الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماذا يريد الرجال| كتاب يحوي نظرة فلسفية للنسوية وتأثيرها على الجنس الآخر

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

قدمت المفكرة ومؤلفة كتاب “النساء في اتجاه واحد"، نينا باور، سردا يسهل فهمه بطريقة جذابة، عن أزمة الذكورة المعاصرة، في كتابها الأحدث: “ماذا يريد الرجل”؛ من خلال تحديد عدة طرق يمكن للرجال والنساء من خلالها الحياة معا في حب واحترام.

الاستكشاف الجرئ والمرح والمنفتح لدور الرجال في القرن الحادي والعشرين، كان نقطة انطلاقها في الكتاب، من منطلق “شئ ما بالتأكيد يحدث مع الملايين من الرجال"، خاصة أن نشطاء حقوق الرجال أوضحوا تسجيل نسب مرتفعة لانتحار الرجال.

وتقول نينا باور مؤلفة كتاب “ماذا يريد الرجال”: “من السهل أن نرى أنه بينما لا يزال الرجال يحكمون العالم؛ فإن الرجولة في أزمة”.

ماذا يريد الرجل ؟

كيف يمكن أن يعيش الرجال والنساء معًا في عالم حلت فيه الرأسمالية والاستهلاك، محل القيم، الأسرة، ،الدين، الخدمة، الشرف - التي كانت تضفي معنى على حياتنا؟، لقد نجحت النسوية في تفكيك النظام الأبوي ، ولكن كيف يمكننا التمسك بأفضل رباط مع أبينا ؟.

ومن خلال كتابها المميز، تتناول نينا أزمات الرجال من منظور أكثر اتساعا للأزمة الأصلية، وتفضح الأسرار المخبأة في ثقافتنا لتمكين الرجال والنساء من ممارسة عادات مثل المرح والتسامح، والوصول إلى تفاهم متبادل حقيقي وحياة من الحب.

وتعتقد المفكرة نينا باور أن الرجال يتعرضون للهجوم؛ مما أدى إلى تخلص المجتمع الغربي من الأبعاد الإيجابية للنظام الأبوي، مثل الأب الحامي، الرجل المسؤول، الموقف الأبوي الذي يظهر الرعاية والرحمة. 

متى يتصالح الرجال والنساء ؟

وفي كتابها الجديد ، “ماذا يريد الرجال؟”، أعربت عن الأمل في أنه بعد قدر كبير من المرارة والحزن في السنوات الأخيرة ، يمكن للرجال والنساء التصالح على أساس فهم متجدد وأكبر لبعضهم البعض، وتدعو إلى العودة إلى القيم والفضائل القديمة مثل الشرف والولاء والشجاعة؛ بدلاً من جعلهم يشعرون بالذنب بسبب امتيازهم الجنسي، وتقول: "يجب السماح للفتيان والرجال بأن يكونوا جيدين ، ليصبحوا أفضل".

كذلك للتعبير عن السيطرة الذكورية في القرن الحادي والعشرين؛ تقدم نينا باور نظرة عامة سريعة على المجتمعات الذكورية عبر الإنترنت المعروفة مجتمعة باسم "مانوسفير- Manosphere". 

رجال عازبون دون رغبتهم

وسردت في الكتاب عدة مصطلحات، منها الشباب "الآينسل" وهو مصطلح يعني العازب بشكل لا إرادي أو دون رغبته بسبب الظروف المحيطة به سواء اقتصادية أو اجتماعية، كذلك حركة "MGTOW " للرجال الرافضين للزواج، وحاولت معالجة هذا التفكير "المتطرف" على حد وصفها.

وتقول نينا أنه يجب علينا محاولة فهم هذه المجتمعات بدلاً من معاملتها على أنها منبوذة. ومن المثير للاهتمام ، أنها تقترح أن الثقافة الفرعية حول تحسين الأداء العام يشمل نزعة يسارية راديكالية: “إذا كانت الكتب المؤيدة للذكورية لها جاذبية، فذلك في جزء كبير منه لأنها تقدم صورة للهروب من أنواع مختلفة من الاكتئاب في مجتمع استهلاكي ومتعطش”.

طلبات الرجال في رأي النساء 

يتناول كتاب "نينا باور" بعض الامثلة من منظور نسوي بعدما جمعت إجابات أصدقائها الرجال عن السؤال الذي اختارته عنوانا لكتابها، وهو "ماذا يريد الرجال ؟"، بعض الإجابات كانت متلاعبة مثل "اتركوا الرجال وشأنهم"، ولكنها قامت بتحليل كل تلك الإجابات للمساعدة في الوصول إلى إجابة وهي الهدف من الكتاب، وتضمن الكتاب إجابة احد أصدقائها، كانت سببا في تفكيرها لفترة طويلة إذ قال "أريد أن أكون رجلا صالحا"، ولكن كيف يتحقق ذلك.

وتعد هذه المرة ليست الأولى للكاتبة، التي تقدم فيها كتابا سؤاليا عن "الجندر" (النوع) إذ قدمت الكاتبة والمفكرة كتابا سابقا عن المرأة، وتضمن نقدا قويا لاختيارات النساء.

السوشيال ميديا وصراعات الجندر

يبدأ الكتاب ببعض الحقائق المعروفة، وكتبت : "يجب أن تكون بعض الأشياء واضحة منذ البداية. أن تكون رجلاً ليس شيئًا سيئًا في حد ذاته"، بعد ذلك تطرقت لتغيير النوع عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وكتبت: " وبعد ذلك ، في بيان لشجاعة كبيرة ، على الأقل في بعض دوائر وسائل التواصل الاجتماعي: "أعتقد أن الفرق بين الجنسين حقيقي ومهم على كل مستوى من حياتنا، الجنس له واقع تاريخي بالإضافة إلى حقيقة بيولوجية. من المدمر للجميع التظاهر بأن هذا غير صحيح ".

رفضت نينا تقديم الإجابات في كتابها، بل قدمت مفاهيم مبسطة تصلح لقراءة الآباء، وبالمقارنة بين علمي الأحياء والتاريخ ترى أن الثاني لا يقل أهمية علم الأحياء وفهم الطبيعة البشرية والنفسية، إذ يعد الهدف من الكتاب المساهمة في إعادة بناء المجتمع على أسس محايدة للجنسين، مهما كنت النتيجة متوقعة.

تصر مؤلفة الكتاب على أنه لا بد معرفة كل شئ عن أسلافنا الرجال والنساء، وإعادة النظر في القيم والعادات القديمة، من أجل العيش معا بشكل أفضل، وفي هذا السياق، تحلل بعض المظاهر المتعلفة بالعلاقات بين الجنسين، والتي تعتمد على النظر إلى الظروف الاقتصادية والثقافية بالإضافة إلى التحليل النفسي لها.

الرجال آباء المستقبل

كذلك ترفض الإجابات السهلة حول الذكورة أو أي مفاهيم بسيطة للنظام الأبوي. فهي ، على سبيل المثال ، لن ترفض بالكامل شخصية مثل عالم النفس جوردان بيترسون، الذي يقدم تحليلا بأن البنية القوية أساسية في حياة الرجال، بل دعت إلى استعادة مفهوم الرجولة بالمعنى اليوناني الأصلي للتصرف بالفضيلة، والشعور بالمسؤولية، ولن يتم ذلك عن طريق الوسوم وحدها. وكتبت: "غالبًا ما يشجع عصرنا ويغرس ويحتفل بالطفولة والشكوى المستمرة ومبدأ اقتل كل الرجال لن يتحق أبدا في أي مكان".

في هذا التحليل، بعض الصفات مثل ضبط النفس والانضباط، والامتناع عن المواد الغباحية، إذ أعادت تصويرها كشكل من أشكال المقاومة ضد الرأسمالية، وبعد سنوات من خطاب سياسة الهوية، قد يكون من الجيد قراءة كتاب يحث تنحية خلافات النساء والرجال، وتابعت في بحثها الواضح عن النسوية المعاصرة “يجب أن نكون حذرين من أولئك الذين يسعون إلى إثارة الاستياء”.