته لقب "عام المناخ"، أو لنكون أكثر دقة يمكننا تسميته "عام الإنذار"، إذ شهد العام ظواهر تكاد تكون غير مسبوقة في تطرفها، من موجات الحرارة القاسية إلى الفيضانات والحرائق المدمرة إلى الجفاف المهدد للحياة.

وحطمت الظروف الجوية القاسية في 2021 أرقاما قياسية في مختلف أنحاء العالم، ولقي المئات حتفهم في عواصف وموجات حر وحرائق وفيضانات. كما عانى المزارعون من الجفاف، والذي أدى في بعض الحالات لانتشار أسراب الجراد. وفيما يلي أبرز الأحداث التي تتعلق بالتغير المناخي في عام 2021، بحسب وكالة رويترز.

2021.. كوارث مناخية في كل مكان

في شهر فبراير، هبت موجة شديدة البرودة على ولاية تكساس الأمريكية التي تتمتع في العادة بالدفء، وأسفرت هذه الموجة عن مصرع 125 شخصا في الولاية وانقطاع الكهرباء عن الملايين وسط درجات حرارة تصل إلى التجمد.

وفي الشهر ذاته، شهدت كينيا ومناطق أخرى في شرق أفريقيا موجة من أسوأ موجات انتشار الجراد منذ عشرات السنين. يدمر الجراد محاصيل وأراضي رعي الماشية. ويقول العلماء إن أنماط الطقس غير العادية المتفاقمة بفعل التغير المناخي خلقت ظروفا مثالية لتكاثر الجراد.

وفي شهر مارس، تحولت سماء العاصمة الصينية بكين إلى اللون البرتقالي وتوقفت حركة الطيران خلال أسوأ عاصفة رملية تشهدها العاصمة الصينية من عشر سنوات.

وفي شهر يونيو، غرق غرب الولايات المتحدة، في موجة جفاف ظهرت في أوائل 2020. وهجر مزارعون محاصيلهم وأعلن المسؤولون إجراءات استثنائية، كما انخفض منسوب المياه في خزان سد هوفر إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، ولقي المئات حتفهم خلال موجة حر سجلت أرقاما قياسية في الشمال الغربي المطل على المحيط الهادي في الولايات المتحدة وكندا.

وخلص العلماء إلى أن "من المستحيل فعليا" أن تحدث هذه الموجة لولا التغير المناخي. وخلال الموجة الحارة وصلت الحرارة في ولايتي بورتلاند وأوريجون إلى مستوى قياسي مرتفع بلغ 46.7 درجة مئوية. كما ذابت خطوط الكهرباء وظهرت التواءات في الطرق، وفتحت بعض المدن مراكز تبريد لحماية سكانها من الحرارة.

وفي يوليو الماضي، أدت فيضانات كارثية إلى مقتل أكثر من 300 شخص في إقليم خنان بوسط الصين عندما هطلت في ثلاثة أيام فحسب أمطار تعادل ما يسقط في العام كله.

وفي الشهر ذاته، سقط قرابة 200 قتيل في أوروبا عندما أغرقت أمطار غزيرة ألمانيا وبلجيكا وهولندا. وخلص العلماء إلى أن تغير المناخ زاد على الأرجح الفيضانات بنحو 20%.

وفي يوليو أيضًا، تسببت موجة حر وجفاف بلغت فيها درجات الحرارة مستوى قياسيا في اشتعال حريقين هائلين في الغابات في ولايتي كاليفورنيا وأوريجون، كانا من بين أكبر الحرائق في تاريخ الولايتين. وقال العلماء إن وتيرة الحرائق وشدة تصاعدها ترجعان إلى حد كبير للجفاف المستمر منذ فترة طويلة ولزيادة موجات الحر الشديدة جراء التغير المناخي.

كذلك عانت مساحات شاسعة من أمريكا الجنوبية من الجفاف المتواصل. وكما تعاني تشيلي من جفاف شديد منذ عشر سنوات مرتبط بالاحتباس الحراري، فقد شهدت البرازيل هذا العام واحدا من أكثر الأعوام جفافا منذ قرن. وفي الأرجنتين انخفض منسوب نهر بارانا ثاني أطول أنهار أمريكا الجنوبية إلى أدنى مستوى منذ 1944.

وفي شهر أغسطس، تسببت الحرارة الشديدة وجفاف الطقس في منطقة البحر المتوسط خلال الصيف في انتشار الحرائق الهائلة التي أرغمت الآلاف على ترك بيوتهم في الجزائر واليونان وتركيا.

وبحلول أواخر الشهر، اضطر العاملون في منتجع سويسري بجبال الألب لنشر أغطية واقية على الكتل الجليدية في جبل تيتليس خلال شهور الصيف، لحماية ما تبقى من الثلوج. وقالت الحكومة إن سويسرا فقدت 500 من الكتل الجليدية، وربما تفقد 90% من الكتل الباقية البالغ عددها 1500 بنهاية القرن الحالي، إذا استمرت الانبعاثات العالمية في الزيادة.

وفي بداية سبتمبر، دك الإعصار أيدا ولاية لويزيانا الأمريكية بقوة عاصفة من الدرجة الرابعة، وقتل قرابة 100 شخص في الولايات المتحدة، وتسبب في دمار تم تقديره بنحو 64 مليار دولار، وفقا لما قاله المركز الوطني للمعلومات البيئية.

وتعرضت البنية التحتية والمنازل في روسيا للخطر على نحو متزايد، مع ذوبان الطبقة المتجمدة تحت سطح الأرض وتسببها في تشوه الأرض من تحتها. ويهدد ارتفاع درجة الحرارة على مستوى العالم طبقة الثلوج والتربة والصخور والرمال والمواد العضوية.

وفي نوفمبر الماضي، أثرت أسوأ فيضانات منذ 60 عاما في جنوب السودان على حياة حوالي 780 ألفا من السكان، وفقا لما تقوله مفوضية الأمم المتحدة للاجئين. وكل عام يشهد جنوب السودان موسما مطيرا، لكن الفيضانات سجلت أرقاما قياسية في ثلاثة أعوام على التوالي.

والشهر الماضي أيضًا، أسقطت عاصفة هائلة خلال يومين فقط كمية من الأمطار تعادل أمطار شهر في إقليم كولومبيا البريطانية الكندي. مما أدى إلى فيضانات وانهيارات طينية دمرت طرقا وخطوط سكك حديدية وجسورا.

مؤتمر المناخ في جلاسكو.. الاكتراث أخيرًا

وألقت كل هذه الظواهر الكارثية بظلالها على مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26) الذي استضافته مدينة جلاسكو الاسكتلندية البريطانية في نوفمبر الماضي، الذي توافقت خلاله نحو 200 دولة على تحديد خفض درجة حرارة الأرض وكبح الاحترار العالمي وإبقاء الزيادة في درجة الحرارة تحت سقف 1.5 درجة مئوية كهدف مشترك تتوزع مسؤولياته على دول العالم.

وتوج هذا الاتفاق مفاوضات على مدى أسبوعين من أجل إحداث توازن بين مطالب الدول المعرضة للتأثر بالمناخ والقوى الصناعية الكبرى، وتلك الدول التي يعتبر استهلاكها أو صادراتها من الوقود الأحفوري أمرا حيويا لتطورها الاقتصادي.

ومن أبرز التعهدات التي تمخضت عنها مخرجات مؤتمر جلاسكو التعهد بوقف إزالة الغابات بحلول عام 2030، والتعهد بالحد من انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30٪ بحلول عام 2030، و تعهد من الحكومات والقطاع الخاص بتقديم مليارات الدولارات نقدا لدعم قضية المناخ.

وعلى الرغم من كل هذه التعهدات، حذر نشطاء المناخ من أن هذا قد لا يكون كافيا للإبقاء على الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية. وأشار البعض إلى مشاكل المساءلة فيما يتعلق بالتزامات قادة العالم، بينما قال آخرون إن القادة لم يرقوا إلى مستوى الأهداف السابقة.

مصر تتقدم

وفي هذا الإطار، تستعد مصر لاستضافة الدورة المقبلة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27)، واجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي السبت الماضي مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وعدد من الوزراء، حيث تناول الاجتماع متابعة تحضيرات استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ COP27 للعام القادم 2022.

ووجه الرئيس بإخراج هذا الحدث العالمى الضخم على أرض مصر على نحو يعكس للعالم التقدم الكبير الذي تشهده مصر في مجال البيئة والتحول لاستخدامات الطاقة النظيفة، في إطار جهود الدولة الحثيثة في الوفاء بالتزاماتها تجاه الإنسانية بحماية البيئة، وكذلك عرض صورة الدولة الحديثة في مصر وجهودها في تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة "مصر 2030".

كما وجه الرئيس بتعزيز مهام اللجنة العليا المشكلة في هذا الصدد برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية مختلف الوزارات والجهات الحكومية المعنية لصياغة خطط عمل تخصصية للإعداد للقمة من كافة الجوانب، مع عرض تقارير متابعة دورية في هذا الخصوص.

2021 ليس الأدفأ ولكنه الأكثر مأساوية

ووفقاً للتقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021 والذي استند إلى بيانات الأشهر التسعة الأولى من عام 2021، فإن السنوات السبع الماضية في طريقها لأن تكون أدفأ سبع سنوات في التاريخ المسجّل. وإن حدوث ظاهرة تبريد مؤقت من ظواهر "النينيا" في أوائل هذا العام يعني أنه من المتوقع أن يحتل عام 2021 المرتبة الخامسة أو السادسة أو السابعة فقط من بين أدفأ الأعوام في التاريخ المسجّل، ولكنه لا ينفي ولا يعكس الاتجاه الطويل الأمد لارتفاع درجات الحرارة.

ومن الجدير بالذكر أن ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي قد تسارع منذ عام 2013 حتى بلغ مستوى غير مسبوق في عام 2021، مع استمرار ارتفاع درجات حرارة المحيطات وزيادة نسبة تحمض المحيطات.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش: "إن التقرير المؤقت الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بشأن حالة المناخ العالمي في 2021 يقوم على أحدث الأدلة العلمية ويكشف لنا كيف يتغير كوكبنا أمام أعيننا. فمن أعماق المحيطات إلى قمم الجبال، تتدهور النظم الإيكولوجية وتتضرر المجتمعات في جميع أنحاء العالم بسبب ذوبان الأنهار الجليدية وظواهر الطقس المتطرفة المستمرة بلا هوادة. ولذلك، يجب أن يكون مؤتمر الأطراف السادس والعشرون نقطة تحول بالنسبة للشعوب والكوكب".

وكان متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2021 (استناداً إلى بيانات الفترة الممتدة من يناير إلى سبتمبر) أعلى من متوسط الفترة 1850-1900 بنحو 1.09 درجة مئوية. ووفقاً لمجموعات البيانات الست التي استخدمتها المنظمةالعالمية للأرصاد الجوية في التحليل، يحتل عام 2021 حالياً المرتبة السادسة أو السابعة من بين أدفأ الأعوام في التاريخ المسجّل. ولكن هذه المرتبة قد تتغير في نهاية العام.

ومع ذلك، فمن المرجّح أن يحتل عام 2021 المرتبة الخامسة أو السادسة أو السابعة من بين أدفأ الأعوام في التاريخ المسجّل، فتصبح الأعوام من 2015 إلى 2021 هي أدفأ سبعة أعوام في التاريخ المسجّل.

وعام 2021 أقل دفئاً من الأعوام الماضية بسبب تأثير ظاهرة نينيا معتدلة حدثت في بداية العام. ولظاهرة النينيا تأثير تبريدي مؤقت في متوسط درجة الحرارة العالمي وهي تؤثر في الطقس والمناخ الإقليميين. وتجلى تأثير ظاهرة النينيا في المنطقة الاستوائية من المحيط الهادئ في عام 2021؛ علماً بأن أحدث ظاهرة نينيا قوية كانت في عام 2011. وإن عام 2021 أدفأ من عام 2011 بمقدار يتراوح تقريباً بين 0.18 و0.26 درجة مئوية.

وبعد بلوغ نقص التغذية ذروته في عام 2020 (768 مليون شخص)، أشارت التوقعات إلى انخفاض عدد الأشخاص الذين يعانون الجوع في العالم إلى قرابة 710 ملايين شخص في عام 2021 (9%). ومع ذلك، حتى أكتوبر 2021، كانت الأرقام في العديد من البلدان أعلى مما كانت عليه في عام 2020.

وكانت لظواهر وظروف الطقس المتطرف، التي غالباً ما تتفاقم بسبب تغير المناخ، آثار كبيرة ومتنوعة على نزوح السكان وضعف الأشخاص النازحين على مدى العام. ومن أفغانستان إلى أمريكا الوسطى، تضرب فترات الجفاف والفيضانات وظواهر الطقس المتطرفة الأخرى المجتمعات الأقل استعداداً للتعافي والتكيف.