تستضيف مصر في هذا العام دولة اليونان كضيف شرف لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ٥٣، والتي كثيرًا ما تفاعلت مع الثقافة المصرية منذ أن جاء محمد عليّ إلى مصر.
جذور ممتدة
دخلت العلاقة اليونانية المصرية أزهى فتراتها، حيث قام محمد عليّ باشا وبسبب مولده ونشأته في اليونان، بدعوة أصدقائه من التجار ورجال الأعمال أن يستثمروا في مصر، إذ وصل عدد أفراده في النصف الأول من القرن العشرين بنحو 200 ألف فرد داخل العديد من مدن وقرى مصر. إذ أن اليونانيين وحدهم دون الجاليات الأخرى قد استطاعوا أن يندمجوا مع المصريين في كل مكان، و لم يقتصر وجودهم على الإسكندرية والقاهرة، إذ تعلموا اللغة العربية بل طلبوا أن يتجنسوا بالجنسية المصرية. وقد ساهم اليونانيون بالفعل في العديد من المجالات، فهناك أصناف من القطن تحمل أسماء المهندسين الزراعيين اليونانيين الذين قاموا بزراعتها حتى اليوم، بالإضافة إلى إنشاء الصناعات والمدارس والمستشفيات، وقد ساهم رجل الصناعة اليوناني "فولوناكيس" بشغف في تنظيم الرياضة في مصر.
نسيج المجتمع
كما أن الأفلام اليونانية الأولى قد تم تصويرها في الاستوديوهات المصرية في عشرينيات القرن الماضي، وكانت ولاتزال العلاقة بين أعضاء الجالية اليونانية والشعب المصري ذات طابع خاص، إذ إن الأغلبية العظمى من اليونانيين قد أصبحوا جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري، فتجد اليوناني قد يكن داخل كل زقاق، وشارع، وقرية، ومدينة إذ أقام وعمل مثله مثل المصري.
وقد كان اليونانيون في مصر أول من أقاموا جمعية لإدارة شئونهم وتنظيم حياتهم. وقد تولت هذه الجمعيات إقامة المدارس والمستشفيات والملاجئ ودور للمسنين ورعاية المحتاجين، ولم تتأثر كثيرا الجالية اليونانية من جراء الحرب العالمية الثانية مثلما تأثرت الجالية الألمانية والإيطالية، أو مثلما تأثرت الجالية البريطانية والفرنسية بسبب العدوان الثلاثي، بل إنها بالعكس استمر المرشدون والموظفون والعمال اليونانيون بالقناة بعد التأميم.
إنتاج ثقافي
كان من الطبيعي أن يكون لهذا التواجد اليوناني الكبير إنتاج ثقافي خاص، يزدهر في أجواء دولة بحجم مصر والتي أصبحت متعددة الثقافات والحضارات، إذ إن قطاع الثقافة تواجد داخله عدد كبير من أعضاء الجالية اليونانية والذين أبدعوا وكان لهم إنتاج ثقافي مثل الشاعر العالمي السكندري قسطنطين كافافيس هو أفضل مثل لهذا الإنتاج الثقافي الفريد لشاعر عظيم عاش وأبدع في الإسكندرية وأيضا مثال آخر هو أهم روائي يوناني حتي اليوم ستراتيس تسيركاس والذي وعاش في مصر ومن أهم أعماله ثلاثية المدن الجامحة أبدعها أثناء حياته في مصر.
وهناك شعراء وأدباء يونانيون كثيرون ممن عاشوا وأبدعوا في مصر مثل اليثرسيس، وبيريدس، وناكوبولو وتساكوناس وهم لم يتعرف عليهم القارء المصري بعد بسبب عدم ترجمة أعمالهم مثل حالة كفافيس وتسيركاس وسفيريس.