أصبحت مدينتي ماريوبول وبوتشا أكثر المدن دمارا في الحرب الروسية على أوكرانيا، بعد معاناة من الهجمات المستمرة، التي بدأت مع انطلاق العمليات العسكرية الروسية في 24 فبراير الماضي.
وتعد مدينة ماريوبول، الواقعة في جنوب شرق أوكرانيا، والتي كان يقطنها 400 ألف شخص قبل الحرب، حلقة مهمة في الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، لذا حصلت على النصيب الأكبر من الهجمات وتعرضت لضربات جوية روسية متتالية خاصة في الأسابيع الأخيرة؛ ومن بين المباني التي تعرضت للقصف مستشفى للولادة ومسرح ومدرسة للفنون.
وتأتي أهمية المدينة باعتبارها أكبر ميناء اوكراني على بحر آزوف، كما أنها نقطة الالتقاء التي ستتيح الربط بين قوات روسيا في شبه جزيرة القرم والقوات المتواجدة بالمناطق الانفصالية الاخرى في دونباس.
وحذرت منظمات إنسانية من "ظروف مروعة" يعيشها سكان مدينة ماريوبول، التي تحاصرها القوات الروسية.
وقال الصليب الأحمر الدولي إن الكثير من الناس نفد منهم الطعام والماء في ظل طقس شديد البرودة، وتشاجر بعض السكان مع بعضهم البعض من أجل الحصول على الإمدادات.
وقال عمدة كييف، فيتالي كليتشكو، عبر فيديو لمؤتمر رؤساء البلديات في جنيف اليوم الثلاثاء، إن عمدة مدينة ماريوبيول أبلغه أن عدد القتلى هناك بلغ 5 آلاف شخص.






أما مدينة بوتشا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 37 ألف نسمة (قبل الحرب) وتبعد 30 كيلومترًا من العاصمة، فقد احتلها الجيش الروسي منذ 27 فبراير، وتعذر الوصول إليها منذ أكثر من شهر؛ وتوقف القصف هناك الخميس ولم تتمكن القوات الأوكرانية من دخولها بشكل كامل إلا قبل أيام قليلة.
ووفقا لوكالة "فرانس برس"، فإن المباني السكني دمرتبالقذائف وانتشرت العديد من السيارات المحطمة كما تناثر الركام واسلاك أعمدة الكهرباء التي سقطت في الشوارع. وحُرم سكانها الذين بقوا فيها وعلقوا بسبب إطلاق النار المتواصل، من الماء والكهرباء وسط درجات حرارة منخفضة للغاية.
وتم العثور على 57 جثة في مقبرة جماعية، وفق ما قال مسؤول الإغاثة المحلي سيرهي كابليشني الأحد الماضي. وبدت عشرات الجثث، بعضها مدفون بشكل جزئي، خلف كنيسة في وسط المدينة، وُضع العديد منها في أكياس سوداء وما امكن رؤيته منها اظهر ان أصحابها يرتدون ملابس مدنية.
وأشار رئيس بلدية بوتشا أناتولي فيدوروك إلى أن الجنود الروس قتلوا هؤلاء الأشخاص "برصاصة في العنق".
وأكد فيدوروك السبت أن "280 شخصًا" دُفنوا "في مقابر جماعية" لتعذر دفنهم في مقابر بوتشا التي كانت في مرمى النيران الروسية أثناء المعارك.
وقال سيرجي نيكيفوروف المتحدث باسم الرئاسة الأوكرانية لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية، "عثرنا على مقابر جماعية، وجدنا أشخاصاً مقيدي الايدي والأرجل (...) مع أثار أعيرة نارية خلف رؤوسهم"، مشيراً إلى أنهم "مدنيون بالتأكيد".
ولا يزال العدد الدقيق للضحايا مجهولا، وفق ما قال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو الذي توجه إلى بوتشا الأحد، مضيفاً "نعتقد أن أكثر من 300 مدني قتلوا".
وقد أثارت الصور والمعلومات الواردة من بوتشا استياءً دوليا.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن "لا يَسَعك إلّا التعامل مع هذه الصور بوصفها ضربة مؤلمة". ورأى حلف شمال الأطلسي أن هذه الأعمال "مروعة" و "غير مقبولة على الإطلاق".
ودعت بريطانيا إلى "فتح تحقيق في جرائم الحرب" وأعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن "الاتحاد الأوروبي يُساعد أوكرانيا والمنظمات غير الحكومية في جمع الأدلة الضرورية لملاحقات أمام المحاكم الدولية". وكشف عن قرب فرض "مزيد من عقوبات الاتحاد الأوروبي ومساعداته".
كما ذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن "مئات المدنيين قتلوا بشكل جبان" في هذه المدينة، مشيرا إلى أن "السلطات الروسية يتعين عليها مساءلة المتورطين في هذه الجرائم".
واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا الأحد بارتكاب "إبادة" و "إلغاء الأمّة الكاملة" في أوكرانيا.
لكن روسيا نفت مقتل مدنيين في بوتشا، مؤكدة أنه "في وقت كانت هذه المدينة تحت سيطرة القوات المسلحة الروسية، لم يتعرض أي مواطن محلي للعنف".





